يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)

قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) الآية ، اعلم أن الوراثة كانت في الجاهلية بالذكورة والقوة فكانوا يورثون الرجال دون النساء والصبيان ، فأبطل الله ذلك بقوله : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ) الآية ، وكانت أيضا في الجاهلية وابتداء الإسلام بالمحالفة ، قال الله تعالى : " والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " ( النساء - 33 ) ثم صارت الوراثة بالهجرة ، قال الله تعالى " والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا " ( الأنفال - 72 ) فنسخ ذلك كله وصارت الوراثة بأحد الأمور الثلاثة بالنسب أو النكاح أو الولاء ، فالمعني بالنسب أن القرابة يرث بعضهم من بعض ، لقوله تعالى " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " ( الأحزاب - 6 ) ، والمعني بالنكاح : أن أحد الزوجين يرث صاحبه ، وبالولاء : أن المعتق وعصباته يرثون المعتق ، فنذكر بعون الله تعالى فصلا وجيزا في بيان من يرث من الأقارب ، وكيفية توريث الورثة فنقول :
إذا مات ميت وله مال فيبدأ بتجهيزه ثم بقضاء ديونه ثم بإنفاذ وصاياه فما فضل يقسم بين الورثة . ( ثم الورثة ) على ثلاثة أقسام : منهم من يرث بالفرض ومنهم من يرث بالتعصيب ، ومنهم من يرث بهما جميعا ، فمن يرث بالنكاح لا يرث إلا بالفرض ، ومن يرث بالولاء لا يرث إلا بالتعصيب ، أما من يرث بالقرابة فمنهم من يرث بالفرض كالبنات والأخوات والأمهات والجدات ، وأولاد الأم ، ومنهم من يرث بالتعصيب كالبنين والإخوة وبني الإخوة والأعمام وبنيهم ، ومنهم من يرث بهما كالأب يرث بالتعصيب إذا لم يكن للميت ولد ، فإن كان للميت ابن : يرث الأب بالفرض السدس ، وإن كان للميت بنت فيرث الأب السدس بالفرض ويأخذ الباقي بعد نصيب البنت بالتعصيب ، وكذلك الجد ، وصاحب التعصيب من يأخذ جميع المال عند الانفراد ويأخذ ما فضل عن أصحاب الفرائض .
وجملة الورثة سبعة عشر : عشرة من الرجال وسبع من النساء ، فمن الرجال : الابن وابن الابن وإن سفل والأب والجد أبو الأب وإن علا والأخ سواء كان لأب وأم أو لأب أو لأم ، وابن الأخ للأب والأم أو للأب وإن سفل والعم للأب والأم أو للأب وأبناؤهما وإن سفلوا ، والزوج ومولى العتاق ، ومن النساء البنت وبنت الابن وإن سفلت ، والأم والجدة أم الأم وأم الأب ، والأخت سواء كانت لأب وأم أو لأب أو لأم ، والزوجة ومولاة العتاق .
وستة من هؤلاء لا يلحقهم حجب الحرمان بالغير : الأبوان والولدان ، والزوجان ، لأنه ليس بينهم وبين الميت واسطة .
والأسباب التي توجب حرمان الميراث أربعة : اختلاف الدين ، والرق ، والقتل وعمي الموت .
ونعني باختلاف الدين أن الكافر لا يرث المسلم والمسلم لا يرث الكافر ، لما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أنا ابن عيينة عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " .
فأما الكفار فيرث بعضهم من بعض مع اختلاف مللهم ، لأن الكفر كله ملة واحدة ، لقوله تعالى : " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " ( الأنفال - 73 ) .
وذهب بعضهم إلى أن اختلاف الملل في الكفر يمنع التوارث حتى لا يرث اليهودي النصراني ولا النصراني المجوسي ، وإليه ذهب الزهري والأوزاعي وأحمد وإسحاق لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يتوارث أهل ملتين شتى " ، وتأوله الآخرون على الإسلام مع الكفر فكله ملة واحدة فتوريث بعضهم من بعض لا يكون فيه إثبات التوارث بين أهل ملتين شتى .
والرقيق لا يرث أحدا ولا يرثه أحد لأنه لا ملك له ، ولا فرق فيه بين القن والمدبر والمكاتب وأم الولد .
والقتل يمنع الميراث عمدا كان أو خطأ لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " القاتل لا يرث " .
ونعني بعمي الموت أن المتوارثين إذا عمي موتهما بأن غرقا في ماء أو انهدم عليهما بناء فلم يدر أيهما سبق موته فلا يورث أحدهما من الآخر ، بل ميراث كل واحد منهما لمن كانت حياته يقينا بعد موته من ورثته .
والسهام المحدودة في الفرائض ستة : النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس .
فالنصف فرض ثلاثة : فرض الزوج عند عدم الولد وفرض البنت الواحدة للصلب أو بنت الابن عند عدم ولد الصلب ، وفرض الأخت الواحدة للأب والأم أو للأب إذا لم يكن ولد لأب وأم .
والربع فرض الزوج إذا كان للميتة ولد وفرض الزوجة إذا لم يكن للميت ولد .
والثمن : فرض الزوجة إذا كان للميت ولد .
والثلثان فرض البنتين للصلب فصاعدا ولبنتي الابن فصاعدا عند عدم ولد الصلب ، وفرض الأختين لأب وأم أو للأب فصاعدا .
والثلث فرض ثلاثة : فرض الأم إذا لم يكن للميت ولد ولا اثنان من الأخوات والإخوة ، إلا في مسألتين : إحداهما زوج وأبوان ، والثانية زوجة وأبوان ، فإن للأم فيهما ثلث ما بقي بعد نصيب الزوج أو الزوجة ، وفرض الاثنين فصاعدا من أولاد الأم ، ذكرهم وأنثاهم فيه سواء ، وفرض الجد مع الإخوة إذ لم يكن في المسألة صاحب فرض ، وكان الثلث خيرا للجد من المقاسمة مع الإخوة .
وأما السدس ففرض سبعة : فرض الأب إذا كان للميت ولد ، وفرض الأم إذا كان للميت ولد أو اثنان من الإخوة والأخوات ، وفرض الجد إذا كان للميت ولد ومع الإخوة والأخوات إذا كان في المسألة صاحب فرض ، وكان السدس خيرا للجد من المقاسمة مع الإخوة ، وفرض الجدة والجدات وفرض الواحد من أولاد الأم ذكرا أو أنثى ، وفرض بنات الابن إذا كان للميت بنت واحدة للصلب تكملة الثلثين ، وفرض الأخوات للأب إذا كان للميت أخت واحدة لأب وأم تكملة الثلثين .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، أنا وهيب أنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر " .
وفي الحديث دليل على أن بعض الورثة يحجب البعض ، والحجب نوعان حجب نقصان وحجب حرمان :
فأما حجب النقصان فهو أن الولد وولد الابن يحجب الزوج من النصف إلى الربع والزوجة من الربع إلى الثمن ، والأم من الثلث إلى السدس ، وكذلك الاثنان فصاعدا من الإخوة يحجبون الأم من الثلث إلى السدس .
وحجب الحرمان هو أن الأم تسقط الجدات ، وأولاد الأم - وهم الإخوة والأخوات للأم - يسقطون بأربعة : بالأب والجد وإن علا وبالولد وولد الابن وإن سفل ، وأولاد الأب والأم يسقطون بثلاثة بالأب والابن وابن الابن وإن سفلوا ، ولا يسقطون بالجد على مذهب زيد بن ثابت ، وهو قول عمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم ، وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق رحمهم الله .
وأولاد الأب يسقطون بهؤلاء الثلاثة وبالأخ للأب والأم ، وذهب قوم إلى أن الإخوة جميعا يسقطون بالجد كما يسقطون بالأب ، وهو قول أبي بكر الصديق وابن عباس ومعاذ وأبي الدرداء وعائشة رضي الله عنهم ، وبه قال الحسن وعطاء وطاوس وأبو حنيفة رحمهم الله .
وأقرب العصبات يسقط الأبعد من العصوبة ، وأقربهم الابن ثم ابن الابن وإن سفل ، ثم الأب ثم الجد أبو الأب وإن علا فإن كان مع الجد أحد من الإخوة أو الأخوات للأب والأم أو للأب فيشتركان في الميراث ، فإن لم يكن جد فالأخ للأب والأم ثم الأخ للأب ثم بنو الإخوة يقدم أقربهم سواء كان لأب وأم أو لأب ، فإن استويا في الدرجة فالذي هو لأب وأم أولى ثم العم للأب والأم ثم العم للأب ثم بنوهم على ترتيب بني الإخوة ، ثم عم الأب ثم عم الجد على هذا الترتيب .
فإن لم يكن أحد من عصبات النسب وعلى الميت ولاء فالميراث للمعتق ، فإن لم يكن حيا فلعصبات المعتق .
وأربعة من الذكور يعصبون الإناث ، الابن وابن الابن والأخ للأب والأم والأخ للأب ، حتى لو مات عن ابن وبنت أو عن أخ وأخت لأب وأم أو لأب فإنه يكون المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولا يفرض للبنت والأخت .
وكذلك ابن الابن يعصب من في درجته من الإناث ، ومن فوقه إذا لم يأخذ من الثلثين شيئا حتى لو مات عن بنتين وبنت ابن فللبنتين الثلثان ولا شيء لبنت الابن ، فإن كان في درجتها ابن ابن أو أسفل منها ابن ابن ابن كان الباقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين .
والأخت للأب والأم وللأب تكون عصبة مع البنت حتى لو مات عن بنت وأخت كان النصف للبنت والباقي للأخت ، فلو مات عن بنتين وأخت فللبنتين الثلثان والباقي للأخت .
والدليل عليه ما أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا آدم ، أنا شعبة ، أنا أبو قيس ، قال : سمعت هذيل بن شرحبيل قال : سئل أبو موسى عن ابنة وبنت ابن وأخت فقال : للبنت النصف وللأخت النصف ، وائت ابن مسعود فسيتابعني فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيها بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم : للبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت ، فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود رضي الله عنه ، فقال : لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم .
رجعنا إلى تفسير الآية : واختلفوا في سبب نزولها . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو الوليد ، أنا شعبة عن محمد بن المنكدر : سمعت جابرا يقول جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصب علي من وضوئه فعقلت ، فقلت : يا رسول الله لمن الميراث إنما يرثني كلالة؟ فنزلت آية الفرائض .
وقال مقاتل والكلبي : نزلت في أم كجة امرأة أوس بن ثابت وبناته .
وقال عطاء : استشهد سعد بن الربيع النقيب يوم أحد وترك امرأة وبنتين وأخا ، فأخذ الأخ المال فأتت امرأة سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنتي سعد [ فقالت : يا رسول الله إن هاتين ابنتا سعد وإن سعدا قتل يوم أحد شهيدا ، وإن عمهما أخذ مالهما ولا تنكحان إلا ولهما مال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ارجعي فلعل الله سيقضي في ذلك " ، فنزل ( يوصيكم الله ) إلى آخرها ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمهما فقال له : " أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك " ، فهذا أول ميراث قسم في الإسلام .
قوله عز وجل : ( يوصيكم الله في أولادكم ) أي : يعهد إليكم ويفرض عليكم في أولادكم ، أي : في أمر أولادكم إذا متم ، للذكر مثل حظ الأنثيين . ( فإن كن ) يعني : المتروكات من الأولاد ، ( نساء فوق اثنتين ) أي : ابنتين فصاعدا ( فوق ) صلة ، كقوله تعالى : " فاضربوا فوق الأعناق " ( الأنفال - 12 ) ، ( فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت ) يعني : البنت ، ( واحدة ) قراءة العامة بالنصب على خبر كان ، ورفعها أهل المدينة على معنى : إن وقعت واحدة ، ( فلها النصف ولأبويه ) يعني لأبوي الميت ، كناية عن غير مذكور ، ( لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ) أراد أن الأب والأم يكون لكل واحد منهما سدس الميراث عند وجود الولد أو ولد الابن ، والأب يكون صاحب فرض ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ) قرأ حمزة والكسائي ( فلأمه ) بكسر الهمزة استثقالا للضمة بعد الكسرة ، وقرأ الآخرون بالضم على الأصل ( فإن كان له إخوة ) اثنان أو أكثر ذكورا أو إناثا ( فلأمه السدس ) والباقي يكون للأب إن كان معها أب ، والإخوة لا ميراث لهم مع الأب ، ولكنهم يحجبون الأم من الثلث إلى السدس .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لا يحجب الإخوة الأم من الثلث إلى السدس إلا أن يكونوا ثلاثة ، وقد تفرد به ، وقال : لأن الله تعالى قال : ( فإن كان له إخوة فلأمه السدس ) ولا يقال للاثنين إخوة ، فنقول اسم الجمع قد يقع على التثنية لأن الجمع ضم شيء إلى شيء وهو موجود في الاثنين كما قال الله تعالى : " فقد صغت قلوبكما " ( التحريم - 4 ) ذكر القلب بلفظ الجمع ، وأضافه إلى الاثنين
قوله تعالى : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر ( يوصي ) بفتح الصاد على ما لم يسم فاعله ، وكذلك الثانية ، ووافق حفص في الثانية ، وقرأ الآخرون بكسر الصاد لأنه جرى ذكر الميت من قبل ، بدليل قوله تعالى : ( من بعد وصية يوصين بها ) و ( توصون )
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه " إنكم تقرءون الوصية قبل الدين ، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية " . وهذا إجماع أن الدين مقدم على الوصية . ومعنى الآية الجمع لا الترتيب ، وبيان أن الميراث مؤخر عن الدين والوصية جميعا ، معناه : من بعد وصية إن كانت ، أو دين إن كان ، فالإرث مؤخر عن كل واحد منهما .
( آباؤكم وأبناؤكم ) يعني : الذين يرثونكم آباؤكم وأبناؤكم ، ( لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) أي : لا تعلمون أنهم أنفع لكم في الدين والدنيا فمنكم من يظن أن الأب أنفع له ، فيكون الابن أنفع له ، ومنكم من يظن أن الابن أنفع له فيكون الأب أنفع له ، وأنا العالم بمن هو أنفع لكم ، وقد دبرت أمركم على ما فيه المصلحة فاتبعوه ، وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أطوعكم لله عز وجل من الآباء والأبناء أرفعكم درجة يوم القيامة ، والله تعالى يشفع المؤمنين بعضهم في بعض ، فإن كان الوالد أرفع درجة في الجنة رفع إليه ولده وإن كان الولد أرفع درجة رفع إليه والده لتقر بذلك أعينهم ، ( فريضة من الله ) أي : ما قدر من المواريث ، ( إن الله كان عليما ) بأمور العباد ، ( حكيما ) بنصب الأحكام .
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)

هذه الآية الكريمة والتي بعدها والآية التي هي خاتمة هذه السورة هن آيات علم الفرائض ، وهو مستنبط من هذه الآيات الثلاث ، ومن الأحاديث الواردة في ذلك مما هي كالتفسير لذلك ولنذكر منها ما هو متعلق بتفسير ذلك ، وأما تقرير المسائل ونصب الخلاف والأدلة ، والحجاج بين الأئمة ، فموضعه كتاب " الأحكام " فالله المستعان .
وقد ورد الترغيب في تعلم الفرائض ، وهذه الفرائض الخاصة من أهم ذلك . وقد روى أبو داود وابن ماجه ، من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ، عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي ، عن عبد الله بن عمرو ، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العلم ثلاثة ، وما سوى ذلك فهو فضل : آية محكمة ، أو سنة قائمة ، أو فريضة عادلة " .
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا هريرة ، تعلموا الفرائض وعلموه فإنه نصف العلم ، وهو ينسى ، وهو أول شيء ينتزع من أمتي " .
رواه ابن ماجه ، وفي إسناده ضعف .
وقد روي من حديث عبد الله بن مسعود وأبي سعيد وفي كل منهما نظر . قال [ سفيان ] ابن عيينة : إنما سمى الفرائض نصف العلم; لأنه يبتلى به الناس كلهم .
وقال البخاري عند تفسير هذه الآية : حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام : أن ابن جريج أخبرهم قال : أخبرني ابن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة ماشيين ، فوجدني النبي صلى الله عليه وسلم لا أعقل شيئا ، فدعا بماء فتوضأ منه ، ثم رش علي ، فأفقت ، فقلت : ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله ؟ فنزلت : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) .
وكذا رواه مسلم والنسائي ، من حديث حجاج بن محمد الأعور ، عن ابن جريج به ، ورواه الجماعة كلهم من حديث سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر .
حديث آخر عن جابر في سبب نزول الآية : قال الإمام أحمد : حدثنا زكريا بن عدي ، حدثنا عبيد الله - هو ابن عمرو الرقي - عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر قال : جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتا سعد بن الربيع ، قتل أبوهما معك في أحد شهيدا ، وإن عمهما أخذ مالهما ، فلم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا ولهما مال . قال : فقال : " يقضي الله في ذلك " . قال : فنزلت آية الميراث ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال : " أعط ابنتي سعد الثلثين ، وأمهما الثمن ، وما بقي فهو لك " .
وقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، من طرق ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، به . قال الترمذي : ولا يعرف إلا من حديثه .
والظاهر أن حديث جابر الأول إنما نزل بسببه الآية الأخيرة من هذه السورة كما سيأتي ، فإنه إنما كان له إذ ذاك أخوات ، ولم يكن له بنات ، وإنما كان يورث كلالة ، ولكن ذكرنا الحديث هاهنا تبعا للبخاري ، رحمه الله ، فإنه ذكره هاهنا . والحديث الثاني عن جابر أشبه بنزول هذه الآية ، والله أعلم .
فقوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) أي : يأمركم بالعدل فيهم ، فإن أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث ، فأمر الله تعالى بالتسوية بينهم في أصل الميراث ، وفاوت بين الصنفين ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين; وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤنة النفقة والكلفة ومعاناة التجارة والتكسب وتجشم المشقة ، فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى .
وقد استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالد بولده ، حيث أوصى الوالدين بأولادهم ، فعلم أنه أرحم بهم منهم ، كما جاء في الحديث الصحيح .
وقد رأى امرأة من السبي تدور على ولدها ، فلما وجدته أخذته فألصقته بصدرها وأرضعته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أترون هذه طارحة ولدها في النار وهي تقدر على ذلك ؟ " قالوا : لا يا رسول الله : قال : " فوالله لله أرحم بعباده من هذه بولدها " .
وقال البخاري هاهنا : حدثنا محمد بن يوسف ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : كان المال للولد ، وكانت الوصية للوالدين ، فنسخ الله من ذلك ما أحب ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس والثلث ، وجعل للزوجة الثمن والربع ، وللزوج الشطر والربع .
وقال العوفي ، عن ابن عباس قوله : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) وذلك أنه لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض ، للولد الذكر والأنثى والأبوين ، كرهها الناس أو بعضهم وقالوا : تعطى المرأة الربع أو الثمن وتعطى البنت النصف . ويعطى الغلام الصغير . وليس أحد من هؤلاء يقاتل القوم ، ولا يحوز الغنيمة . . اسكتوا عن هذا الحديث لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينساه ، أو نقول له فيغير ، فقال بعضهم : يا رسول الله ، نعطي الجارية نصف ما ترك أبوها ، وليست تركب الفرس ، ولا تقاتل القوم ونعطي الصبي الميراث وليس يغني شيئا . . وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ، لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل القوم ، ويعطونه الأكبر فالأكبر . رواه ابن أبي حاتم وابن جرير أيضا .
وقوله : ( فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ) قال بعض الناس : قوله : ( فوق ) زائدة وتقديره : فإن كن نساء اثنتين كما في قوله [ تعالى ] ( فاضربوا فوق الأعناق ) [ الأنفال : 12 ] وهذا غير مسلم لا هنا ولا هناك; فإنه ليس في القرآن شيء زائد لا فائدة فيه وهذا ممتنع ، ثم قوله : ( فلهن ثلثا ما ترك ) لو كان المراد ما قالوه لقال : فلهما ثلثا ما ترك . وإنما استفيد كون الثلثين للبنتين من حكم الأختين في الآية الأخيرة ، فإنه تعالى حكم فيها للأختين بالثلثين . وإذا ورث الأختان الثلثين فلأن يرث البنتان الثلثين بطريق الأولى وقد تقدم في حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم لابنتي سعد بن الربيع بالثلثين ، فدل الكتاب والسنة على ذلك ، وأيضا فإنه قال : ( وإن كانت واحدة فلها النصف ) فلو كان للبنتين النصف [ أيضا ] لنص عليه ، فلما حكم به للواحدة على انفرادها دل على أن البنتين في حكم الثلاث والله أعلم .
وقوله : ( ولأبويه لكل واحد منهما السدس [ مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس ] ) إلى آخره ، الأبوان لهما في الميراث أحوال :
أحدها : أن يجتمعا مع الأولاد ، فيفرض لكل واحد منهما السدس فإن لم يكن للميت إلا بنت واحدة ، فرض لها النصف ، وللأبوين لكل واحد منهما السدس ، وأخذ الأب السدس الآخر بالتعصيب ، فيجمع له - والحالة هذه - بين هذه الفرض والتعصيب .
الحال الثاني : أن ينفرد الأبوان بالميراث ، فيفرض للأم - والحالة هذه - الثلث ويأخذ الأب الباقي بالتعصيب المحض ، ويكون قد أخذ ضعفي ما فرض للأم ، وهو الثلثان ، فلو كان معهما - والحالة هذه - زوج أو زوجة أخذ الزوج النصف والزوجة الربع . ثم اختلف العلماء : ما تأخذ الأم بعد فرض الزوج والزوجة على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها تأخذ ثلث الباقي في المسألتين; لأن الباقي كأنه جميع الميراث بالنسبة إليهما . وقد جعل الله لها نصف ما جعل للأب فتأخذ ثلث الباقي ويأخذ ثلثيه وهو قول عمر وعثمان ، وأصح الروايتين عن علي . وبه يقول ابن مسعود وزيد بن ثابت ، وهو قول الفقهاء السبعة ، والأئمة الأربعة ، وجمهور العلماء - رحمهم الله .
والقول الثاني : أنها تأخذ ثلث جميع المال لعموم قوله : ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ) فإن الآية أعم من أن يكون معها زوج أو زوجة أو لا . وهو قول ابن عباس . وروي عن علي ، ومعاذ بن جبل ، نحوه . وبه يقول شريح وداود بن علي الظاهري واختاره الإمام أبو الحسين محمد بن عبد الله بن اللبان البصري في كتابه " الإيجاز في علم الفرائض " .
وهذا فيه نظر ، بل هو ضعيف; لأن ظاهر الآية إنما هو [ ما ] إذا استبد بجميع التركة ، فأما في هذه المسألة فيأخذ الزوج أو الزوجة الفرض ، ويبقى الباقي كأنه جميع التركة ، فتأخذ ثلثه ، كما تقدم .
والقول الثالث : أنها تأخذ ثلث جميع المال في مسألة الزوجة ، فإنها تأخذ الربع وهو ثلاثة من اثني عشر ، وتأخذ الأم الثلث وهو أربعة ، فيبقى خمسة للأب . وأما في مسألة الزوج فتأخذ ثلث الباقي; لئلا تأخذ أكثر من الأب لو أخذت ثلث المال ، فتكون المسألة من ستة : للزوج النصف ثلاثة وللأم ثلث ما بقي وهو سهم ، وللأب الباقي بعد ذلك وهو سهمان . ويحكى هذا عن محمد بن سيرين ، رحمه الله ، وهو مركب من القولين الأولين ، موافق كلا منهما في صورة وهو ضعيف أيضا . والصحيح الأول ، والله أعلم .
والحال الثالث من أحوال الأبوين : وهو اجتماعهما مع الإخوة ، وسواء كانوا من الأبوين ، أو من الأب ، أو من الأم ، فإنهم لا يرثون مع الأب شيئا ، ولكنهم مع ذلك يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس ، فيفرض لها مع وجودهم السدس ، فإن لم يكن وارث سواها وسوى الأب أخذ الأب الباقي .
وحكم الأخوين فيما ذكرناه كحكم الإخوة عند الجمهور . وقد روى البيهقي من طريق شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس أنه دخل على عثمان فقال : إن الأخوين لا يردان الأم عن الثلث ، قال الله تعالى : ( فإن كان له إخوة ) فالأخوان ليسا بلسان قومك إخوة . فقال عثمان : لا أستطيع تغيير ما كان قبلي ، ومضى في الأمصار ، وتوارث به الناس .
وفي صحة هذا الأثر نظر ، فإن شعبة هذا تكلم فيه مالك بن أنس ، ولو كان هذا صحيحا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخصاء به ، والمنقول عنهم خلافه .
وقد روى عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه أنه قال : الأخوان تسمى إخوة وقد أفردت لهذه المسألة جزءا على حدة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة ، حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد ، عن قتادة قوله : ( فإن كان له إخوة فلأمه السدس ) أضروا بالأم ولا يرثون ، ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث ويحجبها ما فوق ذلك ، وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من الثلث أن أباهم يلي إنكاحهم ونفقته عليهم دون أمهم .
وهذا كلام حسن . لكن روي عن ابن عباس بإسناد صحيح أنه كان يرى أن السدس الذي حجبوه عن أمهم يكون لهم ، وهذا قول شاذ ، رواه ابن جرير في تفسيره فقال :
حدثنا الحسن بن يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن ابن طاوس ، عن أبيه عن ابن عباس ، قال : السدس الذي حجبته الإخوة لأم لهم ، إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم دون أبيهم .
ثم قال ابن جرير : وهذا قول مخالف لجميع الأمة ، وقد حدثني يونس ، أخبرنا سفيان ، أخبرنا عمرو ، عن الحسن بن محمد ، عن ابن عباس أنه قال : الكلالة من لا ولد له ولا والد .
وقوله : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) أجمع العلماء سلفا وخلفا : أن الدين مقدم على الوصية ، وذلك عند إمعان النظر يفهم من فحوى الآية الكريمة . وقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وأصحاب التفاسير ، من حديث أبي إسحاق ، عن الحارث بن عبد الله الأعور ، عن علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] قال : إنكم تقرءون ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية ، وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات ، يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه . ثم قال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث الحارث الأعور ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم .
قلت : لكن كان حافظا للفرائض معتنيا بها وبالحساب فالله أعلم .
وقوله : ( آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) أي : إنما فرضنا للآباء وللأبناء ، وساوينا بين الكل في أصل الميراث على خلاف ما كان عليه الأمر في الجاهلية ، وعلى خلاف ما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من كون المال للولد وللوالدين الوصية ، كما تقدم عن ابن عباس ، إنما نسخ الله ذلك إلى هذا ، ففرض لهؤلاء ولهؤلاء بحسبهم; لأن الإنسان قد يأتيه النفع الدنيوي - أو الأخروي أو هما - من أبيه ما لا يأتيه من ابنه ، وقد يكون بالعكس; فلهذا قال : ( آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) أي : كأن النفع متوقع ومرجو من هذا ، كما هو متوقع ومرجو من الآخر; فلهذا فرضنا لهذا ولهذا ، وساوينا بين القسمين في أصل الميراث ، والله أعلم .
وقوله : ( فريضة من الله ) أي : [ من ] هذا الذي ذكرناه من تفصيل الميراث ، وإعطاء بعض الورثة أكثر من بعض - هو فرض من الله حكم به وقضاه ، والله عليم حكيم الذي يضع الأشياء في محالها ، ويعطي كلا ما يستحقه بحسبه; ولهذا قال : ( إن الله كان عليما حكيما )
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features