قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (10)

( قال قائل منهم ) قال قتادة ، ومحمد بن إسحاق : كان أكبرهم واسمه روبيل . وقال السدي : الذي قال ذلك يهوذا . وقال مجاهد : هو شمعون ( لا تقتلوا يوسف ) أي : لا تصلوا في عداوته وبغضه إلى قتله ، ولم يكن لهم سبيل إلى قتله; لأن الله تعالى كان يريد منه أمرا لا بد من إمضائه وإتمامه ، من الإيحاء إليه بالنبوة ، ومن التمكين له ببلاد مصر والحكم بها ، فصرفهم الله عنه بمقالة روبيل فيه وإشارته عليهم بأن يلقوه في غيابة الجب ، وهو أسفله .
قال قتادة : وهي بئر بيت المقدس .
( يلتقطه بعض السيارة ) أي : المارة من المسافرين ، فتستريحوا بهذا ، ولا حاجة إلى قتله .
( إن كنتم فاعلين ) أي : إن كنتم عازمين على ما تقولون .
قال محمد بن إسحاق بن يسار : لقد اجتمعوا على أمر عظيم ، من قطيعة الرحم ، وعقوق الوالد ، وقلة الرأفة بالصغير الضرع الذي لا ذنب له ، وبالكبير الفاني ذي الحق والحرمة والفضل ، وخطره عند الله ، مع حق الوالد على ولده ، ليفرقوا بينه وبين ابنه وحبيبه ، على كبر سنه ، ورقة عظمه ، مع مكانه من الله فيمن أحبه طفلا صغيرا ، وبين أبيه على ضعف قوته وصغر سنه ، وحاجته إلى لطف والده وسكونه إليه ، يغفر الله لهم وهو أرحم الراحمين ، فقد احتملوا أمرا عظيما .
رواه ابن أبي حاتم من طريق سلمة بن الفضل ، عنه .
قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (10)

( قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف ) وهو يهوذا وقال [ قتادة ] : روبيل وكان ابن خالة يوسف وكان أكبرهم سنا وأحسنهم رأيا فيه . والأول أصح أنه يهوذا نهاهم عن قتله ، وقال : القتل كبيرة عظيمة . ( وألقوه في غيابة الجب ( قرأ أبو جعفر ونافع : " غيابات الجب " على الجمع في الحرفين ، وقرأ الباقون " غيابة الجب " على الواحد ، أي : في أسفل الجب وظلمته . والغيابة : كل موضع ستر عنك الشيء وغيبه . والجب : البئر غير المطوية لأنه جب ، أي : قطع ولم يطو .
( يلتقطه ) يأخذه ، والالتقاط : أخذ الشيء من حيث لا يحتسبه ( بعض السيارة ) أي : بعض المسافرين ، فيذهب به إلى ناحية أخرى ، فتستريحوا منه ( إن كنتم فاعلين ) أي : إن عزمتم على فعلكم ، وهم كانوا يومئذ بالغين ، ولم يكونوا أنبياء بعد .
وقيل : لم يكونوا بالغين ، وليس بصحيح; بدليل أنهم قالوا : " وتكونوا من بعده قوما صالحين " .
" قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا " والصغير لا ذنب له .
وقال محمد بن إسحاق : اشتمل فعلهم على جرائم من قطع الرحم ، وعقوق الوالدين ، وقلة الرأفة بالصغير الذي لا ذنب له ، والغدر بالأمانة ، وترك العهد ، والكذب مع أبيهم . وعفا الله عنهم ذلك كله حتى لا ييئس أحد من رحمة الله .
وقال بعض [ أهل العلم ] إنهم عزموا على قتله وعصمهم الله رحمة بهم ، ولو فعلوا لهلكوا أجمعين ، وكل ذلك كان قبل أن أنبأهم الله تعالى .
وسئل أبو عمرو بن العلاء : كيف قالوا : " نرتع ونلعب " وهم أنبياء ؟ قال : كان ذلك قبل أن نبأهم الله تعالى ، فلما أجمعوا على التفريق بينه وبين والده بضرب من الحيل .
قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (10)

أي: { قَالَ قَائِلٌ ْ} من إخوة يوسف الذين أرادوا قتله أو تبعيده: { لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ ْ} فإن قتله أعظم إثما وأشنع، والمقصود يحصل بتبعيده عن أبيه من غير قتل، ولكن توصلوا إلى تبعيده بأن تلقوه { فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ْ} وتتوعدوه على أنه لا يخبر بشأنكم، بل على أنه عبد مملوك آبق منكم، لأجل أن { يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ْ} الذين يريدون مكانا بعيدا، فيحتفظون فيه.
وهذا القائل أحسنهم رأيا في يوسف، وأبرهم وأتقاهم في هذه القضية، فإن بعض الشر أهون من بعض، والضرر الخفيف يدفع به الضرر الثقيل، .فلما اتفقوا على هذا الرأي.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features