ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)

ثم قال : ( ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ) أي : إنما حصل لهم ذلك بتوفيق الله وهدايته إياهم ( ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) تشديد لأمر الشرك ، وتغليظ لشأنه ، وتعظيم لملابسته ، كما قال [ تعالى ] ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ) الآية [ الزمر : 65 ] ، وهذا شرط ، والشرط لا يقتضي جواز الوقوع ، كقوله [ تعالى ] ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) [ الزخرف : 81 ] ، وكقوله ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ) [ الأنبياء : 17 ] وكقوله ( لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ) [ الزمر : 4 ] .
ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)

{ ذَلِكَ } الهدى المذكور { هُدَى اللَّهِ } الذي لا هدى إلا هداه. { يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } فاطلبوا منه الهدى فإنه إن لم يهدكم فلا هادي لكم غيره، وممن شاء هدايته هؤلاء المذكورون. { وَلَوْ أَشْرَكُوا } على الفرض والتقدير { لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } فإن الشرك محبط للعمل، موجب للخلود في النار. فإذا كان هؤلاء الصفوة الأخيار، لو أشركوا - وحاشاهم- لحبطت أعمالهم فغيرهم أولى.
ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)

( ذلك هدى الله ) دين الله ، ( يهدي به ) يرشد به ، ( من يشاء من عباده ولو أشركوا ) أي : هؤلاء الذين سميناهم ، ( لحبط ) لبطل وذهب ، ( عنهم ما كانوا يعملون )
ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)

القول في تأويل قوله : ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " ذلك هدى الله "، هذا الهدي الذي هديت به من سميت من الأنبياء والرسل، فوفقتهم به لإصابة الدين الحقّ الذي نالوا بإصابتهم إياه رضا ربهم، وشرفَ الدنيا، وكرامة الآخرة, هو " هدى الله ", يقول: هو توفيق الله ولطفه, الذي يوفق به من يشاء، ويلطف به لمن أحب من خلقه, حتى ينيب إلى طاعة الله، وإخلاص العمل له، وإقراره بالتوحيد، ورفضِ الأوثان والأصنام (57) =" ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون "، يقول: ولو أشرك هؤلاء الأنبياء الذين سميناهم، بربهم تعالى ذكره, فعبدوا معه غيره =" لحبط عنهم "، يقول: لبطل فذهبَ عنهم أجرُ أعمالهم التي كانوا يعملون, (58) لأن الله لا يقبل مع الشرك به عملا .
--------------------
الهوامش :
(57) انظر تفسير"الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).
ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)

قوله تعالى ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون قوله تعالى : ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا أي لو عبدوا غيري لحبطت أعمالهم ، ولكني عصمتهم . والحبوط البطلان . وقد تقدم في " البقرة " .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features