كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ (54)

( كلوا وارعوا أنعامكم )
أي : شيء لطعامكم وفاكهتكم ، وشيء لأنعامكم لأقواتها خضرا ويابسا .
( إن في ذلك لآيات ) أي : لدلالات وحججا وبراهين ( لأولي النهى ) أي : لذوي العقول السليمة المستقيمة ، على أنه لا إله إلا الله ، ولا رب سواه .
كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ (54)

{ كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ } وسياقها على وجه الامتنان، ليدل ذلك على أن الأصل في جميع النوابت الإباحة، فلا يحرم منهم إلا ما كان مضرا، كالسموم ونحوه.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى } أي: لذوي العقول الرزينة، والأفكار المستقيمة على فضل الله وإحسانه، ورحمته، وسعة جوده، وتمام عنايته، وعلى أنه الرب المعبود، المالك المحمود، الذي لا يستحق العبادة سواه، ولا الحمد والمدح والثناء، إلا من امتن بهذه النعم، وعلى أنه على كل شيء قدير، فكما أحيا الأرض بعد موتها، إن ذلك لمحيي الموتى.
وخص الله أولي النهى بذلك، لأنهم المنتفعون بها، الناظرون إليها نظر اعتبار، وأما من عداهم، فإنهم بمنزلة البهائم السارحة، والأنعام السائمة، لا ينظرون إليها نظر اعتبار، ولا تنفذ بصائرهم إلى المقصود منها، بل حظهم، حظ البهائم، يأكلون ويشربون، وقلوبهم لاهية، وأجسامهم معرضة. { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ }
كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ (54)

القول في تأويل قوله تعالى : ( كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ( 54 ) )
يقول تعالى ذكره : كلوا أيها الناس من طيب ما أخرجنا لكم بالغيث الذي أنزلناه من السماء إلى الأرض من ثمار ذلك وطعامه ، وما هو من أقواتكم [ ص: 321 ] وغذائكم ، وارعوا فيما هو أرزاق بهائمكم منه وأقواتها أنعامكم ( إن في ذلك لآيات ) يقول : إن فيما وصفت في هذه الآية من قدرة ربكم ، وعظيم سلطانه لآيات : يعني لدلالات وعلامات تدل على وحدانية ربكم ، وأن لا إله لكم غيره ( لأولي النهى ) يعني : أهل الحجا والعقول ، والنهى : جمع نهية ، كما الكشى : جمع كشية .
قال أبو جعفر : والكشى : شحمة تكون في جوف الضب ، شبيهة بالسرة ، وخص تعالى ذكره بأن ذلك آيات لأولي النهى ، لأنهم أهل التفكر والاعتبار ، وأهل التدبر والاتعاظ .
كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ (54)

قوله تعالى : كلوا وارعوا أنعامكم أمر إباحة . وارعوا من رعت الماشية الكلأ ، ورعاها صاحبها رعاية ؛ أي أسامها وسرحها ؛ لازم ومتعد . إن في ذلك لآيات لأولي النهى أي العقول . الواحدة نهية . قال لهم ذلك ؛ لأنهم الذين ينتهى إلى رأيهم . وقيل : لأنهم ينهون النفس عن القبائح . وهذا كله من موسى احتجاج على فرعون في إثبات الصانع جوابا لقوله : فمن ربكما يا موسى . وبين أنه إنما يستدل على الصانع اليوم بأفعاله .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features