إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)

"إن هذا إلا قول البشر"، يعني يساراً وجبراً فهو يأثره عنهما. وقيل: يرويه عن مسيلمة صاحب اليمامة.
إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)

إن هذا إلا قول البشر أي ما هذا إلا كلام المخلوقين ، يختدع به القلوب كما تختدع بالسحر ، قال السدي : يعنون أنه من قول سيار عبد لبني الحضرمي ، كان يجالس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فنسبوه إلى أنه تعلم منه ذلك .
وقيل : أراد أنه تلقنه من أهل بابل . وقيل : عن مسيلمة .
وقيل : عن عدي الحضرمي الكاهن . وقيل : إنما تلقنه ممن ادعى النبوة قبله ، فنسج على منوالهم . قال أبو سعيد الضرير : إن هذا إلا أمر سحر يؤثر ; أي يورث .
إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)

وهذا المذكور في هذا السياق هو الوليد بن المغيرة المخزومي ، أحد رؤساء قريش - لعنه الله - وكان من خبره في هذا ما رواه العوفي ، عن ابن عباس ، قال : دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة ، فسأله عن القرآن ، فلما أخبره خرج على قريش فقال : يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة ، فوالله ما هو بشعر ، ولا بسحر ، ولا بهذي من الجنون ، وإن قوله لمن كلام الله ، فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا ، فقالوا : والله لئن صبا الوليد لتصبون قريش ، فلما سمع بذلك أبو جهل بن هشام قال : أنا والله أكفيكم شأنه ، فانطلق حتى دخل عليه بيته ، فقال للوليد : ألم تر قومك قد جمعوا لك الصدقة ؟ فقال : ألست أكثرهم مالا وولدا ، فقال له أبو جهل : يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه ، فقال الوليد : أقد تحدث به عشيرتي؟ فلا والله لا أقرب ابن أبي قحافة ، ولا عمر ، ولا ابن أبي كبشة ، وما قوله إلا سحر يؤثر ، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) إلى قوله : ( لا تبقي ولا تذر )
وقال قتادة : زعموا أنه قال : والله لقد نظرت فيما قال الرجل فإذا هو ليس بشعر ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه ليعلو وما يعلى ، وما أشك أنه سحر ، فأنزل الله : ( فقتل كيف قدر ) الآية . ( ثم عبس وبسر ) قبض ما بين عينيه وكلح .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، أخبرنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن عباد بن منصور ، عن عكرمة : أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن ، فكأنه رق له ، فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام ، فأتاه فقال : أي عم ، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا . قال : لم ؟ قال : يعطونكه ، فإنك أتيت محمدا تتعرض لما قبله . قال : قد علمت قريش أني أكثرها مالا . قال : فقل فيه قولا يعلم قومك أنك منكر لما قال ، وأنك كاره له . قال : فماذا أقول فيه ؟ فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني ، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن ، والله ما يشبه الذي يقوله شيئا من ذلك . والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة ، وإنه ليحطم ما تحته ، وإنه ليعلو وما يعلى . وقال : والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه . قال : فدعني حتى أفكر فيه ، فلما فكر قال : إن هذا سحر يأثره عن غيره ، فنزلت : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) [ قال قتادة : خرج من بطن أمه وحيدا ] حتى بلغ : ( تسعة عشر )
وقد ذكر محمد بن إسحاق وغير واحد نحوا من هذا . وقد زعم السدي أنهم لما اجتمعوا في دار الندوة ليجمعوا رأيهم على قول يقولونه فيه ، قبل أن يقدم عليهم وفود العرب للحج ليصدوهم عنه ، فقال قائلون : شاعر . وقال آخرون : ساحر . وقال آخرون : كاهن . وقال آخرون : مجنون . كما قال تعالى : ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ) [ الإسراء : 48 ] كل هذا والوليد يفكر فيما يقوله فيه ، ففكر وقدر ، ونظر وعبس وبسر ، فقال : ( إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر )
إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)

وقوله: ( إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الوحيد في القرآن ( إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ ) ما هذا الذي يتلوه محمد إلا قول البشر، يقول: ما هو إلا كلام ابن آدم، وما هو بكلام الله.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features