إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (218)

قال ابن إسحاق : فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن ، طمعوا في الأجر ، فقالوا : يا رسول الله ، أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين [ المهاجرين ] ؟ فأنزل الله عز وجل :
( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم ) فوضعهم الله من ذلك على أعظم الرجاء .
قال ابن إسحاق : والحديث في هذا عن الزهري ، ويزيد بن رومان ، عن عروة .
وقد روى يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير قريبا من هذا السياق . وروى موسى بن عقبة عن الزهري نفسه ، نحو ذلك .
وروى شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير نحوا من هذا أيضا ، وفيه : فكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين ، فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقالوا : أيحل القتال في الشهر الحرام ؟ فأنزل الله : ( يسألونك عن الشهر الحرام [ قتال فيه ] ) الآية . وقد استقصى ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب " دلائل النبوة " .
ثم قال ابن هشام عن زياد ، عن ابن إسحاق : وقد ذكر عن بعض آل عبد الله [ بن جحش ] أن الله قسم الفيء حين أحله ، فجعل أربعة أخماس لمن أفاءه ، وخمسا إلى الله ورسوله . فوقع على ما كان عبد الله بن جحش صنع في تلك العير .
قال ابن هشام : وهي أول غنيمة غنمها المسلمون . وعمرو بن الحضرمي أول من قتل المسلمون ، وعثمان بن عبد الله ، والحكم بن كيسان أول من أسر المسلمون .
قال ابن إسحاق : فقال أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، في غزوة عبد الله بن جحش ، ويقال : بل عبد الله بن جحش قالها ، حين قالت قريش : قد أحل محمد وأصحابه الشهر الحرام ، فسفكوا فيه الدم ، وأخذوا فيه المال ، وأسروا فيه الرجال . قال ابن هشام : هي لعبد الله بن جحش :
تعدون قتلا في الحرام عظيمة وأعظم منه لو يرى الرشد راشد صدودكم عما يقول محمد
وكفر به والله راء وشاهد وإخراجكم من مسجد الله أهله
لئلا يرى لله في البيت ساجد فإنا وإن عيرتمونا بقتله
وأرجف بالإسلام باغ وحاسد سقينا من ابن الحضرمي رماحنا
بنخلة لما أوقد الحرب واقد دما وابن عبد الله عثمان بيننا
ينازعه غل من القد عاند
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (218)

قال أصحاب السرية : يا رسول الله هل نؤجر على وجهنا هذا وهل نطمع أن يكون سفرنا هذا غزوا؟ فأنزل الله تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هاجروا ) فارقوا عشائرهم ومنازلهم وأموالهم ) ( وجاهدوا ) المشركين ( في سبيل الله ) طاعة لله فجعلها جهادا ، ) ( أولئك يرجون رحمت الله ) أخبر أنهم على رجاء الرحمة ( والله غفور رحيم ) .
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (218)

قوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هاجروا الآية . قال جندب بن عبد الله وعروة بن الزبير وغيرهما : لما قتل واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي في الشهر الحرام توقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أخذ خمسه الذي وفق في فرضه له عبد الله بن جحش وفي الأسيرين ، فعنف المسلمون عبد الله بن جحش وأصحابه حتى شق ذلك عليهم ، فتلافاهم الله عز وجل بهذه الآية في الشهر الحرام وفرج عنهم ، وأخبر أن لهم ثواب من هاجر وغزا ، فالإشارة إليهم في قوله : " إن الذين آمنوا " ثم هي باقية في كل من فعل ما ذكره الله عز وجل . وقيل : إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر ، فأنزل الله : إن الذين آمنوا والذين هاجروا إلى آخر الآية .
والهجرة معناها الانتقال من موضع إلى موضع ، وقصد ترك الأول إيثارا للثاني . والهجر ضد الوصل . وقد هجره هجرا وهجرانا ، والاسم الهجرة . والمهاجرة من أرض إلى أرض ترك الأولى للثانية . والتهاجر التقاطع . ومن قال : المهاجرة الانتقال من البادية إلى الحاضرة فقد أوهم ، بسبب أن ذلك كان الأغلب في العرب ، وليس أهل مكة مهاجرين على قوله . وجاهد مفاعلة من جهد إذا استخرج الجهد ، مجاهدة وجهادا . والاجتهاد والتجاهد : بذل الوسع والمجهود . والجهاد ( بالفتح ) : الأرض الصلبة . و " يرجون " معناه يطمعون ويستقربون . وإنما قال " يرجون " وقد مدحهم لأنه لا يعلم أحد في هذه الدنيا أنه صائر إلى الجنة ولو بلغ في طاعة الله كل مبلغ ، لأمرين : أحدهما : لا يدري بما يختم له . والثاني : لئلا يتكل على عمله ، والرجاء ينعم ، والرجاء أبدا معه خوف ولابد ، كما أن الخوف معه رجاء . والرجاء من الأمل ممدود ، يقال : رجوت فلانا رجوا ورجاء ورجاوة ، يقال : ما أتيتك إلا رجاوة الخير . وترجيته وارتجيته ورجيته وكله بمعنى رجوته ، قال بشر يخاطب بنته :
فرجي الخير وانتظري إيابي إذا ما القارظ العنزي آبا
وما لي في فلان رجية ، أي ما أرجو . وقد يكون الرجو والرجاء بمعنى الخوف ، قال الله تعالى : ما لكم لا ترجون لله وقارا ؛ أي لا تخافون عظمة الله ، قال أبو ذؤيب :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عوامل
أي لم يخف ولم يبال . والرجا - مقصور - : ناحية البئر وحافتاها ، وكل ناحية رجا . والعوام من الناس يخطئون في قولهم : يا عظيم الرجا ، فيقصرون ولا يمدون
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features