إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)

ثم أعلمهم أن من أكل مال يتيم ظلما فإنما يأكل في بطنه نارا; ولهذا قال : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) أي : إذا أكلوا أموال اليتامى بلا سبب ، فإنما يأكلون نارا تأجج في بطونهم يوم القيامة . وثبت في الصحيحين من حديث سليمان بن بلال ، عن ثور بن زيد عن سالم أبي الغيث ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات " قيل : يا رسول الله ، وما هن ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبيدة أخبرنا أبو عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، حدثنا أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : قلنا : يا رسول الله ، ما رأيت ليلة أسري بك ؟ قال : " انطلق بي إلى خلق من خلق الله كثير ، رجال ، كل رجل له مشفران كمشفري البعير ، وهو موكل بهم رجال يفكون لحاء أحدهم ، ثم يجاء بصخرة من نار فتقذف في في أحدهم حتى يخرج من أسفله ولهم خوار وصراخ . قلت يا جبريل ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا " .
وقال السدي : يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأنفه وعينيه ، يعرفه من رآه بأكل مال اليتيم .
وقال أبو بكر ابن مردويه : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد ، حدثنا أحمد بن عمرو ، حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا زياد بن المنذر ، عن نافع بن الحارث عن أبي برزة; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يبعث يوم القيامة القوم من قبورهم تأجج أفواههم نارا " قيل : يا رسول الله ، من هم ؟ قال : " ألم تر أن الله قال : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما [ إنما يأكلون في بطونهم نارا ] ) الآية .
رواه ابن أبي حاتم ، عن أبي زرعة ، عن عقبة بن مكرم وأخرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه ، عن أحمد بن علي بن المثنى ، عن عقبة بن مكرم .
وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الله بن جعفر ، وأحمد بن عصام حدثنا أبو عامر العبدي ، حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري ، عن عثمان بن محمد ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحرج مال الضعيفين : المرأة واليتيم " أي أوصيكم باجتناب مالهما .
وتقدم في سورة البقرة من طريق عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أنزل الله : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما [ إنما يأكلون في بطونهم نارا ] ) انطلق من كان عنده يتيم ، فعزل طعامه من طعامه ، وشرابه من شرابه ، فجعل يفضل الشيء فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : ( ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير [ وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ] ) [ البقرة : 220 ] .
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)

ولما أمرهم بذلك، زجرهم عن أكل أموال اليتامى، وتوعد على ذلك أشد العذاب فقال: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا } أي: بغير حق. وهذا القيد يخرج به ما تقدم، من جواز الأكل للفقير بالمعروف، ومن جواز خلط طعامهم بطعام اليتامى. فمَنْ أكلها ظلمًا فـ { إنما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا } أي: فإن الذي أكلوه نار تتأجج في أجوافهم وهم الذين أدخلوها في بطونهم. { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } أي: نارًا محرقة متوقدة. وهذا أعظم وعيد ورد في الذنوب، يدل على شناعة أكل أموال اليتامى وقبحها، وأنها موجبة لدخول النار، فدل ذلك أنها من أكبر الكبائر. نسأل الله العافية.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features