فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي (86)

قوله تعالى : فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا حال وقد مضى في ( الأعراف ) بيانه مستوفى . قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا وعدهم - عز وجل - الجنة إذا أقاموا على طاعته ، ووعدهم أنه يسمعهم كلامه ، في التوراة على لسان موسى ؛ ليعملوا بما فيها فيستحقوا ثواب عملهم . وقيل : وعدهم النصر والظفر . وقيل : وعده قوله : وإني لغفار لمن تاب وآمن الآية . أفطال عليكم العهد أي أفنسيتم ؛ كما قيل ؛ والشيء قد ينسى لطول العهد .
أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم يحل أي يجب وينزل . والغضب العقوبة والنقمة . والمعنى أم أردتم أن تفعلوا فعلا يكون سبب حلول غضب الله بكم ؛ لأن أحدا لا يطلب غضب الله ، بل قد يرتكب ما يكون سببا للغضب . فأخلفتم موعدي لأنهم وعدوه أن يقيموا على طاعة الله - عز وجل - إلى أن يرجع إليهم من الطور . وقيل : وعدهم على أثره للميقات فتوقفوا .
فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي (86)

وقال مجاهد : ( غضبان أسفا ) أي : جزعا . وقال قتادة ، والسدي : ( أسفا ) أي : حزينا على ما صنع قومه من بعده .
( قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ) أي : أما وعدكم على لساني كل خير في الدنيا والآخرة ، وحسن العاقبة كما شاهدتم من نصرته إياكم على عدوكم ، وإظهاركم عليه ، وغير ذلك من أياديه عندكم؟ ( أفطال عليكم العهد ) أي : في انتظار ما وعدكم الله . ونسيان ما سلف من نعمه ، وما بالعهد من قدم . ( أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم ) " أم " هاهنا بمعنى " بل " وهي للإضراب عن الكلام الأول ، وعدول إلى الثاني ، كأنه يقول : بل أردتم بصنيعكم هذا أن يحل عليكم غضب من ربكم ( فأخلفتم موعدي )
فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي (86)

وقوله ( فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ ) يقول: فانصرف موسى إلى قومه من بني إسرائيل بعد انقضاء الأربعين ليلة ( غَضْبَانَ أَسِفًا ) متغيظا على قومه، حزينا لما أحدثوه بعده من الكفر بالله.
كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( غَضْبَانَ أَسِفًا ) يقول: حزينا، وقال في الزخرف فَلَمَّا آسَفُونَا يقول: أغضبونا، والأسف على وجهين: الغضب، والحزن.
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي ( غَضْبَانَ أَسِفًا ) يقول: حزينا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ) : أي حزينا على ما صنع قومه من بعده.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (أسِفا) قال: حزينا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله ، وقوله ( قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ) يقول: ألم يعدكم ربكم أنه غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، ويعدكم جانب الطور الأيمن، وينـزل عليكم المنّ والسلوى، فذلك وعد الله الحسن بني إسرائيل الذي قال لهم موسى: ألم يعدكموه ربكم ، وقوله ( أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ ) يقول: أفطال عليكم العهد بي، وبجميل نعم الله عندكم، وأياديه لديكم، أم أردتم أن يحلّ عليكم غضب من ربكم: يقول: أم أردتم أن يجب عليكم غضب من ربكم فتستحقوه بعبادتكم العجل، وكفركم بالله، فأخلفتم موعدي. وكان إخلافهم موعده، عكوفهم على العجل، وتركهم السير على أثر موسى للموعد الذي كان الله وعدهم، وقولهم لهارون إذ نهاهم عن عبادة العجل، ودعاهم إلى السير معه في أثر موسى ( لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ).
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features