قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ (61)

( قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا ) أي : لا تخيلوا للناس بأعمالكم إيجاد أشياء لا حقائق لها ، وأنها مخلوقة ، وليست مخلوقة ، فتكونوا قد كذبتم على الله ، ( فيسحتكم بعذاب ) أي : يهلككم بعقوبة هلاكا لا بقية له ، ( وقد خاب من افترى)
قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ (61)

( قال لهم موسى ) يعني : للسحرة الذين جمعهم فرعون ، وكانوا اثنين وسبعين ساحرا ، مع كل واحد حبل وعصا .
وقيل : كانوا أربعمائة . وقال كعب : كانوا اثني عشر ألفا . وقيل أكثر من ذلك .
( ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب ) قرأ حمزة والكسائي وحفص : ( فيسحتكم ) بضم الياء وكسر الحاء ، وقرأ الباقون بفتح الياء والحاء وهما لغتان . قال مقاتل والكلبي : فيهلككم . وقال قتادة : فيستأصلكم ، ( وقد خاب من افترى )
قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ (61)

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61)
يقول تعالى ذكره: قال موسى للسحرة لما جاء بهم فرعون ( وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) يقول: لا تختلقوا على الله كذبا، ولا تتقوّلوه ( فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ) فيستأصلكم بهلاك فيبيدكم. وللعرب فيه لغتان: سحت، وأسحت، وسحت، أكثر من أسحت، يقال منه: سحت الدهر، وأسحت مال فلان: إذا أهلكه فهو يسحته سحتا، وأسحته يسحته إسحاتا ، ومن الإسحات قول الفرزدق:
وَعَـضُّ زَمـان يـا بنَ مَرْوَانَ لَمْ يَدَعْ
مِــنَ المَـالِ إلا مُسْـحَتا أوْ مُجـلَّف (2)
ويُروى: إلا مسحت أو مجلف.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ) يقول: فيهلككم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ) يقول: يستأصلكم بعذاب.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ) قال: فيستأصلكم بعذاب فيهلككم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ) قال: يهلككم هلاكا ليس فيه بقيَّة، قال: والذي يسحت ليس فيه بقية.
حدثنا موسى قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ) يقول: يهلككم بعذاب.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة ( فَيَسْحَتَكُمْ) بفتح الياء من سحت يَسحت. وقرأته عامة قراء الكوفة (فَيُسْحِتَكُمْ) بضم الياء من أسحت يسحت.
قال أبو جعفر: والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان، ولغتان معروفتان بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن الفتح فيها أعجب إلي لأنها لغة أهل العالية، وهي أفصح والأخرى وهي الضم في نجد.
وقوله ( وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ) يقول: لم يظفر من يخلق كذبا، ويقول بكذبه ذلك بحاجته التي طلبها به، ورجا إدراكها به.
--------------------
الهوامش :
(2) هذا البيت للفرزدق من نقيضته التي مطلعه * عزفت بأعشاش وما كدت تعزف *
وقبل بيت الشاهد قوله ( انظر ديوانه طبعة الصاوي ص 565 ) :
إليــك أمـير المـؤمنين رمـت بنـا
همــوم المنـى والوجـل المتعسـف
ورواية الشاهد عند المؤلف موافقة لرواية ( اللسان : جلف ) . قال : قال أبو الغوث : المسحت : الملك . والمجلف : الذي بقيت منه بقية ، أو هو الذي أخذ من جوانبه . والمجلف أيضا : الرجل الذي جلفته السنون ، أي أذهبت أمواله . وفيه ( اللسان : سحت ) وقوله عز وجل : ( فيسحتكم بعذاب ) : قرئ : فيسحتكم بعذاب ، ويسحتكم . بفتح الياء والحاء ، ويسحت ( بضم الياء ) أكثر . فسحتكم ( بفتح الياء والحاء ) : يقشركم . ويسحتكم ( بضم الياء ) يستأصلكم ، وأسحت ماله : استأصله وأفسده ، قال الفرزدق: * وعفي زمان ......... أو مجلف *
أما رفع مجلف ، فهو على تقدير مبتدأ ، كأنه قال أو هو مجلف . والبيت شاهد عند الطبري ، على أن معنى قوله تعالى : فيسحتكم : يستأصلكم .
قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ (61)

قال لهم موسى أي قال لفرعون والسحرة ويلكم دعاء عليهم بالويل . وهو بمعنى المصدر . وقال أبو إسحاق الزجاج : هو منصوب بمعنى ألزمهم الله ويلا . قال : ويجوز أن يكون نداء كقوله تعالى : يا ويلنا من بعثنا لا تفتروا على الله كذبا أي لا تختلقوا عليه الكذب ، ولا تشركوا به ، ولا تقولوا للمعجزات إنها سحر . فيسحتكم بعذاب من عنده أي يستأصلكم بالإهلاك يقال فيه : سحت وأسحت بمعنى . وأصله من استقصاء الشعر . وقرأ الكوفيون ( فيسحتكم ) من أسحت ، الباقون ( فيسحتكم ) من سحت وهذه لغة أهل الحجاز و بني تميم . وانتصب على جواب النهي . وقال الفرزدق :
وعض زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إلا مسحتا أو مجلفا
الزمخشري : وهذا بيت لا تزال الركب تصطك في تسوية إعرابه . وقد خاب من افترى أي خسر وهلك ، وخاب من الرحمة والثواب من ادعى على الله ما لم يأذن به .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features