فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44)

( فقولا له قولا لينا ) يقول : دارياه وارفقا معه ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا تعنفا في قولكما .
وقال السدي وعكرمة : كنياه فقولا يا أبا العباس ، وقيل : يا أبا الوليد .
وقال مقاتل : يعني القول اللين : " هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى " ( النازعات - 18 ، 19 ) .
وقيل : أمر باللطافة في القول لما له من حق التربية .
وقال السدي : القول اللين : أن موسى أتاه ووعده على قبول الإيمان شبابا لا يهرم ، وملكا لا ينزع منه إلا بالموت ، وتبقى عليه لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته ، وإذا مات دخل الجنة ، فأعجبه ذلك وكان لا يقطع أمرا دون هامان ، وكان غائبا فلما قدم أخبره بالذي دعاه إليه موسى ، وقال أردت أن أقبل منه ، فقال له هامان : كنت أرى أن لك عقلا ورأيا ، أنت رب ، تريد أن تكون مربوبا؟ وأنت تعبد تريد أن تعبد؟ فقلبه عن رأيه .
وكان هارون يومئذ بمصر ، فأمر الله موسى أن يأتي هارون وأوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى ، فتلقاه إلى مرحلة ، وأخبره بما أوحي إليه .
( لعله يتذكر أو يخشى ) أي : يتعظ ويخاف فيسلم .
فإن قيل : كيف قال : ( لعله يتذكر ) وقد سبق علمه أنه لا يتذكر ولا يسلم؟ .
قيل : معناه اذهبا على رجاء منكما وطمع ، وقضاء الله وراء أمركما .
وقال الحسين بن الفضل : هو ينصرف إلى غير فرعون ، مجازه : لعله يتذكر متذكر ، ويخشى خاش إذا رأى بري وألطافي بمن خلقته وأنعمت عليه ثم ادعى الربوبية .
وقال أبو بكر محمد بن عمر الوراق : " لعل " من الله واجب ولقد تذكر فرعون وخشي حين لم تنفعه الذكرى والخشية ، وذلك حين ألجمه الغرق ، قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ، وأنا من المسلمين .
وقرأ رجل عند يحيى بن معاذ هذه الآية : ( فقولا له قولا لينا ) فبكى يحيى ، وقال : إلهي هذا رفقك بمن يقول أنا الإله ، فكيف رفقك بمن يقول أنت الإله ؟! .
فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44)

{ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا } أي: سهلا لطيفا، برفق ولين وأدب في اللفظ من دون فحش ولا صلف، ولا غلظة في المقال، أو فظاظة في الأفعال، { لَعَلَّهُ } بسبب القول اللين { يَتَذَكَّرُ } ما ينفعه فيأتيه، { أَوْ يَخْشَى } ما يضره فيتركه، فإن القول اللين داع لذلك، والقول الغليظ منفر عن صاحبه، وقد فسر القول اللين في قوله: { فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى* وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى } فإن في هذا الكلام، من لطف القول وسهولته، وعدم بشاعته ما لا يخفى على المتأمل، فإنه أتى بـ " هل " الدالة على العرض والمشاورة، التي لا يشمئز منها أحد، ودعاه إلى التزكي والتطهر من الأدناس، التي أصلها، التطهر من الشرك، الذي يقبله كل عقل سليم، ولم يقل " أزكيك " بل قال: " تزكى " أنت بنفسك، ثم دعاه إلى سبيل ربه، الذي رباه، وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة، التي ينبغي مقابلتها بشكرها، وذكرها فقال: { وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى } فلما لم يقبل هذا الكلام اللين الذي يأخذ حسنه بالقلوب، علم أنه لا ينجع فيه تذكير، فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر.
فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44)

القول في تأويل قوله تعالى : فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)
يقول تعالى ذكره لموسى وهارون: فقولا لفرعون قولا ليِّنا ، ذُكر أن القول اللين الذي أمرهما الله أن يقولاه له، هو أن يكنياه.
حدثني جعفر ابن ابنة إسحاق بن يوسف الأزرق، قال: ثنا سعيد بن محمد الثقفي، قال: ثنا عليّ بن صالح، عن السديّ: ( فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا ) قال: كنياه.
وقوله ( لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) اختلف في معنى قوله (لَعلَّهُ) في هذا الموضع، فقال بعضهم معناها ها هنا الاستفهام، كأنهم وجهوا معنى الكلام إلى: فقولا له قولا لينا، فانظرا هل يتذكر ويراجع أو يخشى الله فيرتدع عن طغيانه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) يقول: هل يتذكر أو يخشى.
وقال آخرون: معنى لعلّ هاهنا كي. ووجَّهوا معنى الكلام إلى اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فادعواه وعظاه ليتذكر أو يخشى، كما يقول القائل: اعمل عملك لعلك تأخذ أجرك، بمعنى: لتأخذ أجرك، وافرغ من عملك لعلنا نتغدَّى، بمعنى: لنتغدى، أو حتى نتغدى، ولكلا هذين القولين وجه حسن، ومذهب صحيح.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features