وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)

قوله تعالى : ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا فيه ست مسائل : الأولى : قوله تعالى : ومن الليل فتهجد به من للتبعيض . والفاء في قوله فتهجد ناسقة على مضمر ، أي قم فتهجد .
به أي بالقرآن . والتهجد من الهجود وهو من الأضداد . يقال : هجد نام ، وهجد سهر ; على الضد . قال الشاعر :
ألا زارت وأهل منى هجود وليت خيالها بمنى يعود
آخر :
ألا طرقتنا والرفاق هجود فباتت بعلات النوال تجود
يعني نياما . وهجد وتهجد بمعنى . وهجدته أي أنمته ، وهجدته أي أيقظته . والتهجد التيقظ بعد رقدة ، فصار اسما للصلاة ; لأنه ينتبه لها . فالتهجد القيام إلى الصلاة من النوم . قال معناه الأسود وعلقمة وعبد الرحمن بن الأسود وغيرهم . وروى إسماعيل بن إسحاق القاضي من حديث الحجاج بن عمر صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أيحسب أحدكم إذا قام من الليل كله أنه قد تهجد ! إنما التهجد الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة . كذلك كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وقيل : الهجود النوم . يقال : تهجد الرجل إذا سهر ، وألقى الهجود وهو النوم . ويسمى من قام إلى الصلاة متهجدا ; لأن المتهجد هو الذي يلقي الهجود الذي هو النوم عن نفسه . وهذا الفعل جار مجرى تحوب وتحرج وتأثم وتحنث وتقذر وتنجس ; إذا ألقى ذلك عن نفسه . ومثله قوله - تعالى - : فظلتم تفكهون معناه تندمون ; أي تطرحون الفكاهة عن أنفسكم ، وهي انبساط النفوس وسرورها . يقال : رجل فكه إذا كان كثير السرور والضحك . والمعنى في الآية : ووقتا من الليل اسهر به في صلاة وقراءة .
الثانية : قوله تعالى : نافلة لك أي كرامة لك ; قاله مقاتل . واختلف العلماء في تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذكر دون أمته ; فقيل : كانت صلاة الليل فريضة عليه لقوله : نافلة لك أي فريضة زائدة على الفريضة الموظفة على الأمة .
قلت : وفي هذا التأويل بعد لوجهين : أحدهما - تسمية الفرض بالنفل ، وذلك مجاز لا حقيقة . الثاني - قوله - صلى الله عليه وسلم - : خمس صلوات فرضهن الله على العباد وقوله - تعالى - : ( هن خمس وهن خمسون لا يبدل القول لدي ) وهذا نص ، فكيف يقال افترض عليه صلاة زائدة على الخمس ، هذا ما لا يصح ; وإن كان قد روي عنه - عليه السلام - : ثلاث علي فريضة ولأمتي تطوع : قيام الليل والوتر والسواك . وقيل : كانت صلاة الليل تطوعا منه وكانت في الابتداء واجبة على الكل ، ثم نسخ الوجوب فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة ; كما قالت عائشة ، على ما يأتي مبينا في سورة [ المزمل ] إن شاء الله - تعالى - . وعلى هذا يكون الأمر بالتنفل على جهة الندب ويكون الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأنه مغفور له . فهو إذا تطوع بما ليس بواجب عليه كان ذلك زيادة في الدرجات . وغيره من الأمة تطوعهم كفارات وتدارك لخلل يقع في الفرض ; قال معناه مجاهد وغيره . وقيل : عطية ; لأن العبد لا ينال من السعادة عطاء أفضل من التوفيق في العبادة .
الثالثة : قوله تعالى : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا اختلف في المقام المحمود على أربعة أقوال :
[ الأول ] وهو أصحها - الشفاعة للناس يوم القيامة ; قاله حذيفة بن اليمان . وفي صحيح البخاري عن ابن عمر قال : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا كل أمة تتبع نبيها تقول : يا فلان اشفع ، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود . وفي صحيح مسلم عن أنس قال حدثنا محمد - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض فيأتون آدم فيقولون له اشفع لذريتك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم - عليه السلام - فإنه خليل الله فيأتون إبراهيم فيقول لست لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله فيؤتى موسى فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى - عليه السلام - فإنه روح الله وكلمته فيؤتى عيسى فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فأوتى فأقول أنا لها . . . وذكر الحديث . وروى الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا سئل عنها قال : هي الشفاعة قال : هذا حديث حسن صحيح .
الرابعة : إذا ثبت أن المقام المحمود هو أمر الشفاعة الذي يتدافعه الأنبياء - عليهم السلام - ، حتى ينتهي الأمر إلى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فيشفع هذه الشفاعة لأهل الموقف ليعجل حسابهم ويراحوا من هول موقفهم ، وهي الخاصة به - صلى الله عليه وسلم - ; ولأجل ذلك قال : أنا سيد ولد آدم ولا فخر . قال النقاش : لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث شفاعات : العامة ، وشفاعة في السبق إلى الجنة ، وشفاعة في أهل الكبائر . ابن عطية : والمشهور أنهما شفاعتان فقط : العامة ، وشفاعة في إخراج المذنبين من النار . وهذه الشفاعة الثانية لا يتدافعها الأنبياء بل يشفعون ويشفع العلماء . وقال القاضي أبو الفضل عياض : شفاعات نبينا - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة خمس شفاعات : العامة . والثانية في إدخال قوم الجنة دون حساب . الثالثة في قوم من موحدي أمته استوجبوا النار بذنوبهم فيشفع فيها نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، ومن شاء الله أن يشفع ويدخلون الجنة . وهذه الشفاعة هي التي أنكرتها المبتدعة : الخوارج والمعتزلة ، فمنعتها على أصولهم الفاسدة ، وهي الاستحقاق العقلي المبني على التحسين والتقبيح . الرابعة فيمن دخل النار من المذنبين فيخرجون بشفاعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأنبياء والملائكة وإخوانهم المؤمنين . الخامسة في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها وترفيعها ، وهذه لا تنكرها المعتزلة ولا تنكر شفاعة الحشر الأول .
الخامسة : قال القاضي عياض : وعرف بالنقل المستفيض سؤال السلف الصالح لشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورغبتهم فيها ، وعلى هذا لا يلتفت لقول من قال : إنه يكره أن تسأل الله أن يرزقك شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأنها لا تكون إلا للمذنبين ، فإنها قد تكون كما قدمنا لتخفيف الحساب وزيادة الدرجات . ثم كل عاقل معترف بالتقصير محتاج إلى العفو غير معتد بعمله مشفق أن يكون من الهالكين ، ويلزم هذا القائل ألا يدعو بالمغفرة والرحمة ; لأنها لأصحاب الذنوب أيضا ، وهذا كله خلاف ما عرف من دعاء السلف والخلف . روى البخاري عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة .
[ القول الثاني ] أن المقام المحمود إعطاؤه لواء الحمد يوم القيامة .
قلت : وهذا القول لا تنافر بينه وبين الأول ; فإنه يكون بيده لواء الحمد ويشفع روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي آدم فمن سواه إلا تحت لوائي " الحديث .
[ القول الثالث ] ما حكاه الطبري عن فرقة ، منها مجاهد ، أنها قالت : المقام المحمود هو أن يجلس الله - تعالى - محمدا - صلى الله عليه وسلم - معه على كرسيه ; وروت في ذلك حديثا . وعضد الطبري جواز ذلك بشطط من القول ، وهو لا يخرج إلا على تلطف في المعنى ، وفيه بعد . ولا ينكر مع ذلك أن يروى ، والعلم يتأوله . وذكر النقاش عن أبي داود السجستاني أنه قال : من أنكر هذا الحديث فهو عندنا متهم ، ما زال أهل العلم يتحدثون بهذا ، من أنكر جوازه على تأويله . قال أبو عمر ومجاهد : وإن كان أحد الأئمة يتأول القرآن فإن له قولين مهجورين عند أهل العلم : أحدهما هذا والثاني في تأويل قوله - تعالى - : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة تنتظر الثواب ; ليس من النظر .
قلت : ذكره هذا في الباب ابن شهاب في حديث التنزيل . وروي عن مجاهد أيضا في هذه الآية قال : يجلسه على العرش . وهذا تأويل غير مستحيل ; لأن الله - تعالى - كان قبل خلقه الأشياء كلها والعرش - قائما بذاته ، ثم خلق الأشياء من غير حاجة إليها ، بل إظهارا لقدرته وحكمته ، وليعرف وجوده وتوحيده وكمال قدرته وعلمه بكل أفعاله المحكمة ، وخلق لنفسه عرشا استوى عليه كما شاء من غير أن صار له مماسا ، أو كان العرش له مكانا . قيل : هو الآن على الصفة التي كان عليها من قبل أن يخلق المكان والزمان ; فعلى هذا القول سواء في الجواز أقعد محمد على العرش أو على الأرض ; لأن استواء الله - تعالى - على العرش ليس بمعنى الانتقال والزوال وتحويل الأحوال من القيام والقعود والحال التي تشغل العرش ، بل هو مستو على عرشه كما أخبر عن نفسه بلا كيف . وليس إقعاده محمدا على العرش موجبا له صفة الربوبية أو مخرجا له عن صفة العبودية ، بل هو رفع لمحله وتشريف له على خلقه . وأما قوله في الإخبار : ( معه فهو بمنزلة قوله : إن الذين عند ربك ، و رب ابن لي عندك بيتا في الجنة . وإن الله لمع المحسنين ونحو ذلك . كل ذلك عائد إلى الرتبة والمنزلة والحظوة والدرجة الرفيعة ، لا إلى المكان .
[ الرابع ] إخراجه من النار بشفاعته من يخرج ; قاله جابر بن عبد الله . ذكره مسلم . وقد ذكرناه في ( كتاب التذكرة ) والله الموفق .
السادسة : اختلف العلماء في كون القيام بالليل سببا للمقام المحمود على قولين : أحدهما : أن البارئ - تعالى - يجعل ما شاء من فعله سببا لفضله من غير معرفة بوجه الحكمة فيه ، أو بمعرفة وجه الحكمة . الثاني : أن قيام الليل فيه الخلوة مع البارئ والمناجاة دون الناس ، فأعطي الخلوة به ومناجاته في قيامه وهو المقام المحمود . ويتفاضل فيه الخلق بحسب درجاتهم ، فأجلهم فيه درجة محمد - صلى الله عليه وسلم - ; فإنه يعطى ما لا يعطى أحد ويشفع ما لا يشفع أحد . وعسى من الله - عز وجل - واجبة . ومقاما نصب على الظرف . أي في مقام أو إلى مقام . وذكر الطبري عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : المقام المحمود هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي . فالمقام الموضع الذي يقوم فيه الإنسان للأمور الجليلة كالمقامات بين يدي الملوك .
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)

وقوله : ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك ) أمر له بقيام الليل بعد المكتوبة ، كما ورد في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل : أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ؟ قال : " صلاة الليل " .
ولهذا أمر تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيام الليل ، فإن التهجد : ما كان بعد نوم ؛ قاله علقمة ، والأسود وإبراهيم النخعي ، وغير واحد وهو المعروف في لغة العرب . وكذلك ثبتت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان يتهجد بعد نومه ، عن ابن عباس ، وعائشة ، وغير واحد من الصحابة ، رضي الله عنهم ، كما هو مبسوط في موضعه ، ولله الحمد والمنة .
وقال الحسن البصري : هو ما كان بعد العشاء . ويحمل على ما بعد النوم .
واختلف في معنى قوله : ( نافلة لك ) فقيل : معناه أنك مخصوص بوجوب ذلك وحدك ، فجعلوا قيام الليل واجبا في حقه دون الأمة . رواه العوفي عن ابن عباس ، وهو أحد قولي العلماء ، وأحد قولي الشافعي ، رحمه الله ، واختاره ابن جرير .
وقيل : إنما جعل قيام الليل في حقه نافلة على الخصوص ؛ لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وغيره من أمته إنما يكفر عنه صلواته النوافل الذنوب التي عليه ؛ قاله مجاهد ، وهو في المسند عن أبي أمامة الباهلي ، رضي الله عنه .
وقوله : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) أي : افعل هذا الذي أمرتك به ، لنقيمك يوم القيامة مقاما يحسدك فيه الخلائق كلهم وخالقهم ، تبارك وتعالى .
قال ابن جرير : قال أكثر أهل التأويل : ذلك هو المقام الذي يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس ، ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم .
ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة قال : يجمع الناس في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، حفاة عراة كما خلقوا قياما ، لا تكلم نفس إلا بإذنه ، ينادى : يا محمد ، فيقول : " لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشر ليس إليك ، والمهدي من هديت ، وعبدك بين يديك ، وبك وإليك ، لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك رب البيت " . فهذا المقام المحمود الذي ذكره الله عز وجل .
ثم رواه عن بندار ، عن غندر ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، به . وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر والثوري ، عن أبي إسحاق ، به .
وقال ابن عباس : هذا المقام المحمود مقام الشفاعة . وكذا قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد . وقاله الحسن البصري .
وقال قتادة : هو أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ، وكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود الذي قال الله : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )
قلت : لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما تشريفات [ يوم القيامة ] لا يشركه فيها أحد ، وتشريفات لا يساويه فيها أحد ؛ فهو أول من تنشق عنه الأرض ويبعث راكبا إلى المحشر ، وله اللواء الذي آدم فمن دونه تحت لوائه ، وله الحوض الذي ليس في الموقف أكثر واردا منه ، وله الشفاعة العظمى عند الله ليأتي لفصل القضاء بين الخلائق ، وذلك بعدما يسأل الناس آدم ثم نوحا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ، فكل يقول : " لست لها " حتى يأتوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول : " أنا لها ، أنا لها " كما سنذكر ذلك مفصلا في هذا الموضع ، إن شاء الله تعالى . ومن ذلك أنه يشفع في أقوام قد أمر بهم إلى النار ، فيردون عنها . وهو أول الأنبياء يقضى بين أمته ، وأولهم إجازة على الصراط بأمته . وهو أول شفيع في الجنة ، كما ثبت في صحيح مسلم . وفي حديث الصور : إن المؤمنين كلهم لا يدخلون الجنة إلا بشفاعته وهو أول داخل إليها وأمته قبل الأمم كلهم . ويشفع في رفع درجات أقوام لا تبلغها أعمالهم . وهو صاحب الوسيلة التي هي أعلى منزلة في الجنة ، لا تليق إلا له . وإذا أذن الله تعالى في الشفاعة للعصاة شفع الملائكة والنبيون والمؤمنون ، فيشفع هو في خلائق لا يعلم عدتهم إلا الله ، ولا يشفع أحد مثله ولا يساويه في ذلك . وقد بسطت ذلك مستقصى في آخر كتاب " السيرة " في باب الخصائص ، ولله الحمد والمنة .
ولنذكر الآن الأحاديث الواردة في المقام المحمود ، وبالله المستعان :
قال البخاري : حدثنا إسماعيل بن أبان ، حدثنا أبو الأحوص ، عن آدم بن علي ، سمعت ابن عمر [ يقول ] : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا ، كل أمة تتبع نبيها ، يقولون : يا فلان اشفع ، يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذلك يوم يبعثه الله مقاما محمودا .
ورواه حمزة بن عبد الله ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن جرير : حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا شعيب بن الليث ، حدثني الليث ، عن عبيد الله بن أبي جعفر أنه قال : سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر يقول : سمعت عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن ، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ، فيقول : لست صاحب ذلك ، ثم بموسى فيقول كذلك ، ثم بمحمد فيشفع بين الخلق ، فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة ، فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا " . [ يحمده أهل الجنة كلهم ] .
وهكذا رواه البخاري في " الزكاة " عن يحيى بن بكير ، وعبد الله بن صالح ، كلاهما عن الليث بن سعد ، به ، وزاد " فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا ، يحمده أهل الجمع كلهم " .
قال البخاري : وحدثنا علي بن عياش ، حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة " . انفرد به دون مسلم .
حديث أبي :
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر الأزدي ، حدثنا زهير بن محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان يوم القيامة ، كنت إمام الأنبياء وخطيبهم ، وصاحب شفاعتهم غير فخر " .
وأخرجه الترمذي ، من حديث أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، وقال : " حسن صحيح " . وابن ماجه من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل به . وقد قدمنا في حديث : " أبي بن كعب " في قراءة القرآن على سبعة أحرف ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخره : " فقلت : اللهم ، اغفر لأمتي ، اللهم اغفر لأمتي ، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق ، حتى إبراهيم عليه السلام " .
حديث أنس بن مالك :
قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، حدثنا قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يجتمع المؤمنون يوم القيامة ، فيلهمون ذلك فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا ، فأراحنا من مكاننا هذا . فيأتون آدم فيقولون : يا آدم ، أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء ، فاشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا . فيقول لهم آدم : لست هناكم ، ويذكر ذنبه الذي أصاب ، فيستحيي ربه - عز وجل - من ذلك ، ويقول : ولكن ائتوا نوحا ، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض . فيأتون نوحا فيقول : لست هناكم ، ويذكر خطيئة سؤاله ربه ما ليس له به علم ، فيستحيي ربه من ذلك ، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن . فيأتونه فيقول : لست هناكم ، ولكن ائتوا موسى ، عبدا كلمه الله ، وأعطاه التوراة . فيأتون موسى فيقول : لست هناكم ، ويذكر لهم النفس التي قتل بغير نفس فيستحيي ربه من ذلك ، ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته وروحه ، فيأتون عيسى فيقول : لست هناكم ، ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني " . قال الحسن هذا الحرف : " فأقوم فأمشي بين سماطين من المؤمنين " . قال أنس : " حتى أستأذن على ربي ، فإذا رأيت ربي وقعت له - أو : خررت - ساجدا لربي ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني " . قال : " ثم يقال : ارفع محمد ، قل يسمع ، واشفع تشفع ، وسل تعطه . فأرفع رأسي ، فأحمده بتحميد يعلمنيه ، ثم أشفع فيحد لي حدا ، فأدخلهم الجنة " : " ثم أعود إليه الثانية ، فإذا رأيت ربي وقعت - أو : خررت - ساجدا لربي ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني . ثم يقال : ارفع محمد ، قل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ، ثم أشفع فيحد لي حدا ، فأدخلهم الجنة ، ثم أعود في الثالثة ؛ فإذا رأيت ربي وقعت - أو : خررت - ساجدا لربي ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقال : ارفع محمد ، قل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة . ثم أعود الرابعة فأقول : يا رب ، ما بقي إلا من حبسه القرآن " . فحدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فيخرج من النار من قال : " لا إله إلا الله " وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، ثم يخرج من النار من قال : " لا إله إلا الله " وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ثم يخرج من النار من قال : " لا إله إلا الله " وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة " .
أخرجاه [ في الصحيح ] من حديث سعيد ، به وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن عفان ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بطوله .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا حرب بن ميمون أبو الخطاب الأنصاري ، عن النضر بن أنس ، عن أنس قال : حدثني نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " إني لقائم أنتظر أمتي تعبر الصراط ، إذ جاءني عيسى ، عليه السلام ، فقال : هذه الأنبياء قد جاءتك يا محمد يسألون - أو قال : يجتمعون إليك - ويدعون الله أن يفرق بين جميع الأمم إلى حيث يشاء الله ، لغم ما هم فيه ، فالخلق ملجمون بالعرق ، فأما المؤمن فهو عليه كالزكمة ، وأما الكافر فيغشاه الموت ، فقال : انتظر حتى أرجع إليك . فذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم فقام تحت العرش ، فلقي ما لم يلق ملك مصطفى ولا نبي مرسل . فأوحى الله - عز وجل - إلى جبريل : أن اذهب إلى محمد ، وقل له : ارفع رأسك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فشفعت في أمتي : أن أخرج من كل تسعة وتسعين إنسانا واحدا . فما زلت أتردد إلى ربي - عز وجل - فلا أقوم منه مقاما إلا شفعت ، حتى أعطاني الله من ذلك ، أن قال : يا محمد ، أدخل [ من أمتك ] من خلق الله - عز وجل - من شهد أن لا إله إلا الله يوما واحدا مخلصا ومات على ذلك " .
حديث بريدة ، رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا الأسود بن عامر ، أخبرنا أبو إسرائيل ، عن الحارث بن حصيرة ، عن ابن بريدة ، عن أبيه : أنه دخل على معاوية ، فإذا رجل يتكلم ، فقال بريدة : يا معاوية ، تأذن لي في الكلام ؟ فقال : نعم - وهو يرى أنه يتكلم بمثل ما قال الآخر - فقال بريدة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إني لأرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما على الأرض من شجرة ومدرة " . قال : فترجوها أنت يا معاوية ، ولا يرجوها علي ، رضي الله عنه ؟ ! .
حديث ابن مسعود :
قال الإمام أحمد : حدثنا عارم بن الفضل ، حدثنا سعيد بن زيد ، حدثنا علي بن الحكم البناني ، عن عثمان ، عن إبراهيم ، عن علقمة والأسود ، عن ابن مسعود قال : جاء ابنا مليكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا : إن أمنا [ كانت ] تكرم الزوج ، وتعطف على الولد - قال : وذكر الضيف - غير أنها كانت وأدت في الجاهلية ؟ فقال : " أمكما في النار " . قال : فأدبرا والسوء يرى في وجوههما ، فأمر بهما فردا ، فرجعا والسرور يرى في وجوههما ؛ رجاء أن يكون قد حدث شيء ، فقال : " أمي مع أمكما " . فقال رجل من المنافقين : وما يغني هذا عن أمه شيئا! ونحن نطأ عقبيه . فقال رجل من الأنصار - ولم أر رجلا قط أكثر سؤالا منه - : يا رسول الله ، هل وعدك ربك فيها أو فيهما ؟ . قال : فظن أنه من شيء قد سمعه ، فقال : " ما شاء الله ربي وما أطمعني فيه ، وإني لأقوم المقام المحمود يوم القيامة " . فقال الأنصاري : يا رسول الله ، وما ذاك المقام المحمود ؟ قال : " ذاك إذا جيء بكم حفاة عراة غرلا فيكون أول من يكسى إبراهيم ، عليه السلام ، فيقول : اكسوا خليلي . فيؤتى بريطتين بيضاوين ، فيلبسهما ثم يقعده مستقبل العرش ، ثم أوتى بكسوتي فألبسها ، فأقوم عن يمينه مقاما لا يقومه أحد ، فيغبطني فيه الأولون والآخرون . ويفتح نهر من الكوثر إلى الحوض " . فقال المنافقون : إنه ما جرى ماء قط إلا على حال أو رضراض . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حاله المسك ، ورضراضه التوم " . [ قال المنافق : لم أسمع كاليوم . قلما جرى ماء قط على حال أو رضراض ، إلا كان له نبتة . فقال الأنصاري : يا رسول الله ، هل له نبت ؟ قال " نعم ، قضبان الذهب " ] . قال المنافق : لم أسمع كاليوم ، فإنه قلما ينبت قضيب إلا أورق ، وإلا كان له ثمر! قال الأنصاري : يا رسول الله ، هل له ثمرة ؟ قال : " نعم ، ألوان الجوهر ، وماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، من شرب منه شربة لا يظمأ بعده ، ومن حرمه لم يرو بعده " .
وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن أبي الزعراء ، عن عبد الله قال : ثم يأذن الله - عز وجل - في الشفاعة ، فيقوم روح القدس جبريل ، ثم يقوم إبراهيم خليل الله ، ثم يقوم عيسى أو موسى - قال أبو الزعراء : لا أدري أيهما - قال : ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم رابعا ، فيشفع لا يشفع أحد بعده أكثر مما شفع ، وهو المقام المحمود الذي قال الله عز وجل : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) .
حديث كعب بن مالك ، رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن عبد ربه ، حدثنا محمد بن حرب ، حدثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن عبد الله [ بن كعب ] بن مالك ، عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يبعث الناس يوم القيامة ، فأكون أنا وأمتي على تل ، ويكسوني ربي - عز وجل - حلة خضراء ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذلك المقام المحمود " .
حديث أبي الدرداء ، رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة ، وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه ، فأنظر إلى ما بين يدي ، فأعرف أمتي من بين الأمم ، ومن خلفي مثل ذلك ، وعن يميني مثل ذلك ، وعن شمالي مثل ذلك " . فقال رجل : يا رسول الله ، كيف تعرف أمتك من بين الأمم ، فيما بين نوح إلى أمتك ؟ قال : " هم غر محجلون ، من أثر الوضوء ، ليس أحد كذلك غيرهم ، وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم تسعى بين أيديهم ذريتهم " .
حديث أبي هريرة ، رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا أبو حيان ، حدثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة ، قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم ، فرفع إليه الذراع - وكانت تعجبه - فنهس منها نهسة ، ثم قال : " أنا سيد الناس يوم القيامة ، وهل تدرون مم ذاك ؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون . فيقول بعض الناس لبعض : [ ألا ترون إلى ما أنتم فيه ؟ ألا ترون إلى ما قد بلغكم ؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم عز وجل ؟ فيقول بعض الناس لبعض ] : أبوكم آدم ! .
فيأتون آدم ، فيقولون : يا آدم ، أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ؛ فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول آدم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسي ، نفسي ، نفسي! اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح .
فيأتون نوحا فيقولون : يا نوح ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وسماك الله عبدا شكورا ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول نوح : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه كانت لي دعوة على قومي ، نفسي ، نفسي ، نفسي! اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى إبراهيم .
فيأتون إبراهيم فيقولون : يا إبراهيم ، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض ، [ اشفع لنا إلى ربك ] ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، فذكر كذباته نفسي ، نفسي ، نفسي [ اذهبوا إلى غيري ] اذهبوا إلى موسى .
فيأتون موسى فيقولون : يا موسى ، أنت رسول الله ، اصطفاك الله برسالاته وبكلامه على الناس ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم موسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإني قتلت نفسا لم أومر بقتلها ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى عيسى .
فيأتون عيسى فيقولون : يا عيسى ، أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه - قال : هكذا هو - وكلمت الناس في المهد ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم عيسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، ولم يذكر ذنبا ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى محمد .
فيأتوني فيقولون : يا محمد ، أنت رسول الله ، وخاتم الأنبياء ، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فأقوم فآتي تحت العرش ، فأقع ساجدا لربي - عز وجل - ثم يفتح الله علي ، ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه ما لم يفتحه على أحد قبلي . فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأقول : يا رب ، أمتي أمتي ، يا رب أمتي أمتي ، يا رب ، أمتي أمتي! فيقال : يا محمد : أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سواه من الأبواب " . ثم قال : " والذي نفس محمد بيده لما بين مصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى " . أخرجاه في الصحيحين .
وقال مسلم ، رحمه الله : حدثنا الحكم بن موسى ، حدثنا هقل بن زياد ، عن الأوزاعي ، حدثني أبو عمار ، حدثني عبد الله بن فروخ ، حدثني أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مشفع " .
وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن داود بن يزيد الزعافري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) ، سئل عنها فقال : " هي الشفاعة " .
رواه الإمام أحمد عن وكيع وعن محمد بن عبيد ، عن داود ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : " هو المقام الذي أشفع لأمتي فيه " .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة ، مد الله الأرض مد الأديم ، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدمه . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فأكون أول من يدعى ، وجبريل عن يمين الرحمن ، والله ما رآه قبلها ، فأقول : رب ، إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي . فيقول الله تبارك وتعالى : صدق ، ثم أشفع . فأقول : يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض " ، قال : " فهو المقام المحمود " ، وهذا حديث مرسل .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features