وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)

وقوله : ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ) لما أثبت تعالى لنفسه الكريمة الأسماء الحسنى ، نزه نفسه عن النقائص فقال : ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ) بل هو الله الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .
( ولم يكن له ولي من الذل ) أي : ليس بذليل فيحتاج أن يكون له ولي أو وزير أو مشير ، بل هو تعالى [ شأنه ] خالق الأشياء وحده لا شريك له ، ومقدرها ومدبرها بمشيئته وحده لا شريك له .
قال مجاهد في قوله : ( ولم يكن له ولي من الذل ) لم يحالف أحدا ولا يبتغي نصر أحد .
( وكبره تكبيرا ) أي : عظمه وأجله عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا .
قال ابن جرير : حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني أبو صخر ، عن القرظي أنه كان يقول في هذه الآية : ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ) الآية ، قال : إن اليهود والنصارى قالوا : اتخذ الله ولدا ، وقال العرب : [ لبيك ] لبيك ، لا شريك لك ؛ إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك . وقال الصابئون والمجوس : لولا أولياء الله لذل . فأنزل الله هذه الآية : ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا )
وقال أيضا : حدثنا بشر ، [ حدثنا يزيد ] حدثنا سعيد ، عن قتادة : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أهله هذه الآية ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ) الصغير من أهله والكبير .
قلت : وقد جاء في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها آية " العز " وفي بعض الآثار : أنها ما قرئت في بيت في ليلة فيصيبه سرق أو آفة . والله أعلم .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا بشر بن سيحان البصري ، حدثنا حرب بن ميمون ، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي هريرة قال : خرجت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ويدي في يده ، فأتى على رجل رث الهيئة ، فقال : " أي فلان ، ما بلغ بك ما أرى ؟ " . قال : السقم والضر يا رسول الله . قال : " ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضر ؟ " . قال : لا قال : ما يسرني بها أن شهدت معك بدرا أو أحدا . قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " وهل يدرك أهل بدر وأهل أحد ما يدرك الفقير القانع ؟ " . قال : فقال أبو هريرة : يا رسول الله ، إياي فعلمني قال : فقل يا أبا هريرة : " توكلت على الحي الذي لا يموت ، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل ، وكبره تكبيرا " . قال : فأتى علي رسول الله وقد حسنت حالي ، قال : فقال لي : " مهيم " . قال : قلت : يا رسول الله ، لم أزل أقول الكلمات التي علمتني .
إسناده ضعيف وفي متنه نكارة . [ والله أعلم ] .
آخر تفسير سورة سبحان ولله الحمد والمنة.
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)

قوله تعالى : وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا
قوله تعالى : وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا هذه الآية رادة على اليهود والنصارى والعرب في قولهم أفذاذا : عزير وعيسى والملائكة ذرية الله - سبحانه - ; تعالى الله عن أقوالهم !
ولم يكن له شريك في الملك لأنه واحد لا شريك له في ملكه ولا في عبادته .
ولم يكن له ولي من الذل قال مجاهد : المعنى لم يحالف أحدا ولا ابتغى نصر أحد ; أي لم يكن له ناصر يجيره من الذل فيكون مدافعا . وقال الكلبي : لم يكن له ولي من اليهود والنصارى ; لأنهم أذل الناس ، ردا لقولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه . وقال الحسن بن الفضل : ولم يكن له ولي من الذل يعني لم يذل فيحتاج إلى ولي ولا ناصر لعزته وكبريائه .
وكبره تكبيرا أي عظمه عظمة تامة . ويقال : أبلغ لفظة للعرب في معنى التعظيم والإجلال : الله أكبر ; أي صفه بأنه أكبر من كل شيء . قال الشاعر :
رأيت الله أكبر كل شيء محاولة وأكثرهم جنودا
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل في الصلاة قال : ( الله أكبر ) وقد تقدم أول الكتاب . وقال عمر بن الخطاب . قول العبد الله أكبر خير من الدنيا وما فيها . وهذه الآية هي خاتمة التوراة . روى مطرف عن عبد الله بن كعب قال : افتتحت التوراة بفاتحة سورة [ الأنعام ] وختمت بخاتمة هذه السورة . وفي الخبر أنها آية العز ; رواه معاذ بن جبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أفصح الغلام من بني عبد المطلب علمه وقل الحمد لله الذي الآية . وقال عبد الحميد بن واصل : سمعت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من قرأ وقل الحمد لله الآية كتب الله له من الأجر مثل الأرض والجبل لأن الله - تعالى - يقول فيمن زعم أن له ولدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا . وجاء في الخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجل شكا إليه الدين بأن يقرأ قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن - إلى آخر السورة ثم يقول - توكلت على الحي الذي لا يموت ثلاث مرات . تمت سورة الإسراء والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)

يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم ( وَقُلْ) يا محمد ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ) فيكون مربوبا لا ربا، لأن ربّ الأرباب لا ينبغي أن يكون له ولد ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ) فيكون عاجزا ذا حاجة إلى معونة غيره ضعيفا، ولا يكون إلها من يكون محتاجا إلى معين على ما حاول، ولم يكن منفردا بالمُلك والسلطان ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ) يقول: ولم يكن له حليف حالفه من الذّل الذي به، لأن من كان ذا حاجة إلى نصرة غيره، فذليل مهين، ولا يكون من كان ذليلا مهينا يحتاج إلى ناصر إلها يطاع ( وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) يقول: وعظم ربك يا محمد بما أمرناك أن تعظمه به من قول وفعل، وأطعه فيما أمرك ونهاك.
وبنحو الذي قلنا في قوله ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ) قال: لم يحالف أحدا، ولا يبتغي نصر أحد.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: " ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يعلِّم أهله هذه الآية ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) الصغير من أهله والكبير.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا أبو الجنيد، عن جعفر، عن سعيد، عن ابن عباس، قال: إن التوراة كلها في خمس عشرة آية من بني إسرائيل، ثم تلا لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ .
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أبو صخر ، عن القُرَظي، أنه كان يقول في هذه الآية ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ).... الآية. قال: إن اليهود والنصارى قالوا: اتخذ الله ولدا ، وقالت العرب: لبيك، لبيك، لا شريك لك، إلا شريكا هو لك ، وقال الصابئون والمجوس: لولا أولياء الله لذلّ الله، فأنـزل الله ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ ) أنت يا محمد على ما يقولون ( تَكْبِيرًا ).
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features