تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)

تؤتي أكلها كل حين قال الربيع : كل حين غدوة وعشية كذلك يصعد عمل المؤمن أول النهار وآخره ; وقال ابن عباس . وعنه تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها قال : هو شجرة جوزة الهند لا تتعطل من ثمرة ، تحمل في كل شهر ، شبه عمل المؤمن لله - عز وجل - في كل وقت : بالنخلة التي تؤتي أكلها في أوقات مختلفة . وقال الضحاك : كل ساعة من ليل أو نهار شتاء وصيفا يؤكل في جميع الأوقات ، وكذلك المؤمن لا يخلو من الخير في الأوقات كلها . وقال النحاس : وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة ; لأن الحين عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره ، وأنشد الأصمعي بيت النابغة :
تناذرها الراقون من سوء سمها تطلقه حينا وحينا تراجع
فهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت ، فالإيمان ثابت في قلب المؤمن ، وعمله وقوله وتسبيحه عال مرتفع في السماء ارتفاع فروع النخلة ، وما يكسب من بركة الإيمان وثوابه كما ينال من ثمرة النخلة في أوقات السنة كلها ، من الرطب والبسر والبلح والزهو والتمر والطلع . وفي رواية عن ابن عباس : إن الشجرة شجرة في الجنة تثمر في كل وقت . و " مثلا " مفعول ب " ضرب " ، و " كلمة " بدل منه ، والكاف في قوله : " كشجرة " في موضع نصب على الحال من كلمة التقدير : كلمة طيبة مشبهة بشجرة طيبة . الثانية : قوله تعالى : " تؤتي أكلها كل حين " لما كانت الأشجار تؤتي أكلها كل سنة مرة كان في ذلك بيان حكم الحين ; ولهذا قلنا : من حلف ألا يكلم فلانا حينا ، ولا يقول كذا حينا أن الحين سنة . وقد ورد الحين في موضع آخر يراد به أكثر من ذلك لقوله تعالى :هل أتى على الإنسان حين من الدهر قيل في " التفسير " : أربعون عاما . وحكى عكرمة أن رجلا قال : إن فعلت كذا وكذا إلى حين فغلامه حر ، فأتى عمر بن عبد العزيز فسأله ، فسألني عنها فقلت : إن من الحين حينا لا يدرك ، قوله : وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين فأرى أن تمسك ما بين صرام النخلة إلى حملها ، فكأنه أعجبه ; وهو قول أبي حنيفة في الحين أنه ستة أشهر اتباعا لعكرمة وغيره . وقد مضى ما للعلماء في الحين في " البقرة " مستوفى والحمد لله .
ويضرب الله الأمثال أي الأشباه للناس لعلهم يتذكرون ويعتبرون ; وقد تقدم .
تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)

وهي كثيرة النفع دائما، { تُؤْتِي أُكُلَهَا } أي: ثمرتها { كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } فكذلك شجرة الإيمان ، أصلها ثابت في قلب المؤمن، علما واعتقادا. وفرعها من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق المرضية، والآداب الحسنة في السماء دائما يصعد إلى الله منه من الأعمال والأقوال التي تخرجها شجرة الإيمان ما ينتفع به المؤمن وينفع غيره، { وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ما أمرهم به ونهاهم عنه، فإن في ضرب الأمثال تقريبا للمعاني المعقولة من الأمثال المحسوسة، ويتبين المعنى الذي أراده الله غاية البيان، ويتضح غاية الوضوح، وهذا من رحمته وحسن تعليمه. فلله أتم الحمد وأكمله وأعمه، فهذه صفة كلمة التوحيد وثباتها، في قلب المؤمن.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features