وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)

وقوله : ( ويطعمون الطعام على حبه ) قيل : على حب الله تعالى . وجعلوا الضمير عائدا إلى الله عز وجل لدلالة السياق عليه . والأظهر أن الضمير عائد على الطعام ، أي : ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له ، قاله مجاهد ومقاتل ، واختاره ابن جرير ، كقوله تعالى : ( وآتى المال على حبه ) [ البقرة : 177 ] ، وكقوله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) [ آل عمران : 92 ] .
وروى البيهقي ، من طريق الأعمش ، عن نافع قال : مرض ابن عمر فاشتهى عنبا - أول ما جاء العنب - فأرسلت صفية - يعني امرأته - فاشترت عنقودا بدرهم ، فاتبع الرسول السائل ، فلما دخل به قال السائل : السائل . فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعطوه إياه . ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقودا فاتبع الرسول السائل ، فلما دخل قال السائل : السائل ، فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعطوه إياه ، فأرسلت صفية إلى السائل ، فقالت : والله إن عدت لا تصيب منه خيرا أبدا . ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به .
وفي الصحيح : " أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح ، شحيح ، تأمل الغنى ، وتخشى الفقر " أي : في حال محبتك للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه ; ولهذا قال تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) أما المسكين واليتيم ، فقد تقدم بيانهما وصفتهما . وأما الأسير : فقال سعيد بن جبير والحسن والضحاك : الأسير : من أهل القبلة . وقال ابن عباس : كان أسراؤهم يومئذ مشركين . ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى ، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء ، وهكذا قال سعيد بن جبير وعطاء والحسن وقتادة .
وقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الأرقاء في غيرما حديث ، حتى إنه كان آخر ما أوصى أن جعل يقول : " الصلاة وما ملكت أيمانكم " .
وقال عكرمة : هم العبيد - واختاره ابن جرير - لعموم الآية للمسلم والمشرك .
قال مجاهد : هو المحبوس ، أي : يطعمون لهؤلاء الطعام وهم يشتهونه ويحبونه
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)

"ويطعمون الطعام على حبه"، أي على حب الطعام وقلته وشهوتهم له وحاجتهم إليه. وقيل: على حب الله عز وجل، "مسكيناً"، فقيراً لا مال له، "ويتيماً"، صغيراً لا أب له "وأسيراً"، قال مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء: هو المسجون من أهل القبلة. وقال قتادة: أمر الله بالأسراء أن يحسن إليهم، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك. وقيل: الأسير المملوك. وقيل: المرأة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان" أي أسراء. واختلفوا في سبب نزول هذه الآية، قال مقاتل: نزلت في رجل من الأنصار أطعم في يوم واحد مسكيناً ويتيماً وأسيراً. وروى مجاهد وعطاء عن ابن عباس: أنها نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك أنه عمل ليهودي بشيء من شعير، فقبض الشعير فطحن ثلثه فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فسأل فأخرجوا إليه الطعام، ثم عمل الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه، ثم عمل الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين، فسأل فأطعموه، وطووا يومهم ذلك: وهذا قول الحسن وقتادة، أن الأسير كان من أهل الشرك، وفيه دليل على أن إطعام الأسارى، وإن كانوا من أهل الشرك، حسن يرجى ثوابه.
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)

{ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ } أي: وهم في حال يحبون فيها المال والطعام، لكنهم قدموا محبة الله على محبة نفوسهم، ويتحرون في إطعامهم أولى الناس وأحوجهم { مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features