۞ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)

وقوله : ( إنما يستجيب الذين يسمعون ) أي : إنما يستجيب لدعائك يا محمد من يسمع الكلام ويعيه ويفهمه ، كقوله : ( لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ) [ يس : 70 ] ، وقوله ( والموتى يبعثهم الله ) يعني : بذلك الكفار ; لأنهم موتى القلوب ، فشبههم الله بأموات الأجساد فقال : ( والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ) وهذا من باب التهكم بهم ، والازدراء عليهم .
۞ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)

قوله تعالى : إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون
قوله تعالى : إنما يستجيب الذين يسمعون أي : سماع إصغاء وتفهم وإرادة الحق ، وهم المؤمنون الذين يقبلون ما يسمعون فينتفعون به ويعملون ; قال معناه الحسن ومجاهد ، وتم الكلام . ثم قال : والموتى يبعثهم الله وهم الكفار ; عن الحسن ومجاهد ; أي : هم بمنزلة الموتى في أنهم لا يقبلون ولا يصغون إلى حجة . وقيل : الموتى كل من مات . يبعثهم الله أي : للحساب ; وعلى الأول بعثهم هدايتهم إلى الإيمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم . وعن الحسن : هو بعثهم من شركهم حتى يؤمنوا بك يا محمد - يعني عند حضور الموت - في حال الإلجاء في الدنيا .
۞ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)

( إنما يستجيب الذين يسمعون ) يعني : المؤمنين الذين يسمعون الذكر فيتبعونه وينتفعون به دون من ختم الله على سمعه ، ( والموتى ) يعني الكفار ، ( يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ) فيجزيهم بأعمالهم .
۞ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)

القول في تأويل قوله : إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا يكبُرنّ عليك إعراض هؤلاء المعرضين عنك، وعن الاستجابة لدعائك إذا دعوتهم إلى توحيد ربّهم والإقرار بنبوّتك, فإنه لا يستجيب لدعائك إلى ما تدعوه إليه من ذلك، (1) إلا الذين فتح الله أسماعهم للإصغاء إلى الحق، وسهَّل لهم اتباع الرُّشد, دون من ختم الله على سمعه، فلا يفقه من دعائك إياه إلى الله وإلى اتباع الحق إلا ما تفقه الأنعام من أصوات رُعاتها, فهم كما وصفهم به الله تعالى ذكره: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ [سورة البقرة: 171] =" والموتى يبعثهم الله " ، يقول: والكفارُ يبعثهم الله مع الموتى, فجعلهم تعالى ذكره في عداد الموتى الذين لا يسمعون صوتًا، ولا يعقلون دعاء، ولا يفقهون قولا إذ كانوا لا يتدبرون حُجج الله، ولا يعتبرون آياته، ولا يتذكرون فينـزجرون عما هم عليه من تكذيب رُسل الله وخلافهم. (2)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
13206 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " إنما يستجيب الذين يسمعون "، المؤمنون، للذكر =" والموتى " ، الكفار, حين يبعثهم الله مع الموتى.
13207- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .
13208 - حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " إنما يستجيب الذين يسمعون " ، قال: هذا مَثَل المؤمن، سمع كتاب الله فانتفع به وأخذ به وعقله. والذين كذَّبوا بآياتنا صم وبكم, وهذا مثل الكافر أصم أبكم, لا يبصر هدًى ولا ينتفع به.
13209 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن سفيان الثوري, عن محمد بن جحادة, عن الحسن: " إنما يستجيب الذين يسمعون "، المؤمنون =" والموتى " ، قال: الكفار.
13210- حدثني ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن محمد بن جحادة قال: سمعت الحسن يقول في قوله: " إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله " ، قال: الكفار.
* * *
وأما قوله: " ثم إليه يرجعون " ، فإنه يقول تعالى ذكره: ثم إلى الله يرجع المؤمنون الذين استجابوا لله والرسول, (3) والكفارُ الذين يحول الله بينهم وبين أن يفقهوا عنك شيئًا, فيثيب هذا المؤمن على ما سلف من صالح عمله في الدنيا بما وعد أهل الإيمان به من الثواب, ويعاقب هذا الكافرَ بما أوعدَ أهل الكفر به من العقاب, لا يظلم أحدًا منهم مثقال ذرة.
---------------------
الهوامش :
(1) انظر تفسير"الاستجابة" فيما سلف 3: 483 ، 484/7 : 486 - 488.
(2) في المطبوعة: "ولا يتذكرون فينزجروا" وفي المخطوطة: "ولا يتذكروا فينزجروا" والصواب ما أثبته.
(3) في المطبوعة والمخطوطة: "ثم إلى الله يرجعون المؤمنون" ، وليس بشيء هنا ، والجيد ما أثبته.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features