ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)

وقوله : ( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ) تهديد لهم شديد ، ووعيد أكيد ، كقوله تعالى : ( قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ) [ إبراهيم : 30 ] وقوله : ( كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ) [ المرسلات : 46 ] ولهذا قال : ( ويلههم الأمل ) أي : عن التوبة والإنابة ، ( فسوف يعلمون ) أي : عاقبة أمرهم .
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)

قوله تعالى : ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون فيه مسألتان :
الأولى : قوله - تعالى - : ذرهم يأكلوا ويتمتعوا تهديد لهم . ويلههم الأمل أي يشغلهم عن الطاعة . يقال : ألهاه عن كذا أي شغله . ولهي هو عن الشيء يلهى . فسوف يعلمون إذا رأوا القيامة وذاقوا وبال ما صنعوا . وهذه الآية منسوخة بالسيف .
الثانية : في مسند البزار عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أربعة من الشقاء : جمود العين ، وقساوة القلب ، وطول الأمل ، والحرص على الدنيا . وطول الأمل داء عضال ومرض مزمن ، ومتى تمكن من القلب فسد مزاجه واشتد علاجه ، ولم يفارقه داء ولا نجح فيه دواء ، بل أعيا الأطباء ويئس من برئه الحكماء والعلماء . وحقيقة الأمل : الحرص على الدنيا والانكباب عليها ، والحب لها والإعراض عن الآخرة . وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : نجا أول هذه الأمة باليقين والزهد ويهلك آخرها بالبخل والأمل . ويروى عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أنه قام على درج مسجد دمشق فقال : ( يا أهل دمشق ، ألا تسمعون من أخ لكم ناصح ، إن من كان قبلكم كانوا يجمعون كثيرا ويبنون مشيدا ويأملون بعيدا ، فأصبح جمعهم بورا وبنيانهم قبورا وأملهم غرورا . هذه عاد قد ملأت البلاد أهلا ومالا وخيلا ورجالا ، فمن يشتري مني اليوم تركتهم بدرهمين ! وأنشد :
يا ذا المؤمل آمالا وإن بعدت منه ويزعم أن يحظى بأقصاها أنى تفوز بما ترجوه ويك وما
أصبحت في ثقة من نيل أدناها
وقال الحسن : ( ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل ) . وصدق - رضي الله عنه - ! فالأمل يكسل عن العمل ويورث التراخي والتواني ، ويعقب التشاغل والتقاعس ، ويخلد إلى الأرض ويميل إلى الهوى . وهذا أمر قد شوهد بالعيان فلا يحتاج إلى بيان ولا يطلب صاحبه ببرهان ; كما أن قصر الأمل يبعث على العمل ، ويحيل على المبادرة ، ويحث على المسابقة .
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)

( ذرهم ) يا محمد ، يعني : الذين كفروا ( يأكلوا ) في الدنيا ( ويتمتعوا ) من لذاتهم ( ويلههم ) يشغلهم ( الأمل ) عن الأخذ بحظهم من الإيمان والطاعة ( فسوف يعلمون ) إذا وردوا القيامة وذاقوا وبال ما صنعوا ، وهذا تهديد ووعيد .
وقال بعض أهل العلم : " ذرهم " تهديد ، وقوله : " فسوف يعلمون " تهديد آخر ، فمتى يهنأ العيش بين تهديدين ؟ والآية نسختها آية القتال .
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)

فـ { ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا } بلذاتهم { وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ } أي: يؤملون البقاء في الدنيا فيلهيهم عن الآخرة، { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } أن ما هم عليه باطل وأن أعمالهم ذهبت خسرانا عليهم ولا يغتروا بإمهال الله تعالى فإن هذه سنته في الأمم.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features