وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۚ أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)

قوله تعالى : ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين
قوله تعالى : ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أي لا أحد أظلم منهم لأنفسهم لأنهم افتروا على الله كذبا ; فأضافوا كلامه إلى غيره ; وزعموا أن له شريكا وولدا ، وقالوا للأصنام هؤلاء شفعاؤنا عند الله .
أولئك يعرضون على ربهم أي يحاسبهم على أعمالهم
ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم يعني الملائكة الحفظة ; عن مجاهد وغيره ; وقال سفيان : سألت الأعمش عن الأشهاد فقال : الملائكة . الضحاك : هم الأنبياء والمرسلون ; دليله قوله : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا . وقيل : الملائكة والأنبياء والعلماء الذين بلغوا الرسالات . وقال قتادة : عن الخلائق أجمع . وفي صحيح مسلم من حديث صفوان بن محرز عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه قال : وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رءوس الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على الله .
ألا لعنة الله على الظالمين أي بعده وسخطه وإبعاده من رحمته على الذين وضعوا العبادة في غير موضعها .
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۚ أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)

( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) فزعم أن له ولدا أو شريكا ، أي : لا أحد أظلم منه ، ( أولئك ) يعني : الكاذبين والمكذبين ، ( يعرضون على ربهم ) فيسألهم عن أعمالهم .
( ويقول الأشهاد ) يعني : الملائكة الذين كانوا يحفظون أعمالهم ، قاله مجاهد .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : إنهم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ، وهو قول الضحاك .
وقال قتادة : الخلائق كلهم .
وروينا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره ، فيقول : أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول : نعم أي رب ، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك ، قال : سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته " ، وأما الكفار والمنافقون فينادي بهم على رءوس الخلائق ، ( هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) .
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۚ أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وأي الناس أشد تعذيبًا ممن اختلق على الله كذبًا فكذب عليه؟ (39) ، (أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ) يعرضون يوم القيامة على ربهم "، (40) فيسألهم عما كانوا في دار الدنيا يعملون، كما:
18080- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا) ، قال: الكافر والمنافق ، (أولئك يعرضون على ربهم) ، فيسألهم عن أعمالهم.
* * *
وقوله: (ويقول الأشهاد) ، يعني الملائكة والأنبياء الذين شهدوهم وحفظوا عليهم ما كانوا يعملون ، وهم جمع " شاهد " مثل " الأصحاب " الذي هو جمع " صاحب " ، (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) ، يقول: شهد هؤلاء الأشهاد في الآخرة على هؤلاء المفترين على الله في الدنيا، فيقولون: هؤلاء الذين كذبوا في الدنيا على ربهم، يقول الله: (ألا لعنة الله على الظالمين) ، يقول: ألا غضب الله على المعتدين الذين كفروا بربّهم.
* * *
وبنحو ما قلنا في قوله (ويقول الأشهاد) ، قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
18081- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ويقول الأشهاد) ، قال: الملائكة.
18082- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: الملائكة.
18083- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ويقول الأشهاد) ، والأشهاد: الملائكة، يشهدون على بني آدم بأعمالهم.
18084- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (الأشهاد) ، قال: الخلائق ، أو قال: الملائكة.
18085- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، بنحوه.
18086- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: (ويقول الأشهاد) ، الذين كان يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ، (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) ، حفظوه وشهدوا به عليهم يوم القيامة ، قال ابن جريج: قال مجاهد: " الأشهاد "، الملائكة.
18087- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن سفيان، قال: سألت الأعمش عن قوله: (ويقول الأشهاد)، قال: الملائكة.
18088- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (ويقول الأشهاد) ، يعني الأنبياء والرسل، وهو قوله: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ ، [سورة النحل: 89] . قال: وقوله: (ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) ، يقولون: يا ربنا أتيناهم بالحق فكذبوا، فنحن نشهد عليهم أنهم كذبوا عليك يا ربنا.
18089- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد وهشام، عن قتادة، عن صفوان بن محرز المازني قال، بينا نحن بالبيت مع عبد الله بن عمر ، وهو يطوف، إذ عرض له رجل فقال: يا ابن عمر ، ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ (41) فقال: سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كَنَفه فيقرّره بذنوبه، فيقول: هل تعرف كذا؟ فيقول: رب أعرف ! (42) مرتين ، حتى إذا بلغ به ما شاء الله أن يبلغ قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم . قال: فيعطى صحيفة حسناته ، أو : كتابه ، بيمينه. وأما الكفار والمنافقون، فينادى بهم على رءوس الأشهاد: " ألا هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ". (43)
18090- حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا هشام، عن قتادة، عن صفوان بن محرز، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (44)
18091- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: كنا نحدَّث أنه لا يخزَى يومئذ أحدٌ ، فيخفى خزيُه على أحد ممن خلق لله ، أو: الخلائق.
-----------------------
الهوامش :
(39) انظر تفسير " افترى " فيما سلف من فهارس اللغة ( فرى ) .
(40) في المطبوعة والمخطوطة : " يكذبون على ربهم " ، والأجود أن تبقى على سياقة الآية .
(41) مضى في رقم : 6497 : " أما سمعت " .
(42) مضى في رقم : 6497 : " رب اغفر " ، مكان " رب أعرف " .
(43) الأثر : 18089 - مضى هذا الخبر بإسناده ، وتخريجه في رقم : 6497 ( ج 6 : 119 ، 120 ) .
(44) الأثر : 18090 - مضى هذا الإسناد برقم : 6497 ، أيضًا .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features