وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ (69)

ولهذا قال تعالى : ( إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ) .
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن موسى الشيباني حدثنا حماد بن خالد ، حدثنا ابن معاذ - أحسبه الصائغ - عن الحسن ، عن جندب بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أخذتم - يعني الساحر - فاقتلوه " ثم قرأ : ( ولا يفلح الساحر حيث أتى ) قال : " لا يؤمن به حيث وجد .
وقد روى أصله الترمذي موقوفا ومرفوعا .
فلما عاين السحرة ذلك وشاهدوه ، ولهم خبرة بفنون السحر وطرقه ووجوهه ، علموا علم اليقين أن هذا الذي فعله موسى ليس من قبيل السحر والحيل ، وأنه حق لا مرية فيه ، ولا يقدر على هذا إلا الذي يقول للشيء كن فيكون ، فعند ذلك وقعوا سجدا لله وقالوا : ( آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ) [ الشعراء : 47 ، 48 ] .
ولهذا قال ابن عباس ، وعبيد بن عمير : كانوا أول النهار سحرة ، وفي آخر النهار شهداء بررة .
قال محمد بن كعب : كانوا ثمانين ألفا ، وقال القاسم بن أبي بزة : كانوا سبعين ألفا .
وقال السدي : بضعة وثلاثين ألفا .
وقال الثوري : عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي ثمامة : كان سحرة فرعون تسعة عشر ألفا .
وقال محمد بن إسحاق : كانوا خمسة عشر ألفا .
وقال كعب الأحبار كانوا اثني عشر ألفا .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن علي بن حمزة ، حدثنا علي بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كانت السحرة سبعين رجلا أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا المسيب بن واضح بمكة ، حدثنا ابن المبارك قال : قال الأوزاعي : لما خر السحرة سجدا رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها .
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ (69)

( وألق ما في يمينك ) يعني العصا ، ( تلقف ) تلتقم وتبتلع ، ( ما صنعوا ) قرأ ابن عامر " تلقف " برفع الفاء هاهنا ، وقرأ الآخرون بالجزم على جواب الأمر ، ( إنما صنعوا ) إن الذي صنعوا ، ( كيد ساحر ) أي : حيلة " سحر " ، هكذا قرأ حمزة والكسائي : بكسر السين بلا ألف ، وقرأ الآخرون : " ساحر " لأن إضافة الكيد إلى الفاعل أولى من إضافته إلى الفعل ، وإن كان ذلك لا يمتنع في العربية ، ( ولا يفلح الساحر حيث أتى ) من الأرض ، قال ابن عباس : لا يسعد حيث كان . وقيل : معناه حيث احتال .
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ (69)

قوله تعالى : وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا ولم يقل وألق عصاك ، فجائز أن يكون تصغيرا لها ؛ أي لا تبال بكثرة حبالهم وعصيهم ، وألق العويد الفرد الصغير الجرم الذي في يمينك ، فإنه بقدرة الله يتلقفها على وحدته وكثرتها ، وصغره وعظمها . وجائز أن يكون تعظيما لها أي لا تحفل بهذه الأجرام الكثيرة الكبيرة فإن في يمينك شيئا أعظم منها كلها ، وهذه على كثرتها أقل شيء وأنزره عندها ؛ فألقه يتلقفها بإذن الله ويمحقها . و ( تلقف ) بالجزم جواب الأمر ؛ كأنه قال : إن تلقه تتلقف ؛ أي تأخذ وتبتلع . وقرأ السلمي وحفص تلقف ساكنة اللام من لقف يلقف لقفا . وقرأ ابن ذكوان وأبو حيوة الشامي ويحيى بن الحارث ( تلقف ) بحذف التاء ورفع الفاء ، على معنى فإنها تتلقف . والخطاب لموسى . وقيل : للعصا . واللقف الأخذ بسرعة ، يقال : لقفت الشيء ( بالكسر ) ألقفه لقفا ، وتلقفته أيضا أي تناولته بسرعة . عن يعقوب : يقال رجل لقف ثقف أي خفيف حاذق . واللقف ( بالتحريك ) سقوط الحائط . ولقد لقف الحوض لقفا أي تهور من أسفله واتسع . وتلقف وتلقم وتلهم بمعنى . لقمت اللقمة ( بالكسر ) لقما ، وتلقمتها إذا ابتلعتها في مهلة وكذلك لهمه ( بالكسر ) إذا ابتلعه . إنما صنعوا أي الذي صنعوه وكذا إنما صنعوا أي إن الذي صنعوه . كيد بالرفع ( سحر ) بكسر السين وإسكان الحاء ؛ وهي قراءة الكوفيين إلا عاصما . وفيه وجهان : أحدهما : أن يكون الكيد مضافا إلى السحر على الإتباع من غير تقدير حذف . والثاني : أن يكون في الكلام حذف أي كيد ذي سحر . وقرأ الباقون ( كيد ) بالنصب بوقوع الصنع عليه وما كافة ولا تضمر هاء ساحر بالإضافة . والكيد في الحقيقة على هذه القراءة مضاف للساحر لا للسحر . ويجوز فتح أن على معنى لأن ما صنعوا كيد ساحر . ولا يفلح الساحر حيث أتى أي لا يفوز ولا ينجو حيث أتى من الأرض . وقيل : حيث احتال . وقد مضى في ( البقرة ) حكم الساحر ومعنى السحر فتأمله هناك .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features