يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278)

-يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ظاهره أنه أبطل من الربا ما لم يكن مقبوضا وإن كان معقودا قبل نزول آية التحريم ، ولا يتعقب بالفسخ ما كان مقبوضا . وقد قيل : إن الآية نزلت بسبب ثقيف ، وكانوا عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن ما لهم من الربا على الناس فهو لهم ، وما للناس عليهم فهو موضوع عنهم ، فلما أن جاءت آجال رباهم بعثوا إلى مكة للاقتضاء ، وكانت الديون لبني عبدة وهم بنو عمرو بن عمير من ثقيف ، وكانت على بني المغيرة المخزوميين . فقال بنو المغيرة : لا نعطي شيئا فإن الربا قد رفع ورفعوا أمرهم إلى عتاب بن أسيد ، فكتب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزلت الآية فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب ، فعلمت بها ثقيف فكفت . هذا سبب الآية على اختصار مجموع ما روى ابن إسحاق وابن جريج والسدي وغيرهم . والمعنى اجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية بترككم ما بقي لكم من الربا وصفحكم عنه .
- قوله تعالى : " إن كنتم مؤمنين " شرط محض في ثقيف على بابه لأنه كان في أول دخولهم في الإسلام . وإذا قدرنا الآية فيمن قد تقرر إيمانه فهو شرط مجازي على جهة المبالغة ، كما تقول لمن تريد إقامة نفسه : إن كنت رجلا فافعل كذا . وحكى النقاش عن مقاتل بن سليمان أنه قال : إن " إن " في هذه الآية بمعنى " إذ " . قال ابن عطية : وهذا مردود لا يعرف في اللغة . وقال ابن فورك : يحتمل أن يريد يا أيها الذين آمنوا بمن قبل محمد عليه السلام من الأنبياء ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم إذ لا ينفع الأول إلا بهذا . وهذا مردود بما روي في سبب الآية .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278)

لما ذكر أكلة الربا وكان من المعلوم أنهم لو كانوا مؤمنين إيمانا ينفعهم لم يصدر منهم ما صدر ذكر حالة المؤمنين وأجرهم، وخاطبهم بالإيمان، ونهاهم عن أكل الربا إن كانوا مؤمنين، وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون لأمره، وأمرهم أن يتقوه، ومن جملة تقواه أن يذروا ما بقي من الربا أي: المعاملات الحاضرة الموجودة، وأما ما سلف، فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف،
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278)

يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بتقواه ، ناهيا لهم عما يقربهم إلى سخطه ويبعدهم عن رضاه ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ) أي : خافوه وراقبوه فيما تفعلون ( وذروا ما بقي من الربا ) أي : اتركوا ما لكم على الناس من الزيادة على رؤوس الأموال ، بعد هذا الإنذار ( إن كنتم مؤمنين ) أي : بما شرع الله لكم من تحليل البيع ، وتحريم الربا وغير ذلك .
وقد ذكر زيد بن أسلم ، وابن جريج ، ومقاتل بن حيان ، والسدي : أن هذا السياق نزل في بني عمرو بن عمير من ثقيف ، وبني المغيرة من بني مخزوم ، كان بينهم ربا في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام ودخلوا فيه ، طلبت ثقيف أن تأخذه منهم ، فتشاوروا وقالت بنو المغيرة : لا نؤدي الربا في الإسلام . فكتب في ذلك عتاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه : ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) فقالوا : نتوب إلى الله ، ونذر ما بقي من الربا ، فتركوه كلهم .
وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، لمن استمر على تعاطي الربا بعد الإنذار ، قال ابن جريج : قال ابن عباس : ( فأذنوا بحرب ) أي : استيقنوا بحرب من الله ورسوله .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features