وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)

(وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ) وذلك أن اليهود عيروهم وقالوا لهم : لم آمنتم؟ فأجابوهم بهذا ، ( ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين ) أي : في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، بيانه ( أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) ( الأنبياء ، 105 ) .
وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)

فكأنهم ليموا على إيمانهم ومسارعتهم فيه، فقالوا: { وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ } أي: وما الذي يمنعنا من الإيمان بالله، والحال أنه قد جاءنا الحق من ربنا، الذي لا يقبل الشك والريب، ونحن إذا آمنا واتبعنا الحق طمعنا أن يدخلنا الله الجنة مع القوم الصالحين، فأي مانع يمنعنا؟ أليس ذلك موجبا للمسارعة والانقياد للإيمان وعدم التخلف عنه.
وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)

قوله تعالى : وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين
قوله تعالى : وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق بين استبصارهم في الدين ; أي : يقولون وما لنا لا نؤمن ; أي : وما لنا تاركين الإيمان . ف نؤمن في موضع نصب على الحال . ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين أي : مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم بدليل قوله : أن الأرض يرثها عبادي الصالحون يريد أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي الكلام إضمار أي : نطمع أن يدخلنا ربنا الجنة ، وقيل : مع بمعنى ( في ) كما تذكر ( في ) بمعنى ( مع ) تقول : كنت فيمن لقي الأمير ; أي : مع من لقي الأمير ، والطمع يكون مخففا وغير مخفف ; يقال : طمع فيه طمعا وطماعة وطماعية مخفف فهو طمع .
وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)

يقول تعالى " وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين " وهذا الصنف من النصارى هم المذكورون في قوله [ عز وجل ] ( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله [ لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب ] ) الآية [ آل عمران : 199 ] ، وهم الذين قال الله فيهم : ( الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم ] ) إلى قوله ( لا نبتغي الجاهلين ) [ القصص : 52 - 55 ]
وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)

القول في تأويل قوله : وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)
قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من الله تعالى ذكره عن هؤلاء القوم الذين وصَف صفتهم في هذه الآيات، أنهم إذا سمعوا ما أنـزل إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من كتابه، آمنوا به وصدّقوا كتاب الله، وقالوا: " ما لنا لا نؤمن بالله "، يقول: لا نقرّ بوحدانية الله=" وما جاءَنا من الحق "، يقول: وما جاءنا من عند الله من كتابه وآي تنـزيله، ونحن نطمَعُ بإيماننا بذلك أن يدخلنا ربُّنا مع القوم الصالحين.
* * *
يعني بـ" القوم الصالحين "، المؤمنين بالله، المطيعين له، الذين استحقُّوا من الله الجنة بطاعتهم إياه. (10)
وإنما معنى ذلك: ونحن نطمعُ أن يدخلَنا ربُّنا مع أهل طاعته مداخلَهم من جنته يوم القيامة، ويلحق منازلَنا بمنازلهم، ودرجاتنا بدرجاتهم في جنَّاته.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
12335 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين "، قال: " القومُ الصالحون "، رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه.
-------------------
االهوامش :
(10) انظر تفسير"الصالح" فيما سلف 8: 532 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features