سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)

سخرها عليهم أي أرسلها وسلطها عليهم . والتسخير : استعمال الشيء بالاقتدار .
سبع ليال وثمانية أيام حسوما أي متتابعة لا تفتر ولا تنقطع ، عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما . قال الفراء : الحسوم التباع ، من حسم الداء إذا كوي صاحبه ، لأنه يكوى بالمكواة ثم يتابع ذلك عليه . قال عبد العزيز بن زرارة الكلابي :
ففرق بين بينهم زمان تتابع فيه أعوام حسوم
وقال المبرد : هو من قولك حسمت الشيء إذا قطعته وفصلته عن غيره . وقيل : الحسم الاستئصال . ويقال للسيف حسام ; لأنه يحسم العدو عما يريده من بلوغ عداوته . وقال الشاعر :
حسام إذا قمت معتضدا به كفى العود منه البدء ليس بمعضد
والمعنى أنها حسمتهم ، أي قطعتهم وأذهبتهم . فهي القاطعة بعذاب الاستئصال . قال ابن زيد : حسمتهم فلم تبق منهم أحدا . وعنه أنها حسمت الليالي والأيام حتى استوعبتها . لأنها بدأت طلوع الشمس من أول يوم وانقطعت غروب الشمس من آخر يوم . وقال الليث : الحسوم الشؤم . ويقال : هذه ليالي الحسوم ، أي تحسم الخير عن أهلها ، وقاله في الصحاح . وقال عكرمة والربيع بن أنس : مشائيم ، دليله قوله تعالى : في أيام نحسات . عطية العوفي : " حسوما " أي حسمت الخير عن أهلها . واختلف في أولها ، فقيل : غداة يوم الأحد ، قاله السدي . وقيل : غداة يوم الجمعة ، قاله الربيع بن أنس . وقيل : غداة يوم الأربعاء ، قاله يحيى بن سلام ووهب بن منبه . قال وهب : وهذه الأيام هي التي تسميها العرب أيام العجوز ، ذات برد وريح شديدة ، وكان أولها يوم الأربعاء وآخرها يوم الأربعاء ; ونسبت إلى العجوز لأن عجوزا من عاد دخلت سربا فتبعتها الريح فقتلتها في اليوم الثامن . وقيل : سميت أيام العجوز لأنها وقعت في عجز الشتاء . وهي في آذار من أشهر السريانيين . ولها أسام مشهورة ، وفيها يقول الشاعر وهو ابن أحمر :
كسع الشتاء بسبعة غبر أيام شهلتنا من الشهر
فإذا انقضت أيامها ومضت صن وصنبر مع الوبر
وبآمر وأخيه مؤتمر ومعلل وبمطفئ الجمر
ذهب الشتاء موليا عجلا وأتتك واقدة من النجر
و " حسوما " نصب على الحال . وقيل على المصدر . قال الزجاج : أي تحسمهم حسوما أي تفنيهم ، وهو مصدر مؤكد . ويجوز أن يكون مفعولا له ; أي سخرها عليهم هذه المدة للاستئصال ; أي لقطعهم واستئصالهم . ويجوز أن يكون جمع حاسم . وقرأ السدي " حسوما " بالفتح ، حالا من الريح ; أي سخرها عليهم مستأصلة .
قوله تعالى : فترى القوم فيها أي في تلك الليالي والأيام .
صرعى جمع صريع ; يعني موتى . وقيل : فيها أي في الريح .
كأنهم أعجاز أي أصول .
نخل خاوية أي بالية ; قاله أبو الطفيل . وقيل : خالية الأجواف لا شيء فيها . والنخل يذكر ويؤنث . وقد قال تعالى في موضع آخر : كأنهم أعجاز نخل منقعر فيحتمل أنهم شبهوا بالنخل التي صرعت من أصلها ، وهو إخبار عن عظم أجسامهم . ويحتمل أن يكون المراد به الأصول دون الجذوع ; أي إن الريح قد قطعتهم حتى صاروا كأصول النخل " خاوية " أي الريح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم كالنخلة الخاوية الجوف . وقال ابن شجرة : كانت الريح تدخل في أفواههم فتخرج ما في أجوافهم من الحشو من أدبارهم ، فصاروا كالنخل الخاوية . وقال يحيى بن سلام ; إنما قال " خاوية " لأن أبدانهم خوت من أرواحهم مثل النخل الخاوية . ويحتمل أن يكون المعنى كأنهم أعجاز نخل خاوية عن أصولها من البقاع ; كما قال تعالى : فتلك بيوتهم خاوية أي خربة لا سكان فيها . ويحتمل الخاوية بمعنى البالية كما ذكرنا ; لأنها إذا بليت خلت أجوافها . فشبهوا بعد أن هلكوا بالنخل الخاوية .
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)

{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا } أي: نحسا وشرا فظيعا عليهم فدمرتهم وأهلكتهم، { فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى } أي: هلكى موتى { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } أي: كأنهم جذوع النخل التي قد قطعت رءوسها الخاوية الساقط بعضها على بعض.
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)

( سخرها عليهم ) أي : سلطها عليهم ( سبع ليال وثمانية أيام حسوما ) أي : كوامل متتابعات مشائيم .
قال ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة والثوري وغير واحد ) حسوما ) متتابعات .
وعن عكرمة والربيع : مشائيم عليهم ، كقوله : ( في أيام نحسات ) [ فصلت : 16 ] قال الربيع : وكان أولها الجمعة . وقال غيره الأربعاء . ويقال : إنها التي تسميها الناس الأعجاز ; وكأن الناس أخذوا ذلك من قوله تعالى : ( فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ) وقيل : لأنها تكون في عجز الشتاء ، ويقال : أيام العجوز ; لأن عجوزا من قوم عاد دخلت سربا فقتلها الريح في اليوم الثامن . حكاه البغوي والله أعلم .
قال ابن عباس : ( خاوية ) خربة . وقال غيره : بالية ، أي : جعلت الريح تضرب بأحدهم الأرض فيخر ميتا على أم رأسه ، فينشدخ رأسه وتبقى جثته هامدة كأنها قائمة النخلة إذا خرت بلا أغصان .
وقد ثبت في الصحيحين ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس العبدي ، حدثنا ابن فضيل ، عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا فيها إلا مثل موضع الخاتم ، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم ، فجعلتهم بين السماء والأرض ، فلما رأى ذلك أهل الحاضرة الريح وما فيها قالوا : هذا عارض ممطرنا ، فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة " .
وقال الثوري ، عن ليث ، عن مجاهد : الريح لها جناحان وذنب .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features