هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)

وقوله : ( هو الله الخالق البارئ المصور ) الخلق : التقدير ، والبراء : هو الفري ، وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود ، وليس كل من قدر شيئا ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عز وجل . قال الشاعر يمدح آخر
ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
أي : أنت تنفذ ما خلقت ، أي : قدرت بخلاف غيرك فإنه لا يستطيع ما يريد . فالخلق : التقدير . والفري : التنفيذ . ومنه يقال : قدر الجلاد ثم فرى ، أي : قطع على ما قدره بحسب ما يريده .
وقوله تعالى : ( الخالق البارئ المصور ) أي : الذي إذا أراد شيئا قال له : كن ، فيكون على الصفة التي يريد ، والصورة التي يختار . كقوله : ( في أي صورة ما شاء ركبك ) [ الانفطار : 8 ] ولهذا قال : ( المصور ) أي : الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها .
وقوله : ( له الأسماء الحسنى ) قد تقدم الكلام على ذلك في " سورة الأعراف " ، وذكر الحديث المروي في الصحيحين عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر " . وتقدم سياق الترمذي ، وابن ماجه له ، عن أبي هريرة أيضا ، وزاد بعد قوله : " وهو وتر يحب الوتر " - واللفظ للترمذي - : " هو الله الذي لا إله إلا هو ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الغفار ، القهار ، الوهاب ، الرزاق ، الفتاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلي ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحق ، الوكيل ، القوي ، المتين ، الولي ، الحميد ، المحصي ، المبدئ ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحي ، القيوم ، الواجد ، الماجد ، الواحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدم ، المؤخر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البر ، التواب ، المنتقم ، العفو ، الرءوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المقسط ، الجامع ، الغني ، المغني ، المانع ، الضار ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور " .
وسياق ابن ماجه بزيادة ، ونقصان ، وتقديم ، وتأخير ، وقد قدمنا ذلك مبسوطا مطولا بطرقه ، وألفاظه بما أغنى عن إعادته هنا .
وقوله : ( يسبح له ما في السماوات والأرض ) كقوله ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) [ الإسراء : 44 ] .
وقوله : ( وهو العزيز ) أي : فلا يرام جنابه ) الحكيم ) في شرعه وقدره . وقد قال الإمام أحمد :
حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا خالد - يعني : ابن طهمان أبو العلاء الخفاف - حدثنا نافع بن أبي نافع ، عن معقل بن يسار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قال حين يصبح ثلاث مرات : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة " .
ورواه الترمذي ، عن محمود بن غيلان ، عن أبي أحمد الزبيري به . ، وقال : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
آخر تفسير سورة الحشر ولله الحمد والمنة.
هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)

قوله تعالى : هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم
قوله تعالى : هو الله الخالق البارئ المصور الخالق هنا المقدر . والبارئ المنشئ المخترع . والمصور مصور الصور ومركبها على هيئات مختلفة . فالتصوير مرتب على الخلق والبراية وتابع لهما . ومعنى التصوير التخطيط والتشكيل . وخلق الله الإنسان في أرحام الأمهات ثلاث خلق : جعله علقة ، ثم مضغة ، ثم جعله صورة وهو التشكيل الذي يكون به صورة وهيئة يعرف بها ويتميز عن غيره بسمتها . فتبارك الله أحسن الخالقين . وقال النابغة :
الخالق البارئ المصور في ال أرحام ماء حتى يصير دما
وقد جعل بعض الناس الخلق بمعنى التصوير ، وليس كذلك ، وإنما التصوير آخرا والتقدير أولا والبراية بينهما . ومنه قوله الحق : وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير . وقال زهير :
ولأنت تفري ما خلقت وبع ض القوم يخلق ثم لا يفري
يقول : تقدر ما تقدر ثم تفريه ، أي تمضيه على وفق تقديرك ، وغيرك يقدر ما لا يتم له ولا يقع فيه مراده ، إما لقصوره في تصور تقديره أو لعجزه عن تمام مراده . وقد أتينا على هذا كله في " الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى " والحمد لله . وعن حاطب بن أبي بلتعة أنه قرأ " البارئ المصور " بفتح الواو ونصب الراء ، أي الذي يبرأ المصور ، أي يميز ما يصوره بتفاوت الهيئات . ذكره الزمخشري .
له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم تقدم الكلام فيه . وعن أبي هريرة قال : سألت خليلي أبا القاسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اسم الله الأعظم ، فقال : " يا أبا هريرة ، عليك بآخر سورة الحشر فأكثر قراءتها " فأعدت عليه فأعاد علي ، فأعدت عليه فأعاد علي . وقال جابر بن زيد : إن اسم الله الأعظم هو الله لمكان هذه الآية . وعن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ سورة الحشر غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر " . وعن أبي أمامة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ خواتيم سورة الحشر في ليل أو نهار فقبضه الله في تلك الليلة أو ذلك اليوم فقد أوجب الله له الجنة " . .
هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)

القول في تأويل قوله تعالى : هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)
يقول تعالى ذكره: هو المعبود الخالق، الذي لا معبود تصلح له العبادة غيره، ولا خالق سواه، البارئ الذي برأ الخلق، فأوجدهم بقدرته، المصوّر خلقه كيف شاء، وكيف يشاء.
قوله: (لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ) يقول تعالى ذكره: لله الأسماء الحسنى، وهي هذه الأسماء التي سمى الله بها نفسه، التي ذكرها في هاتين الآيتين.(يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) يقول: يسبح له جميع ما في السموات والأرض، ويسجد له طوعًا وكرهًا(وَهُوَ الْعَزِيزُ ) يقول: وهو الشديد الانتقام من أعدائه (الْحَكِيمُ ) في تدبيره خلقه، وصرفهم فيما فيه صلاحهم.
آخر تفسير سورة الحشر
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features