قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ (21)

وكانت عصا ذات شعبتين فصارت الشعبتان لها فما وصارت حية تسعى أي تنتقل ، وتمشي وتلتقم الحجارة فلما رآها موسى - عليه السلام - رأى عبرة ف ( ولى مدبرا ولم يعقب ) فقال الله له : خذها ولا تخف وذلك أنه ( أوجس في نفسه خيفة ) أي لحقه ما يلحق البشر . وروي أن موسى تناولها بكمي جبته فنهي عن ذلك ، فأخذها بيده فصارت عصا كما كانت أول مرة ، وهي سيرتها الأولى ، وإنما أظهر له هذه الآية لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون . ويقال : إن العصا بعد ذلك كانت تماشيه وتحادثه ويعلق عليها أحماله ، وتضيء له الشعبتان بالليل كالشمع ؛ وإذا أراد الاستقاء انقلبت الشعبتان كالدلو وإذا اشتهى ثمرة ركزها في الأرض فأثمرت تلك الثمرة . وقيل إنها كانت من آس الجنة . وقيل : أتاه جبريل بها . وقيل : ملك . وقيل قال له شعيب : خذ عصا من ذلك البيت فوقعت بيده تلك العصا ، وكانت عصا آدم - عليه السلام - هبط بها من الجنة . والله أعلم .
قوله تعالى : فإذا هي حية تسعى النحاس : ويجوز ( حية ) يقال : خرجت فإذا زيد جالس وجالسا . والوقف ( حيه ) بالهاء . والسعي المشي بسرعة وخفة . وعن ابن عباس : انقلبت ثعبانا ذكرا يبتلع الصخر والشجر ، فلما رآه يبتلع كل شيء خافه ونفر منه . وعن بعضهم : إنما خاف منه لأنه عرف ما لقي آدم منها . وقيل : لما قال له ربه لا تخف بلغ من ذهاب خوفه وطمأنينة نفسه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها . سنعيدها سيرتها الأولى سمعت علي بن سليمان يقول : التقدير إلى سيرتها ، مثل واختار موسى قومه قال : ويجوز أن يكون مصدرا لأن معنى سنعيدها سنسيرها .
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ (21)

( قال خذها ) بيمينك ، ( ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ) هيئتها الأولى ، أي : نردها عصا كما كانت ، وكان على موسى مدرعة من صوف قد خلها بعيدان ، فلما قال الله تعالى : خذها ، لف طرف المدرعة على يده ، فأمره الله تعالى أن يكشف يده فكشف .
وذكر بعضهم : أنه لما لف كم المدرعة على يده قال له ملك : أرأيت لو أذن الله بما تحاذره أكانت المدرعة تغني عنك شيئا؟ قال : لا ولكني ضعيف ، ومن ضعف خلقت ، فكشف عن يده ثم وضعها في فم الحية فإذا هي عصا كما كانت ، ويده في شعبتها في الموضع الذي كان يضعها إذا توكأ .
قال المفسرون : أراد الله عز وجل أن يري موسى ما أعطاه من الآية التي لا يقدر عليها مخلوق لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون .
وقوله : ( سيرتها الأولى ) نصب بحذف " إلى " ، يريد : إلى سيرتها الأولى .
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ (21)

بأخذها لف طرف المدرعة على يده فقال له ملك: أرأيت يا موسى لو أذن الله بما تحاذر أكانت المدرعة تغني عنك شيئا قال لا ولكني ضعيف ومن ضعف خلقت فكشف عن يده ثم وضعها على فم الحية حتى سمع حس الأضراس والأنياب ثم قبض فإذا هي عصاه التي عهدها وإذا يده في موضعها الذي كان يضعها إذا توكأ بين الشعبتين ولهذا قال تعالى سنعيدها سيرتها الأولى أي إلى حالها التى تعرف قبل ذلك.
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ (21)

وقوله ( قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ ) يقول تعالى ذكره قال الله لموسى: خذ الحية، والهاء والألف من ذكر الحية ( وَلا تَخَفْ ) يقول: ولا تخف من هذه الحية يقول: ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى) يقول : فإنا سنعيدها لهيئتها الأولى التي كانت عليها قبل أن نصيرها حية، ونردّها عصا كما كانت.
يقال لكل من كان على أمر فتركه، وتحوّل عنه ثم راجعه: عاد فلان سيرته الأولى، وعاد لسيرته الأولى، وعاد إلى سيرته الأولى.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (سِيرَتها الأولى) يقول: حالتها الأولى.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، فال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( سِيرَتَهَا الأولَى ) قال: هيئتها.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن وهب بن منبه ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى ) أي سنردّها عصا كما كانت.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى ) قال: إلى هيئتها الأولى.
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ (21)

فقال الله لموسى: { خُذْهَا وَلَا تَخَفْ } أي: ليس عليك منها بأس. { سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى } أي: هيئتها وصفتها، إذ كانت عصا، فامتثل موسى أمر الله إيمانا به وتسليما، فأخذها، فعادت عصاه التي كان يعرفها
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features