لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)

لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ
أي بما كسبت .إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
من سرع يسرع - مثل عظم يعظم - سرعا وسرعة ; فهو سريع .
" الحساب " : مصدر كالمحاسبة ; وقد يسمى المحسوب حسابا .
والحساب العد ; يقال : حسب يحسب حسابا وحسابة وحسبانا وحسبانا وحسبا ; أي عد وأنشد ابن الأعرابي : يا جمل أسقاك بلا حسابه سقيا مليك حسن الربابه قتلتني بالدل والخلابه والحسب : ما عد من مفاخر المرء .
ويقال : حسبه دينه .
ويقال : ماله ; ومنه الحديث : الحسب المال والكرم التقوى ) رواه سمرة بن جندب , أخرجه ابن ماجه , وهو في الشهاب أيضا .
والرجل حسيب , وقد حسب حسابة ( بالضم ) ; مثل خطب خطابة .
والمعنى في الآية : أن الله سبحانه سريع الحساب , لا يحتاج إلى عد ولا إلى عقد ولا إلى إعمال فكر كما يفعله الحساب ; ولهذا قال وقوله الحق : " وكفى بنا حاسبين " [ الأنبياء : 47 ] , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم منزل الكتاب سريع الحساب ) الحديث .
فالله جل وعز عالم بما للعباد وعليهم فلا يحتاج إلى تذكر وتأمل , إذ قد علم ما للمحاسب وعليه ; لأن الفائدة في الحساب علم حقيقته .
وقيل : سريع المجازاة للعباد بأعمالهم وقيل : المعنى لا يشغله شأن عن شأن , فيحاسبهم في حالة واحدة ; كما قال وقوله الحق : " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " [ لقمان : 28 ] .
قال الحسن : حسابه أسرع من لمح البصر ; وفي الخبر ( إن الله يحاسب في قدر حلب شاة ) .
وقيل : هو أنه إذا حاسب واحدا فقد حاسب جميع الخلق .
وقيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : كيف يحاسب الله العباد في يوم ؟ قال : كما يرزقهم في يوم .
ومعنى الحساب : تعريف الله عباده مقادير الجزاء على أعمالهم , وتذكيره إياهم بما قد نسوه ; بدليل قوله تعالى : " يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه " [ المجادلة : 6 ] .
وقيل : معنى الآية سريع بمجيء يوم الحساب ; فالمقصد بالآية الإنذار بيوم القيامة .
قلت : والكل محتمل فيأخذ العبد لنفسه في تخفيف الحساب عنه بالأعمال الصالحة ; وإنما يخف الحساب في الآخرة على من حاسب نفسه في الدنيا .
لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)

( ليجزي الله كل نفس ما كسبت ) من خير وشر ( إن الله سريع الحساب ) .
لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)

{ لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ } من خير وشر بالعدل والقسط الذي لا جور فيه بوجه من الوجوه.
{ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } كقوله تعالى: { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } ويحتمل أن معناه: سريع المحاسبة فيحاسب الخلق في ساعة واحدة، كما يرزقهم ويدبرهم بأنواع التدابير في لحظة واحدة لا يشغله شأن عن شأن وليس ذلك بعسير عليه.
لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)

وقوله : ( ليجزي الله ) أي : يوم القيامة ، كما قال : ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) [ النجم : 31 ] .
( إن الله سريع الحساب ) يحتمل أن يكون كقوله تعالى : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) ويحتمل أنه في حال محاسبته لعبده سريع النجاز ; لأنه يعلم كل شيء ، ولا يخفى عليه خافية ، وإن جميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم ، كقوله تعالى : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) [ لقمان : 28 ] وهذا معنى قول مجاهد : ( سريع الحساب ) [ إحصاء ] .
ويحتمل أن يكون المعنيان مرادين ، والله أعلم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features