قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ۖ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77)

قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا قيل : في الكلام حذف ، المعنى : أتقولون للحق هذا سحر . ف ( أتقولون ) إنكار وقولهم محذوف أي هذا سحر ، ثم استأنف إنكارا آخر من قبله فقال : أسحر هذا! فحذف قولهم الأول اكتفاء بالثاني من قولهم ، منكرا على فرعون وملئه . وقال الأخفش : هو من قولهم ، ودخلت الألف حكاية لقولهم ; لأنهم قالوا أسحر هذا . فقيل لهم : أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ; وروي عن الحسن .
ولا يفلح الساحرون أي لا يفلح من أتى به .
قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ۖ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77)

{‏قَالَ‏}‏ لهم ‏{‏مُوسَى‏}‏ ـ موبخا لهم عن ردهم الحق، الذي لا يرده إلا أظلم الناس‏:‏ ـ ‏{‏أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ‏}‏ أي‏:‏ أتقولون إنه سحر مبين‏.‏
{‏أَسِحْرٌ هَذَا‏}‏ أي‏:‏ فانظروا وصفه وما اشتمل عليه، فبمجرد ذلك يجزم بأنه الحق‏.‏ ‏{‏وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ‏}‏ لا في الدنيا، ولا في الآخرة، فانظروا لمن تكون له العاقبة، ولمن له الفلاح، وعلى يديه النجاح‏.‏ وقد علموا بعد ذلك وظهر لكل أحد أن موسى عليه السلام هو الذي أفلح، وفاز بظفر الدنيا والآخرة‏.‏
قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ۖ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77)

( قال ) لهم ( موسى ) منكرا عليهم : ( أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون )
قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ۖ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77)

(قال موسى) ، لهم: ، (أتقولون للحق لما جاءكم) ، من عند الله ، (أسحر هذا) ؟ .
* * *
واختلف أهل العربية في سبب دخول ألف الاستفهام في قوله: (أسحر هذا) ؟ فقال بعض نحويي البصرة: أدخلت فيه على الحكاية لقولهم ، لأنهم قالوا: (أسحر هذا)؟ فقال: أتقولون: (أسحر هذا)؟
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: إنهم قالوا : " هذا سحر "، ولم يقولوه بالألف، لأن أكثر ما جاء بغير ألف. قال: فيقال: فلم أدخلت الألف؟ فيقال: قد يجوز أن تكون من قِيلهم وهم يعلمون أنه سحر، كما يقول الرجل للجائزة إذا أتته: أحقٌّ هذا؟ وقد علم أنه حق. قال: وقد يجوز أن تكون على التعجّب منهم: أسحر هذا؟ ما أعظمه! (33)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى ذلك في هذا بالصواب عندي أن يكون المفعولُ محذوفًا، ويكون قوله: (أسحر هذا)، من قيل موسى ، منكرًا على فرعون وملئه قولَهم للحق لما جاءهم: " سحر " ، فيكون تأويل الكلام حينئذ: قال موسى لهم: (أتقولون للحق لما جاءكم) ، وهي الآيات التي أتاهم بها من عند الله حجة له على صدقه ، سحرٌ، أسحرٌ هذا الحقّ الذي ترونه؟ فيكون " السحر " الأوّل محذوفًا ، اكتفاءً بدلالة قول موسى (أسحر هذا) ، على أنه مرادٌ في الكلام، كما قال ذو الرمة.
فَلَمَّـا لَبِسْـنَ اللَّيْـلَ , أَوْ حِينَ نَصَّبَت
لَـهُ مِـنْ خَـدَا آذَانِهَـا وَهْـوَ جَـانِحُ (34)
يريد: أو حين أقبل، ثم حذف اكتفاءً بدلالة الكلام عليه، وكما قال جل ثناؤه: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ [سورة الإسراء: 7] ، والمعنى: بعثناهم لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ ، فترك ذلك اكتفاء بدلالة الكلام عليه، في أشباه لما ذكرنا كثيرة ، يُتْعب إحصاؤها.
* * *
وقوله: (ولا يفلح الساحرون) ، يقول: ولا ينجح الساحرون ولا يَبْقون. (35)
----------------------
الهوامش :
(33) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 474 .
(34) مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 1 : 327 ، تعليق : 2 .
(35) انظر تفسير " الفلاح " فيما سلف ص : 146 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features