لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)

وقوله : ( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) أي : بهذا المقال الذي استهزأتم به ( إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ) أي : لا يعفى عن جميعكم ، ولا بد من عذاب بعضكم ، ( بأنهم كانوا مجرمين ) أي : مجرمين بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة .
لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)

( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) فإن قيل : كيف قال : كفرتم بعد إيمانكم ، وهم لم يكونوا مؤمنين؟
قيل : معناه : أظهرتم الكفر بعدما أظهرتم الإيمان .
( إن نعف عن طائفة منكم ) أي : نتب على طائفة منكم ، وأراد بالطائفة واحدا ، ( نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ) بالاستهزاء . قرأ عاصم : " نعف " بالنون وفتحها وضم الفاء ، " نعذب " بالنون وكسر الذال ، ( طائفة ) نصب . وقرأ الآخرون : " يعف " بالياء وضمها وفتح الفاء ، ( تعذب ) بالتاء وفتح الذال ، " طائف " رفع على غير تسمية الفاعل .
وقال محمد بن إسحاق : الذي عفا عنه رجل واحد ، هو مخشي بن حمير الأشجعي ، يقال هو الذي كان يضحك ولا يخوض ، وكان يمشي مجانبا لهم وينكر بعض ما يسمع ، فلما نزلت هذه الآية تاب من نفاقه ، وقال : اللهم إني لا أزال أسمع آية تقرأ أعنى بها تقشعر الجلود منها ، وتجب منها القلوب ، اللهم اجعل وفاتي قتلا في سبيلك لا يقول أحد أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت ، فأصيب يوم اليمامة ، فما أحد من المسلمين إلا عرف مصرعه غيره .
لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)

القول في تأويل قوله : لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء الذين وصفت لك صفتهم: (لا تعتذروا)، بالباطل, فتقولوا: (كنا نخوض ونلعب) =(قد كفرتم)، يقول: قد جحدتم الحق بقولكم ما قلتم في رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به (18) =(بعد إيمانكم)، يقول: بعد تصديقكم به وإقراركم به =(إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة). (19)
* * *
وذكر أنه عُنِي: بـ " الطائفة "، في هذا الموضع، رجلٌ واحد. (20)
وكان ابن إسحاق يقول فيما:-
16919- حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: كان الذي عُفِي عنه، فيما بلغني مَخْشِيّ بن حُمَيِّر الأشجعي، (21) حليف بني سلمة, وذلك أنه أنكر منهم بعض ما سمع. (22)
16920- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن حبان, عن موسى بن عبيدة, عن محمد بن كعب: (إن نعف عن طائفة منكم)، قال: " طائفة "، رجل.
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معناه: (إن نعف عن طائفة منكم)، بإنكاره ما أنكر عليكم من قبل الكفر =(نعذب طائفة)، بكفره واستهزائه بآيات الله ورسوله.
* ذكر من قال ذلك:
16922- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر قال، قال بعضهم: كان رجل منهم لم يمالئهم في الحديث, يسير مجانبًا لهم, (23) فنـزلت: (إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة)، فسُمِّي " طائفةً" وهو واحدٌ.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك. إن تتب طائفة منكم فيعفو الله عنه, يعذب الله طائفة منكم بترك التوبة.
* * *
وأما قوله: (إنهم كانوا مجرمين)، فإن معناه: نعذب طائفة منهم باكتسابهم الجرم, وهو الكفر بالله, وطعنهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم. (24)
---------------------
الهوامش :
(18) في المخطوطة : " يقول : لحم الحق " ، وهي لا تقرأ ، والذي في المطبوعة مقارب للصواب ، فتركته على حاله .
(19) انظر تفسير "العفو" فيما سلف من فهارس اللغة (عفا).
(20) انظر تفسير "الطائفة" فيما سلف 13 : 398، تعليق : 1 ، والمراجع هناك.
(21) في سيرة ابن هشام في هذا الموضع "مخشن بن حمير" ، وقد أشار ابن هشام إلى هذا الاختلاف فيما سلف من سيرته، ابن هشام 4 : 168 . ولكني أثبت ما في المخطوطة.
(22) الأثر : 16919 - سيرة ابن هشام 4 : 195 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16910.
(23) في المطبوعة : "فيسير"، بالفاء، أثبت ما في المخطوطة.
(24) انظر تفسير " الإجرام " فيما سلف 13 : 408 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features