قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)

يقول تعالى مخاطبا عباده المؤمنين الذين أصيبوا يوم أحد ، وقتل منهم سبعون : ( قد خلت من قبلكم سنن ) أي : قد جرى نحو هذا على الأمم الذين كانوا من قبلكم من أتباع الأنبياء ، ثم كانت العاقبة لهم والدائرة على الكافرين ، ولهذا قال : ( فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) .
قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)

قوله تعالى : قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين
هذا تسلية من الله تعالى للمؤمنين ، والسنن جمع سنة وهي الطريق المستقيم . وفلان على السنة أي على طريق الاستواء لا يميل إلى شيء من الأهواء ، قال الهذلي :
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها فأول راض سنة من يسيرها
والسنة : الإمام المتبع المؤتم به ، يقال : سن فلان سنة حسنة وسيئة إذا عمل عملا اقتدي به فيه من خير أو شر ، قال لبيد :
من معشر سنت لهم آباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها
والسنة الأمة ، والسنن الأمم ; عن المفضل . وأنشد :
ما عاين الناس من فضل كفضلهم ولا رأوا مثلهم في سالف السنن
وقال الزجاج : والمعنى أهل سنن ، فحذف المضاف . وقال أبو زيد : أمثال . عطاء : شرائع . مجاهد : المعنى قد خلت من قبلكم سنن يعنى بالهلاك فيمن كذب قبلكم كعاد وثمود . والعاقبة : آخر الأمر ، وهذا في يوم أحد . يقول فأنا أمهلهم وأملي لهم وأستدرجهم حتى يبلغ الكتاب أجله ، يعني بنصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين وهلاك أعدائهم الكافرين .
قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)

قوله تعالى : ( قد خلت من قبلكم سنن ) قال عطاء : شرائع ، وقال الكلبي : مضت لكل أمة سنة ومنهاج إذا اتبعوها رضي الله عنهم ، وقال مجاهد : قد خلت من قبلكم سنن بالهلاك فيمن كذب قبلكم ، وقيل : سنن أي : أمم والسنة : الأمة قال الشاعر :
ما عاين الناس من فضل كفضلكم ولا رأوا مثلكم في سالف السنن
وقيل معناه : أهل السنن ، والسنة هي : الطريقة المتبعة في الخير والشر ، يقال : سن فلان سنة حسنة وسنة سيئة إذا عمل عملا اقتدي به من خير وشر .
ومعنى الآية : قد مضت وسلفت مني سنن فيمن كان قبلكم من الأمم الماضية الكافرة ، بإمهالي واستدراجي إياهم حتى يبلغ الكتاب فيهم أجلي الذي أجلته لإهلاكهم ، وإدالة أنبيائي عليهم . ( فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) أي : آخر أمر المكذبين ، وهذا في حرب أحد ، يقول الله عز وجل : فأنا أمهلهم وأستدرجهم حتى يبلغ أجلي الذي أجلت في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وأوليائه وإهلاك أعدائه .
قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)

القول في تأويل قوله : أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " أولئك "، الذين ذكر أنه أعد لهم الجنة التي عرضها السموات والأرض، من المتقين، ووصفهم بما وصفهم به. ثم قال: هؤلاء الذين هذه صفتهم =" جزاؤهم "، يعني ثوابهم من أعمالهم التي وصَفهم تعالى ذكره أنهم عملوها، (33) = " مغفرة من ربهم "، يقول: عفوٌ لهم من الله عن عقوبتهم على ما سلف من ذنوبهم، ولهم على ما أطاعوا الله فيه من أعمالهم بالحسن منها =" جنات "، وهي البساتين (34) = " تجري من تحتها الأنهار "، يقول: تجري خلال أشجارها الأنهار وفي أسافلها، جزاء لهم على صالح أعمالهم (35) = " خالدين فيها " يعني: دائمي المقام في هذه الجنات التي وصفها =" ونعم أجر العاملين "، يعني: ونعم جزاء العاملين لله، الجنات التي وصفها، كما:-
7866- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين "، أي ثواب المطيعين. (36)
----------------------
الهوامش :
(33) انظر تفسير: "الجزاء" فيما سلف 2: 27 ، 28 ، 314 / 6: 576.
(34) انظر تفسير: "الجنات" فيما سلف 1: 384 / 5 : 535 ، 542.
(35) انظر تفسير: "تجري من تحتها الأنهار" فيما سلف 5: 542.
(36) الأثر: 7866- سيرة ابن هشام 3: 116 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 7865.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features