فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)

وقوله تعالى : ( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ) قال السدي بإسناده المتقدم إلى الصحابة : لما مات الغلام تركه بالعراء ، ولا يعلم كيف يدفن ، فبعث الله غرابين أخوين ، فاقتتلا فقتل أحدهما صاحبه ، فحفر له ثم حثى عليه . فلما رآه قال : ( قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي ) .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : جاء غراب إلى غراب ميت ، فبحث عليه من التراب حتى واراه ، فقال الذي قتل أخاه : ( قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي )
وقال الضحاك عن ابن عباس : مكث يحمل أخاه في جراب على عاتقه سنة ، حتى بعث الله الغرابين ، فرآهما يبحثان ، فقال : ( أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب ) فدفن أخاه .
وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد : وكان يحمله على عاتقه مائة سنة ميتا ، لا يدري ما يصنع به يحمله ، ويضعه إلى الأرض حتى رأى الغراب يدفن الغراب ، فقال : ( يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ) رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .
وقال عطية العوفي : لما قتله ندم . فضمه إليه حتى أروح ، وعكفت عليه الطيور والسباع تنتظر متى يرمي به فتأكله . رواه ابن جرير .
وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول : لما قتله سقط في يديه ، ولم يدر كيف يواريه . وذلك أنه كان - فيما يزعمون - أول قتيل في بني آدم وأول ميت ( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ) قال : وزعم أهل التوراة أن قينا لما قتل أخاه هابيل قال له الله عز وجل : يا قين أين أخوك هابيل ؟ قال : قال : ما أدري ، ما كنت عليه رقيبا . فقال الله : إن صوت دم أخيك ليناديني من الأرض ، والآن أنت ملعون من الأرض التي فتحت فاها فبلعت دم أخيك من يدك ، فإن أنت عملت في الأرض ، فإنها لا تعود تعطيك حرثها حتى تكون فزعا تائها في الأرض .
وقوله : ( فأصبح من النادمين ) قال الحسن البصري : علاه الله بندامة بعد خسران .
فهذه أقوال المفسرين في هذه القصة ، وكلهم متفقون على أن هذين ابنا آدم لصلبه ، كما هو ظاهر القرآن ، وكما نطق به الحديث في قوله : " إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ; لأنه أول من سن القتل " . وهذا ظاهر جلي ، ولكن قال ابن جرير :
حدثنا ابن وكيع حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن - هو البصري - قال : كان الرجلان اللذان في القرآن ، اللذان قال الله : ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ) من بني إسرائيل ولم يكونا ابني آدم لصلبه ، وإنما كان القربان في بني إسرائيل وكان آدم أول من مات . وهذا غريب جدا ، وفي إسناده نظر .
وقد قال عبد الرزاق عن معمر ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ابني آدم ، عليه السلام ، ضربا لهذه الأمة مثلا فخذوا بالخير منهما .
ورواه ابن المبارك عن عاصم الأحول عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ضرب لكم ابني آدم مثلا فخذوا من خيرهم ودعوا الشر " .
وكذا أرسل هذا الحديث بكر بن عبد الله المزني روى ذلك كله ابن جرير .
وقال سالم بن أبي الجعد : لما قتل ابن آدم أخاه ، مكث آدم مائة سنة حزينا لا يضحك ، ثم أتي فقيل له : حياك الله وبياك . أي : أضحكك .
رواه ابن جرير ثم قال : حدثنا ابن حميد حدثنا سلمة عن غياث بن إبراهيم عن أبي إسحاق الهمداني قال : قال علي بن أبي طالب : لما قتل ابن آدم أخاه ، بكاه آدم فقال :
تغيرت البلاد ومن عليها فلون الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم
وقل بشاشة الوجه المليح
فأجيب آدم عليه السلام :
أبا هابيل قد قتلا جميعا وصار الحي كالميت الذبيح
وجاء بشرة قد كان منها على خوف فجاء بها يصيح
والظاهر أن قابيل عوجل بالعقوبة ، كما ذكره مجاهد بن جبر أنه علقت ساقه بفخذه يوم قتله ، وجعل الله وجهه إلى الشمس حيث دارت عقوبة له وتنكيلا به . وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم [ أنه ] قال : " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة ، من البغي وقطيعة الرحم " . وقد اجتمع في فعل قابيل هذا وهذا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)

( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه ) فلما رأى قابيل ذلك قال : يا ويلتا ، كلمة تحسر فقيل لما رأى الدفن من الغراب أنه أكبر علما منه وأن ما فعله كان جهلا فندم وتحسر ( قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي ) أي : جيفته ، وقيل : عورته لأنه قد سلب ثيابه ، ( فأصبح من النادمين ) على حمله على عاتقه لا على قتله ، وقيل : على فراق أخيه ، وقيل : ندم لقلة النفع بقتله فإنه أسخط والديه ، وما انتفع بقتله شيئا ولم يكن ندمه على القتل وركوب الذنب .
قال عبد المطلب بن عبد الله بن حنطب : لما قتل ابن آدم أخاه رجفت الأرض بما عليها سبعة أيام ثم شربت الأرض دمه كما يشرب الماء ، فناداه آدم أين أخوك هابيل؟ قال : ما أدري ما كنت عليه رقيبا ، فقال الله تعالى : إن دم أخيك ليناديني من الأرض ، فلم قتلت أخاك؟ قال : فأين دمه إن كنت قتلته؟ فحرم الله عز وجل على الأرض يومئذ أن تشرب دما بعده أبدا .
وقال مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما : لما قتل قابيل هابيل وآدم عليه السلام بمكة اشتاك الشجر وتغيرت الأطعمة وحمضت الفواكه ، وأمر الماء واغبرت الأرض ، فقال آدم عليه السلام : قد حدث في الأرض حدث ، فأتى الهند فإذا قابيل قد قتل هابيل فأنشأ يقول وهو أول من قال الشعر :
تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم
وقل بشاشة الوجه الصبيح
وروي : المليح .
وروي عن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من قال إن آدم عليه السلام قال شعرا فقد كذب ، إن محمدا صلى الله عليه وسلم والأنبياء كلهم عليهم السلام في النهي عن الشعر سواء ، ولكن لما قتل قابيل هابيل رثاه آدم وهو سرياني ، فلما قال آدم مرثيته قال لشيث : يا بني إنك وصي احفظ هذا الكلام ليتوارث فيرق الناس عليه ، لم يزل ينقل حتى وصل إلى يعرب بن قحطان ، وكان يتكلم بالعربية والسريانية وهو أول من خط بالعربية ، وكان يقول الشعر فنظر في المرثية فرد المقدم إلى المؤخر والمؤخر إلى المقدم ، فوزنه شعرا وزاد فيه أبياتا منها :
وما لي لا أجود بسكب دمع وهابيل تضمنه الضريح
أرى طول الحياة علي غما فهل أنا من حياتي مستريح
فلما مضى من عمر آدم عليه السلام مائة وثلاثون سنة ، وذلك بعد قتل هابيل بخمس سنين ولدت له حواء شيثا ، وتفسيره : هبة الله ، يعني إنه خلف من هابيل علمه الله تعالى ساعات الليل والنهار ، وعلمه عبادة الخلق في كل ساعة منها ، وأنزل عليه خمسين صحيفة فصار وصي آدم وولي عهده ، وأما قابيل فقيل له اذهب طريدا شريدا فزعا مرعوبا لا تأمن من تراه ، فأخذ بيد أخته أقليما وهرب بها إلى عدن من أرض اليمن ، فأتاه إبليس فقال له إنما أكلت النار قربان هابيل لأنه كان يعبد النار فانصب أنت نارا أيضا تكون لك ولعقبك ، فبنى بيتا للنار فهو أول من عبد النار ، وكان لا يمر به أحد إلا رماه ، فأقبل ابن له أعمى ومعه ابن له ، فقال ابنه : هذا أبوك قابيل ، فرمى الأعمى أباه فقتله ، فقال ابن الأعمى : قتلت أباك؟ فرفع يده فلطم ابنه ، فمات فقال الأعمى : ويل لي قتلت أبي برميتي وقتلت ابني بلطمتي .
وقال مجاهد : فعلقت إحدى رجلي قابيل إلى فخذها وساقها وعلقت من يومئذ إلى يوم القيامة ووجهه إلى الشمس ما دارت عليه ، في الصيف حظيرة من نار وفي الشتاء حظيرة من ثلج .
قال : واتخذ أولاد قابيل آلات اللهو من اليراع والطبول والمزامير والعيدان والطنابير ، وانهمكوا في اللهو وشرب الخمر وعبادة النار والزنا والفواحش حتى غرقهم الله بالطوفان أيام نوح عليه السلام ، وبقي نسل شيث .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل أنا عمر بن حفص بن غياث ثنا أبي ثنا الأعمش حدثني عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل " .
فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)

{ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ } أي: يثيرها ليدفن غرابا آخر ميتا. { لِيُرِيَهُ } بذلك { كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ } أي: بدنه، لأن بدن الميت يكون عورة { فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ } وهكذا عاقبة المعاصي الندامة والخسارة.
فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)

قوله تعالى : فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين
فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى : فبعث الله غرابا يبحث في الأرض قال مجاهد : بعث الله غرابين فاقتتلا حتى قتل أحدهما صاحبه ثم حفر فدفنه ، وكان ابن آدم هذا أول من قتل ، وقيل : إن الغراب بحث الأرض على طعمه ليخفيه إلى وقت الحاجة إليه ; لأنه من عادة الغراب فعل ذلك ; فتنبه قابيل بذلك على مواراة أخيه . وروي أن قابيل لما قتل هابيل جعله في جراب ، ومشى به يحمله في عنقه مائة سنة ; قاله مجاهد ، وروى ابن القاسم عن مالك أنه حمله سنة واحدة ; وقاله ابن عباس ، وقيل : حتى أروح ولا يدري ما يصنع به إلى أن اقتدى بالغراب كما تقدم ، وفي الخبر عن أنس قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : امتن الله على ابن آدم بثلاث بعد ثلاث بالريح بعد الروح فلولا أن الريح يقع بعد الروح ما دفن حميم حميما وبالدود في الجثة فلولا أن الدود يقع في الجثة لاكتنزتها الملوك وكانت خيرا لهم من الدراهم والدنانير وبالموت بعد الكبر وإن الرجل ليكبر حتى يمل نفسه ويمله أهله وولده وأقرباؤه فكان الموت أستر له ، وقال قوم : كان قابيل يعلم الدفن ، ولكن ترك أخاه بالعراء استخفافا به ، فبعث الله غرابا يبحث التراب على هابيل ليدفنه ، فقال عند ذلك : يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين ، حيث رأى إكرام الله لهابيل بأن قيض له الغراب حتى واراه ، ولم يكن ذلك ندم توبة ، وقيل : إنما ندمه كان على فقده لا على قتله ، وإن كان فلم يكن موفيا شروطه . أو ندم ولم يستمر ندمه ; فقال ابن عباس : ولو كانت ندامته على قتله لكانت الندامة توبة منه ، ويقال : إن آدم وحواء أتيا قبره وبكيا أياما عليه . ثم إن قابيل كان على ذروة جبل فنطحه ثور فوقع إلى السفح وقد تفرقت عروقه . ويقال : دعا عليه آدم فانخسفت به الأرض ، ويقال : إن قابيل استوحش بعد قتل هابيل ولزم البرية ، وكان لا يقدر على ما يأكله إلا من الوحش ، فكان إذا ظفر به وقذه حتى يموت ثم يأكله . قال ابن عباس : فكانت الموقوذة حراما من لدن قابيل بن آدم ، وهو أول من يساق من الآدميين إلى النار ; وذلك قوله تعالى : ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس الآية ، فإبليس رأس الكافرين من الجن ، وقابيل رأس الخطيئة من الإنس ; على ما يأتي بيانه في " حم فصلت " إن شاء الله تعالى ، وقد قيل : إن الندم في ذلك الوقت لم يكن توبة ، والله بكل ذلك أعلم وأحكم ، وظاهر الآية أن هابيل هو أول ميت من بني آدم ; ولذلك جهلت سنة المواراة ; وكذلك حكى الطبري عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم بما في كتب الأوائل ، وقوله يبحث معناه يفتش التراب بمنقاره ويثيره . ومن هذا سميت سورة " براءة " البحوث ; لأنها فتشت عن المنافقين ; ومن ذلك قول الشاعر :
إن الناس غطوني تغطيت عنهم وإن بحثوني كان فيهم مباحث
وفي المثل : لا تكن كالباحث على الشفرة ; قال الشاعر :
فكانت كعنز السوء قامت برجلها إلى مدية مدفونة تستثيرها
الثانية : بعث الله الغراب حكمة ; ليرى ابن آدم كيفية المواراة ، وهو معنى قوله تعالى : ثم أماته فأقبره ، فصار فعل الغراب في المواراة سنة باقية في الخلق ، فرضا على جميع الناس على الكفاية ، من فعله منهم سقط فرضه عن الباقين . وأخص الناس به الأقربون الذين يلونه ، ثم الجيرة ، ثم سائر المسلمين ، وأما الكفار فقد روى أبو داود عن علي قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إن عمك الشيخ الضال قد مات ; قال : اذهب فوار أباك التراب ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني فذهبت فواريته وجئته فأمرني فاغتسلت ودعا لي .
الثالثة : ويستحب في القبر سعته وإحسانه ; لما رواه ابن ماجه عن هشام بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احفروا وأوسعوا وأحسنوا ، وروي عن الأدرع السلمي قال : جئت ليلة أحرس النبي صلى الله عليه وسلم ; فإذا رجل قراءته عالية ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله : هذا مراء ; قال : فمات بالمدينة ففرغوا من جهازه فحملوا نعشه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارفقوا به رفق الله به إنه كان يحب الله ورسوله . قال : وحضر حفرته فقال : أوسعوا له وسع الله عليه فقال بعض أصحابه : يا رسول الله لقد حزنت عليه ؟ فقال : أجل إنه كان يحب الله ورسوله ; أخرجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن زيد بن الحباب عن موسى بن عبيدة عن سعيد بن أبي سعيد . قال أبو عمر بن عبد البر : أدرع السلمي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا واحدا ، وروى عنه سعيد بن أبي سعيد المقبري ; وأما هشام بن عامر بن أمية بن الحسحاس بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري ، كان يسمى في الجاهلية شهابا فغير النبي صلى الله عليه وسلم اسمه فسماه هشاما ، واستشهد أبوه عامر يوم أحد . سكن هشام البصرة ومات بها ; ذكر هذا في كتاب الصحابة .
الرابعة : ثم قيل : اللحد أفضل من الشق ; فإنه الذي اختاره الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي كان بالمدينة رجلان أحدهما يلحد والآخر لا يلحد ; فقالوا : أيهما جاء أولا عمل عمله ، فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ; ذكره مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه ، وأخرجه ابن ماجه عن أنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهما ، والرجلان هما أبو طلحة وأبو عبيدة ; وكان أبو طلحة يلحد وأبو عبيدة يشق ، واللحد هو أن يحفر في جانب القبر إن كانت تربة صلبة ، يوضع فيه الميت ثم يوضع عليه اللبن ثم يهال التراب ; قال سعد بن أبي وقاص في مرضه الذي هلك فيه : ألحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه مسلم . وروى ابن ماجه وغيره عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللحد لنا والشق لغيرنا .
الخامسة : روى ابن ماجه عن سعيد بن المسيب قال : حضرت ابن عمر في جنازة فلما وضعها في اللحد قال : بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أخذ في تسوية [ اللبن على ] اللحد قال : اللهم أجرها من الشيطان ومن عذاب القبر ، اللهم جاف الأرض عن جنبيها ، وصعد روحها ولقها منك رضوانا . قلت يا ابن عمر أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قلته برأيك ؟ قال : إني إذا لقادر على القول ! بل شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت فحثا عليه من قبل رأسه ثلاثا .
فهذا ما تعلق في معنى الآية من الأحكام ، والأصل في يا ويلتى يا ويلتي ثم أبدل من الياء ألف ، وقرأ الحسن على الأصل بالياء ، والأول أفصح ; لأن حذف الياء في النداء أكثر ، وهي كلمة تدعو بها العرب عند الهلاك ; قاله سيبويه ، وقال الأصمعي : " ويل " بعد ، وقرأ الحسن : " أعجزت " بكسر الجيم . قال النحاس : وهي لغة شاذة ; إنما يقال عجزت المرأة إذا عظمت عجيزتها ، وعجزت عن الشيء عجزا ومعجزة ومعجزة ، والله أعلم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features