قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)

( قالوا أوذينا ) قال ابن عباس : لما آمنت السحرة اتبع موسى ستمائة ألف من بني إسرائيل ، فقالوا - يعني قوم موسى - إنا أوذينا ، ( من قبل أن تأتينا ) بالرسالة بقتل الأبناء ، ( ومن بعد ما جئتنا ) بإعادة القتل علينا . وقيل : فالمراد منه أن فرعون كان يستسخرهم قبل مجيء موسى إلى نصف النهار ، فلما جاء موسى استسخرهم جميع النهار بلا أجر . وذكر الكلبي أنهم كانوا يضربون له اللبن بتبن فرعون ، فلما جاء موسى أجبرهم أن يضربوه بتبن من عندهم . ( قال ) موسى ( عسى ربكم أن يهلك عدوكم ) فرعون ، ( ويستخلفكم في الأرض ) أي : يسكنكم أرض مصر من بعدهم ، ( فينظر كيف تعملون ) فحقق الله ذلك بإغراق فرعون واستخلافهم في ديارهم وأموالهم فعبدوا العجل .
قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)

قَالُوا لموسى متضجرين من طول ما مكثوا في عذاب فرعون، وأذيته: أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا فإنهم يسوموننا سوء العذاب، يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا كذلك فـ قَالَ لهم موسى مرجيا [ لهم ] الفرج والخلاص من شرهم: عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ أي: يمكنكم فيها، ويجعل لكم التدبير فيها فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ هل تشكرون أم تكفرون؟. وهذا وعد أنجزه اللّه لما جاء الوقت الذي أراده اللّه.
قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)

"قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا" أي : قد جرى علينا مثل ما رأيت من الهوان والإذلال من قبل ما جئت يا موسى ، ومن بعد ذلك . فقال منبها لهم على حالهم الحاضرة وما يصيرون إليه في ثاني الحال : ( عسى ربكم أن يهلك عدوكم [ ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ] ) وهذا تحضيض لهم على العزم على الشكر ، عند حلول النعم وزوال النقم .
قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)

قوله تعالى قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون
قوله تعالى قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا أي في ابتداء ولادتك بقتل الأبناء واسترقاق النساء ومن بعد ما جئتنا أي والآن أعيد علينا ذلك ; يعنون الوعيد الذي كان من فرعون . وقيل : الأذى من قبل تسخيرهم لبني إسرائيل في أعمالهم إلى نصف النهار ، وإرسالهم بقيته ليكتسبوا لأنفسهم . والأذى من بعد : تسخيرهم جميع النهار كله بلا طعام ولا شراب ; قاله جويبر . وقال الحسن : الأذى من قبل ومن بعد واحد ، وهو أخذ الجزية .
قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض " عسى " من الله واجب ; جدد لهم الوعد وحققه . وقد استخلفوا في مصر في زمان داود وسليمان عليهما السلام ، وفتحوا بيت المقدس مع يوشع بن نون ; كما تقدم . وروي أنهم قالوا ذلك حين خرج بهم موسى وتبعهم فرعون فكان وراءهم والبحر أمامهم ، فحقق الله الوعيد بأن غرق فرعون وقومه وأنجاهم .
فينظر كيف تعملون أي يرى ذلك العمل الذي يجب به الجزاء ; لأن الله لا يجازيهم على ما يعلمه منهم ; إنما يجازيهم على ما يقع منهم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features