إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190)

( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسين الاسفراييني ، أنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ ، أنا أحمد بن عبد الجبار ، أنا ابن فضيل ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه استيقظ فتسوك ثم توضأ وهو يقول : ( إن في خلق السماوات والأرض ) حتى ختم السورة ثم قام فصلى ركعتين فأطال فيهما القيام والركوع والسجود ، ثم انصرف فنام حتى نفخ ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات كل ذلك يستاك ثم يتوضأ ثم يقرأ هؤلاء الآيات ، ثم أوتر بثلاث ركعات ثم أتاه المؤذن فخرج إلى الصلاة وهو يقول : " اللهم اجعل في بصري نورا وفي سمعي نورا وفي لساني نورا واجعل خلفي نورا وأمامي نورا واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورا اللهم أعطني نورا " .
ورواه كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما وزاد : " اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا " .
قوله تعالى : ( لآيات لأولي الألباب ) ذوي العقول ثم وصفهم فقال :
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190)

قوله تعالى : إن في خلق السماوات والأرض تقدم معنى هذه الآية في " البقرة " في غير موضع . فختم تعالى هذه السورة بالأمر بالنظر والاستدلال في آياته ; إذ لا تصدر إلا عن حي قيوم قدير وقدوس سلام غني عن العالمين ، حتى يكون إيمانهم مستندا إلى اليقين لا إلى التقليد .
لآيات لأولي الألباب الذين يستعملون عقولهم في تأمل الدلائل . وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لما نزلت هذه الآية على النبي قام يصلي ، فأتاه بلال يؤذنه بالصلاة ، فرآه يبكي فقال : يا رسول الله ، أتبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ! فقال : يا بلال : أفلا أكون عبدا شكورا ، ولقد أنزل الله علي الليلة آية إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب - ثم قال : ( ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها ) .
قال العلماء : يستحب لمن انتبه من نومه أن يمسح على وجهه ، ويستفتح قيامه بقراءة هذه العشر الآيات اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما وسيأتي ، ثم يصلي ما كتب له ، فيجمع بين التفكر والعمل ، وهو أفضل العمل على ما يأتي بيانه في هذه الآية بعد هذا . وروي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ عشر آيات من آخر سورة " آل عمران " كل ليلة ، خرجه أبو نصر الوائلي السجستاني الحافظ في كتاب " الإبانة " من حديث سليمان بن موسى عن مظاهر بن أسلم المخزومي عن المقبري عن أبي هريرة . وقد تقدم أول السورة عن عثمان قال : من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة .
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190)

قال الطبراني : حدثنا الحسن بن إسحاق التستري ، حدثنا يحيى الحماني ، حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أتت قريش اليهود فقالوا : بم جاءكم موسى ؟ قالوا : عصاه ويده بيضاء للناظرين . وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى ؟ قالوا : كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى : فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا . فدعا ربه ، فنزلت هذه الآية : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) فليتفكروا فيها . وهذا مشكل ، فإن هذه الآية مدنية . وسؤالهم أن يكون الصفا ذهبا كان بمكة . والله أعلم .
ومعنى الآية أنه يقول تعالى : ( إن في خلق السماوات والأرض ) أي : هذه في ارتفاعها واتساعها ، وهذه في انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات ، وثوابت وبحار ، وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار ، وحيوان ومعادن ومنافع ، مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص ( واختلاف الليل والنهار ) أي : تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر ، فتارة يطول هذا ويقصر هذا ، ثم يعتدلان ، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرا ، ويقصر الذي كان طويلا وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم ، ولهذا قال : ( لأولي الألباب ) أي العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها ، وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون الذين قال الله [ تعالى ] فيهم : ( وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) [ يوسف : 105 ، 106 ] .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features