أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ (6)

يقول تعالى آمرا عباده إذا طلق أحدهم المرأة أن يسكنها في منزل حتى تنقضي عدتها ، فقال : ( أسكنوهن من حيث سكنتم ) أي : عندكم ، ( من وجدكم ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : يعني سعتكم . حتى قال قتادة : إن لم تجد إلا جنب بيتك فأسكنها فيه .
وقوله : ( ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن ) قال مقاتل بن حيان : يعني يضاجرها لتفتدي منه بمالها ، أو تخرج من مسكنه .
وقال الثوري ، عن منصور ، عن أبي الضحى : ( ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن ) قال : يطلقها ، فإذا بقي يومان راجعها .
وقوله : ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) قال كثير من العلماء منهم ابن عباس ، وطائفة من السلف ، وجماعات من الخلف : هذه في البائن ، إن كانت حاملا أنفق عليها حتى تضع حملها ، قالوا : بدليل أن الرجعية تجب نفقتها ، سواء كانت حاملا أو حائلا .
وقال آخرون : بل السياق كله في الرجعيات ، وإنما نص على الإنفاق على الحامل وإن كانت رجعية لأن الحمل تطول مدته غالبا ، فاحتيج إلى النص على وجوب الإنفاق إلى الوضع ; لئلا يتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة .
واختلف العلماء : هل النفقة لها بواسطة الحمل ، أم للحمل وحده ؟ على قولين منصوصين عن الشافعي ، وغيره ، ويتفرع عليها مسائل مذكورة في علم الفروع .
وقوله : ( فإن أرضعن لكم ) أي : إذا وضعن حملهن وهن طوالق ، فقد بن بانقضاء عدتهن ، ولها حينئذ أن ترضع الولد ، ولها أن تمتنع منه ، ولكن بعد أن تغذيه باللبإ - وهو باكورة اللبن الذي لا قوام للولد غالبا إلا به - فإن أرضعت استحقت أجر مثلها ، ولها أن تعاقد أباه أو وليه على ما يتفقان عليه من أجرة ; ولهذا قال تعالى : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) وقوله : ( وأتمروا بينكم بمعروف ) أي : ولتكن أموركم فيما بينكم بالمعروف ، من غير إضرار ولا مضارة ، كما قال تعالى في سورة " البقرة " : ( لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ) [ البقرة : 233 ]
وقوله : ( وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) أي : وإن اختلف الرجل والمرأة ، فطلبت المرأة أجرة الرضاع كثيرا ، ولم يجبها الرجل إلى ذلك أو بذل الرجل قليلا ولم توافقه عليه ، فليسترضع له غيرها . فلو رضيت الأم بما استؤجرت عليه الأجنبية فهي أحق بولدها .
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ (6)

تقدم أن الله نهى عن إخراج المطلقات عن البيوت وهنا أمر بإسكانهن وقدر الإسكان بالمعررف، وهو البيت الذي يسكنه مثله ومثلها، بحسب وجد الزوج وعسره، { وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } أي: لا تضاروهن، عند سكناهن بالقول أو الفعل، لأجل أن يمللن، فيخرجن من البيوت، قبل تمام العدة، فتكونوا، أنتم المخرجين لهن، وحاصل هذا أنه نهى عن إخراجهن، ونهاهن عن الخروج، وأمر بسكناهن، على وجه لا يحصل به عليهن، ضرر ولا مشقة، وذلك راجع إلى العرف، { وَإِنْ كُنَّ } أي: المطلقات { أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وذلك لأجل الحمل الذي في بطنها، إن كانت بائنًا، ولها ولحملها إن كانت رجعية، ومنتهى النفقة حتى يضعن حملهن فإذا وضعن حملهن، فإما أن يرضعن أولادهن أو لا، { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } المسماة لهن، إن كان مسمى، وإلا فأجر المثل، { وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } أي: وليأمر كل واحد من الزوجين ومن غيرهما، الآخر بالمعروف، وهو كل ما فيه منفعة ومصلحة في الدنيا والآخرة، فإن الغفلة عن الائتمار بالمعروف، يحصل فيه من الشر والضرر، ما لا يعلمه إلا الله، وفي الائتمار، تعاون على البر والتقوى، ومما يناسب هذا المقام، أن الزوجين عند الفراق وقت العدة، خصوصًا إذا ولد لهما ولد في الغالب يحصل من التنازع والتشاجر لأجل النفقة عليها وعلى الولد مع الفراق، الذي في الغالب ما يصدر إلا عن بغض، ويتأثر منه البغض شيء كثير
فكل منهما يؤمر بالمعروف، والمعاشرة الحسنة، وعدم المشاقة والمخاصمة وينصح على ذلك.
{ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ } بأن لم يتفقوا على إرضاعها لولدها، فلترضع له أخرى غيرها { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ } وهذا حيث كان الولد يقبل ثدي غير أمه، فإن لم يقبل إلا ثدي أمه، تعينت لإرضاعه، ووجب عليها، وأجبرت إن امتنعت، وكان لها أجرة المثل إن لم يتفقا على مسمى، وهذا مأخوذ من الآية الكريمة من حيث المعنى، فإن الولد لما كان في بطن أمه مدة الحمل، ليس له خروج منه عين تعالى على وليه النفقة، فلما ولد، وكان يمكن أن يتقوت من أمه، ومن غيرها، أباح تعالى، الأمرين، فإذا، كان بحالة لا يمكن أن يتقوت إلا من أمه، كان بمنزلة الحمل، وتعينت أمه طريقًا لقوته
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features