وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19)

يقول تعالى : وكما أرقدناهم بعثناهم صحيحة أبدانهم وأشعارهم وأبشارهم ، لم يفقدوا من أحوالهم وهيئاتهم شيئا ، وذلك بعد ثلاثمائة سنة وتسع سنين ؛ ولهذا تساءلوا بينهم : ( كم لبثتم ) ؟ أي : كم رقدتم ؟ ( قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ) كان دخولهم إلى الكهف في أول نهار ، واستيقاظهم كان في آخر نهار ؛ ولهذا استدركوا فقالوا : ( أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم ) أي : الله أعلم بأمركم ، وكأنه حصل لهم نوع تردد في كثرة نومهم ، فالله أعلم ، ثم عدلوا إلى الأهم في أمرهم إذ ذاك وهو احتياجهم إلى الطعام والشراب ، فقالوا : ( فابعثوا أحدكم بورقكم ) أي فضتكم هذه . وذلك أنهم كانوا قد استصحبوا معهم دراهم من منازلهم لحاجتهم إليها ، فتصدقوا منها وبقي منها ؛ فلهذا قالوا : ( فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة ) أي مدينتكم التي خرجتم منها والألف واللام للعهد .
( فلينظر أيها أزكى طعاما ) أي : أطيب طعاما ، كقوله : ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ) [ النور : 21 ] وقوله ) قد أفلح من تزكى ) [ الأعلى : 14 ] ومنه الزكاة التي تطيب المال وتطهره . وقيل : أكثر طعاما ، ومنه زكاة الزرع إذا كثر ، قال الشاعر :
قبائلنا سبع وأنتم ثلاثة وللسبع أزكى من ثلاث وأطيب
والصحيح الأول ؛ لأن مقصودهم إنما هو الطيب الحلال ، سواء كان قليلا أو كثيرا .
وقوله ) وليتلطف ) أي : في خروجه وذهابه ، وشرائه وإيابه ، يقولون : وليتخف كل ما يقدر عليه ) ولا يشعرن ) أي : ولا يعلمن ( بكم أحدا)
وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19)

قوله تعالى : ( وكذلك بعثناهم ) أي : كما أنمناهم في الكهف وحفظنا أجسادهم من البلى على طول الزمان فكذلك بعثناهم من النومة التي تشبه الموت ( ليتساءلوا بينهم ) ليسأل بعضهم بعضا واللام فيه لام العاقبة لأنهم لم يبعثوا للسؤال .
( قال قائل منهم ) وهو رئيسهم مكسلمينا ( كم لبثتم ) في نومكم؟ وذلك أنهم استنكروا طول نومهم ويقال : إنهم راعهم ما فاتهم من الصلاة فقالوا ذلك .
( قالوا لبثنا يوما ) وذلك أنهم دخلوا الكهف غدوة فقالوا فانتبهوا [ حين انتبهوا ] عشية فقالوا : لبثنا يوما ثم نظروا وقد بقيت من الشمس بقية فقالوا : ( أو بعض يوم ) فلما نظروا إلى طول شعورهم وأظفارهم علموا أنهم لبثوا أكثر من يوم .
( قالوا ربكم أعلم بما لبثتم ) وقيل : إن رئيسهم مكسلمينا لما سمع الاختلاف بينهم قال : دعوا الاختلاف ربكم أعلم بما لبثتم ( فابعثوا أحدكم بورقكم هذه ) يعني يمليخا .
قرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر : بورقكم ساكنة الراء والباقون بكسرها ومعناهما واحد وهي الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة .
( إلى المدينة ) قيل : هي طرسوس وكان اسمها في الجاهلية أفسوس فسموها في الإسلام طرسوس .
( فلينظر أيها أزكى طعاما ) أي : أحل طعاما حتى لا يكون من غصب أو سبب حرام وقيل : أمروه أن يطلب ذبيحة مؤمن ولا يكون من ذبيحة من يذبح لغير الله وكان فيهم مؤمنون يخفون إيمانهم وقال الضحاك : أطيب طعاما وقال مقاتل بن حيان : أجود طعاما وقال عكرمة : أكثر وأصل الزكاة الزيادة وقيل : أرخص طعاما .
( فليأتكم برزق منه ) أي : قوت وطعام تأكلونه ( وليتلطف ) وليترفق في الطريق وفي المدينة وليكن في ستر وكتمان ( ولا يشعرن ) ولا يعلمن ( بكم أحدا ) من الناس .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features