وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)

قوله تعالى : وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون قوله تعالى : وأنذر به أي : بالقرآن . والإنذار الإعلام وقد تقدم في البقرة وقيل : به أي : بالله . وقيل : باليوم الآخر . وخص الذين يخافون أن يحشروا لأن الحجة عليهم أوجب ، فهم خائفون من عذابه ، لا أنهم يترددون في الحشر ; فالمعنى يخافون يتوقعون عذاب الحشر . وقيل : يخافون يعلمون ، فإن كان مسلما أنذر ليترك المعاصي ، وإن كان من أهل الكتاب أنذر ليتبع الحق . وقال الحسن : المراد المؤمنون . قال الزجاج : كل من أقر بالبعث من مؤمن وكافر . وقيل : الآية في المشركين أي : أنذرهم بيوم القيامة . والأول أظهر .
ليس لهم من دونه أي : من غير الله شفيع هذا رد على اليهود والنصارى في زعمهما أن أباهما يشفع لهما حيث قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه والمشركون حيث جعلوا أصنامهم شفعاء لهم عند الله ، فأعلم الله أن الشفاعة لا تكون للكفار . ومن قال : الآية في المؤمنين قال : شفاعة الرسول لهم تكون بإذن الله فهو الشفيع حقيقة إذن ; وفي التنزيل : ولا يشفعون إلا لمن ارتضى . ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له . من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه . و ( لعلهم يتقون ) أي : في المستقبل وهو الثبات على الإيمان .
وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)

قوله عز وجل : ( وأنذر به ) خوف به أي : بالقرآن ، ( الذين يخافون أن يحشروا ) يجمعوا ويبعثوا إلى ربهم ، وقيل : يخافون أي يعلمون ، لأن خوفهم إنما كان من علمهم ، ( ليس لهم من دونه ) من دون الله ، ( ولي ) قريب ينفعهم ، ( ولا شفيع ) يشفع لهم ، ( لعلهم يتقون ) فينتهون عما نهوا عنه ، وإنما نفى الشفاعة لغيره - مع أن الأنبياء والأولياء يشفعون - لأنهم لا يشفعون إلا بإذنه .
وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)

هذا القرآن نذارة للخلق كلهم، ولكن إنما ينتفع به { الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ } فهم متيقنون للانتقال، من هذه الدار، إلى دار القرار، فلذلك يستصحبون ما ينفعهم ويدَعُون ما يضرهم. { لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ } أي: لا من دون الله { وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ } أي: من يتولى أمرهم فيحصّل لهم المطلوب، ويدفع عنهم المحذور، ولا من يشفع لهم، لأن الخلق كلهم، ليس لهم من الأمر شيء. { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الله، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، فإن الإنذار موجب لذلك، وسبب من أسبابه.
وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)

( الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ) أي : يوم القيامة . ( ليس لهم ) أي : يومئذ ( من دونه ولي ولا شفيع ) أي : لا قريب لهم ولا شفيع فيهم من عذابه إن أراده بهم ( لعلهم يتقون ) أي : أنذر هذا اليوم الذي لا حاكم فيه إلا الله ، عز وجل ( لعلهم يتقون ) فيعملون في هذه الدار عملا ينجيهم الله به يوم القيامة من عذابه ، ويضاعف لهم به الجزيل من ثوابه .
وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)

القول في تأويل قوله : وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وأنذر، يا محمد، بالقرآن الذي أنـزلناه إليك، القومَ الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم، علمًا منهم بأن ذلك كائن، فهم مصدقون بوعد الله ووعيده, عاملون بما يرضي الله, دائبون في السعي، (26) فيما ينقذهم في معادهم من عذاب الله (27)
=" ليس لهم من دونه وليّ" ، أي ليس لهم من عذاب الله إن عذبهم = ،" وليّ"، ينصرهم فيستنقذهم منه، (28) =" ولا شفيع "، يشفع لهم عند الله تعالى ذكره فيخلصهم من عقابه (29) =" لعلهم يتقون "، يقول: أنذرهم كي يتقوا الله في أنفسهم, فيطيعوا ربهم، ويعملوا لمعادهم, ويحذروا سَخطه باجتناب معاصيه.
* * *
وقيل: " وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا "، ومعناه: يعلمون أنهم يحشرون, فوضعت " المخافة " موضع " العلم "، (30) لأنّ خوفهم كان من أجل علمهم بوقوع ذلك ووجوده من غير شك منهم في ذلك. (31)
* * *
وهذا أمرٌ من الله تعالى ذكره نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بتعليم أصحابه ما أنـزل الله إليه من وحيه، وتذكيرهم، والإقبال عليهم بالإنذار = وصدَّ عنه المشركون به، (32) بعد الإعذار إليهم، وبعد إقامة الحجة عليهم, حتى يكون الله هو الحاكم في أمرهم بما يشاء من الحكم فيهم.
---------------------
الهوامش :
(26) في المطبوعة: "دائمون في السعي" ، والصواب ما في المخطوطة.
(27) انظر تفسير"الإنذار" فيما سلف : 290 ، 369.
= وتفسير"الحشر" فيما سلف ص: 346 - 349 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
(28) انظر تفسير"ولى" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).
(29) انظر تفسير"شفيع" فيما سلف 8: 580 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.
(30) انظر تفسير"الخوف" فيما سلف 4: 550/8: 298 ، 299 ، 318/9 : 123 ، 267.
(31) انظر معاني القرآن للفراء 1: 336.
(32) في المطبوعة: "وصده عن المشركين به" ، غير ما في المخطوطة فأفسد الكلام إفسادًا لا يحل.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features