قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)

يخبر تعالى عما قيل لنوح ، عليه السلام ، حين أرست السفينة على الجودي ، من السلام عليه ، وعلى من معه من المؤمنين ، وعلى كل مؤمن من ذريته إلى يوم القيامة ، كما قال محمد بن كعب : دخل في هذا السلام كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة ، وكذلك في العذاب والمتاع كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة .
وقال محمد بن إسحاق : ولما أراد أن يكف الطوفان أرسل ريحا على وجه الأرض ، فسكن الماء ، وانسدت ينابيع الأرض الغمر الأكبر وأبواب السماء ،
يقول الله تعالى : ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ) [ ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ] ) فجعل الماء ينقص ويغيض ويدبر ، وكان استواء الفلك على الجودي ، فيما يزعم أهل التوراة ، في الشهر السابع لسبع عشرة ليلة مضت منه ، وفي أول يوم من الشهر العاشر ، رئي رءوس الجبال . فلما مضى بعد ذلك أربعون يوما ، فتح نوح كوة الفلك التي ركب فيها ، ثم أرسل الغراب لينظر له ما صنع الماء ، فلم يرجع إليه . فأرسل الحمامة فرجعت إليه ، لم تجد لرجليها موضعا ، فبسط يده للحمامة فأخذها فأدخلها . ثم مضى سبعة أيام ، ثم أرسلها لتنظر له . فرجعت حين أمست ، وفي فيها ورق زيتون فعلم نوح أن الماء قد قل عن وجه الأرض . ثم مكث سبعة أيام ، فلم ترجع ، فعلم نوح أن الأرض قد برزت ، فلما كملت السنة فيما بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن أرسل نوح الحمامة ، ودخل يوم واحد من الشهر الأول من سنة اثنتين ، برز وجه الأرض ، وظهر اليبس وكشف نوح غطاء الفلك ورأى وجه الأرض ، وفي الشهر الثاني من سنة اثنتين ، في سبع وعشرين ليلة منه ( قيل يا نوح اهبط بسلام منا ) [ وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ] ) [ إلى آخر ] الآية .
قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)

( قيل يا نوح اهبط ) انزل من السفينة ، ( بسلام منا ) أي بأمن وسلامة منا ، ( وبركات عليك ) البركة هي : ثبوت الخير ، ومنه : بروك البعير . وقيل : البركة هاهنا هي : أن الله تعالى جعل ذريته هم الباقين إلى يوم القيامة ، ( وعلى أمم ممن معك ) أي : على ذرية أمم ممن كان معك في السفينة ، يعني على قرون تجيء من بعدك ، من ذرية من معك ، من ولدك وهم المؤمنون ، قال محمد بن كعب القرظي : دخل فيه كل مؤمن إلى قيام الساعة ( وأمم سنمتعهم ) هذا ابتداء ، أي : أمم سنمتعهم في الدنيا ، ( ثم يمسهم منا عذاب أليم ) وهم الكافرون وأهل الشقاوة .
قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)

قوله تعالى : قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم
قوله تعالى : قيل يا نوح اهبط بسلام منا أي قالت له الملائكة ، أو قال الله تعالى له : اهبط من السفينة إلى الأرض ، أو من الجبل إلى الأرض ; فقد ابتلعت الماء وجفت . بسلام منا أي بسلامة وأمن . وقيل : بتحية .
وبركات عليك أي نعم ثابتة ; مشتق من بروك الجمل وهو ثبوته وإقامته . ومنه البركة لثبوت الماء فيها . وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : ( نوح آدم الأصغر ) ، فجميع الخلائق الآن من نسله ، ولم يكن معه في السفينة من الرجال والنساء إلا من كان من ذريته ; على قول قتادة وغيره ، حسب ما تقدم ; وفي التنزيل وجعلنا ذريته هم الباقين .
وعلى أمم ممن معك قيل : دخل في هذا كل مؤمن إلى يوم القيامة . ودخل في قوله وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم كل كافر إلى يوم القيامة ; روي ذلك عن محمد بن كعب . والتقدير على هذا : وعلى ذرية أمم ممن معك ، وذرية أمم سنمتعهم . وقيل : " من " للتبعيض ، وتكون لبيان الجنس . " وأمم سنمتعهم " ارتفع و " أمم " على معنى وتكون أمم . قال الأخفش سعيد كما تقول : كلمت زيدا وعمرو جالس . وأجاز الفراء في غير القراءة وأمما ، وتقديره : ونمتع أمما . وأعيدت " على " مع " أمم " لأنه معطوف على الكاف من " عليك " وهي ضمير المجرور ، ولا يعطف على ضمير المجرور إلا بإعادة الجار على قول سيبويه وغيره . وقد تقدم في " النساء " بيان هذا مستوفى في قوله تعالى : واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام بالخفض . والباء في قوله : " بسلام " متعلقة بمحذوف ; لأنها في موضع الحال ; أي اهبط مسلما عليك . و " منا " في موضع جر متعلق بمحذوف ; لأنه نعت للبركات . وعلى أمم متعلق بما تعلق به " عليك " ; لأنه أعيد من أجل المعطوف على الكاف . و " من " في قوله : ممن معك متعلق بمحذوف ; لأنه في موضع جر نعت للأمم . و " معك " متعلق بفعل محذوف ; لأنه صلة ل " من " أي ممن استقر معك ، أو آمن معك ، أو ركب معك .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features