وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)

( وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ) وهو تحريم فتاته على نفسه ، وقوله لحفصة : لا تخبري بذلك أحدا .
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : أسر أمر الخلافة بعده فحدثت به حفصة . قال الكلبي : أسر إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتين على أمتي من بعدي . وقال ميمون بن مهران : أسر أن أبا بكر خليفتي من بعدي .
( فلما نبأت به ) أخبرت به حفصة عائشة ( وأظهره الله عليه ) أي أطلع الله تعالى نبيه على أنها أنبأت به ( عرف بعضه ) قرأ عبد الرحمن السلمي والكسائي : " عرف " بتخفيف الراء ، أي : عرف بعض الفعل الذي فعلته من إفشاء سره ، أي : غضب من ذلك عليها وجازاها به ، من قول القائل لمن أساء إليه : لأعرفن لك ما فعلت ، أي : لأجازينك عليه ، وجازاها به عليه بأن طلقها فلما بلغ ذلك عمر قال : لو كان في آل الخطاب خير لما طلقك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فجاء جبريل وأمره بمراجعتها واعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه شهرا وقعد في مشربة أم إبراهيم مارية ، حتى نزلت آية التخيير .
وقال مقاتل بن حيان : لم يطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفصة وإنما هم بطلاقها فأتاه جبريل عليه السلام ، وقال : لا تطلقها فإنها صوامة قوامة وإنها من نسائك في الجنة ، فلم يطلقها .
وقرأ الآخرون " عرف " بالتشديد ، أي : عرف حفصة بعد ذلك الحديث ، أي أخبرها ببعض القول الذي كان منها .
( وأعرض عن بعض ) يعني لم يعرفها إياه ، ولم يخبرها به . قال الحسن : ما استقصى كريم قط قال الله تعالى : ( عرف بعضه وأعرض عن بعض ) وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى الكراهية في وجه حفصة أراد أن يتراضاها فأسر إليها شيئين : تحريم الأمة على نفسه ، وتبشيرها بأن الخلافة بعده في أبي بكر وفي أبيها عمر رضي الله عنها فأخبرت به حفصة عائشة وأطلع الله تعالى نبيه عليه ، عرف [ بعضه ] حفصة وأخبرها ببعض ما أخبرت به عائشة وهو تحريم الأمة وأعرض عن بعض ، يعني ذكر الخلافة كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينتشر ذلك في الناس ( فلما نبأها به ) أي أخبر حفصة بما أظهره الله عليه ( قالت ) حفصة ( من أنبأك هذا ) أي : من أخبرك بأني أفشيت السر ؟ ( قال نبأني العليم الخبير ) .
وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)

"وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا" لقوله "بل شربت عسلا" وقال إبراهيم بن موسى عن هشام "ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا" وهكذا رواه في كتاب الطلاق بهذا الإسناد ولفظه قريب منه.
ثم قال المغافير شبيه بالصمغ يكون في الرمث فيه حلاوة أغفر الرمث إذا ظهر فيه واحدها مغفور ويقال مغافير وهكذا قال الجوهري قال وقد يكون المغفور أيضا للعشر والثمام والسلم والطلح قال والرمث بالكسر مرعى من مراعي الإبل وهو من الحمض قال والعرفط شجر من العظاة ينضح المغفور.
وقد روى مسلم هذا الحديث في كتاب الطلاق من صحيحه عن محمد بن حاتم عن حجاج عن ابن جريج أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة به ولفظه كما أورده البخاري فى الأيمان والنذور ثم قال البخاري في كتاب الطلاق ثنا فروة بن أبي المغراء ثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس فغرت فسألت عن ذلك فقيل لي أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة فقلت أما والله لنحتالن له فقلت لسودة بنت زمعة إنه سيدنو منك فإذا دنا منك فقولي أكلت مغافير فإنه سيقول لك لا فقولي له ما هذه الريح التي أجد فإنه سيقول لك سقتني حفصة شربة عسل فقولي جرست نحله العرفط وسأقول ذلك وقولي له أنت يا صفية ذلك قالت تقول سودة فوالله ما هو إلا أن قام على الباب فأردت أن أناديه بما أمرتني فرقا منك فلما دنا منها قالت له سودة يا رسول الله أكلت مغافير؟ قال "لا" قالت فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال "سقتني حفصة شربة عسل" قالت جرست نحله العرفط فلما دار إلي قلت نحو ذلك فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك فلما دار إلى حفصة قالت له يا رسول الله ألا أسقيك منه؟ قال "لا حاجة لي فيه" قالت تقول سودة والله لقد حرمناه قلت لها اسكتي هذا لفظ البخاري.
وقد رواه مسلم عن سويد بن سعيد عن علي بن مسهر به وعن أبي كريب وهارون بن عبدالله والحسن بن بشر ثلاثتهم عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة به وعنده: قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح يعني الريح الخبيثة ولهذا قلن له أكلت مغافير لأن ريحها فيه شيء فلما قال "بل شربت عسلا" قلن جرست نحله العرفط أي رعت نحله شجر العرفط الذي صمغه المغافير فلهذا ظهر ريحه في العسل الذي شربته قال الجوهري جرست النحل العرفط تجرس إذا أكلته ومنه قيل للنحل جوارس قال الشاعر تظل على الثمراء منها جوارس وقال الجرس والجرس الصوت الخفي ويقال سمعت جرس الطير إذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأكله وفي الحديث "فيسمعون جرس طير الجنة" قال الأصمعي كنت في مجلس شعبة قال فيسمعون جرش طير الجنة بالشين فقلت جرس فنظر إلي فقال: خذوها عنه فإنه أعلم بهذا منا.
والغرض أن هذا السياق فيه أن حفصة هي الساقية للعسل وهو من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن خالته عن عائشة وفي طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة أن زينب بنت جحش هي التي سقته العسل وأن عائشة وحفصة تواطأتا وتظاهرتا عليه فالله أعلم.
وقد يقال أنهما واقعتان ولا بعد في ذلك إلا أن كونهما سببا لنزول هذه الآية فيه نظر والله أعلم.
ومما يدل على أن عائشة وحفصة رضي الله عنهما هما المتظاهرتان الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده حيث قال ثنا عبدالرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله بن أبي ثور عن ابن عباس قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features