كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)

قوله تعالى : ( كتب عليكم القتال ) أي فرض عليكم الجهاد واختلف العلماء في حكم هذه الآية فقال عطاء : الجهاد تطوع والمراد من الآية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيرهم وإليه ذهب الثوري واحتج من ذهب إلى هذا بقوله تعالى : " فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى " ( 95 - النساء ) ولو كان القاعد تاركا فرضا لم يكن يعده الحسنى وجرى بعضهم على ظاهر الآية وقال : الجهاد فرض على كافة المسلمين إلى قيام الساعة .
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي الخوارزمي أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أخبرنا أبو عمرو أحمد بن أبي الفراتي أخبرنا أبو الهيثم بن كليب أخبرنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة أخبرنا سعيد بن عثمان السعيدي عن عمر بن محمد بن المنكدر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق " .
وقال قوم وعليه الجمهور : إن الجهاد فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين مثل صلاة الجنازة ورد السلام قال الزهري والأوزاعي : كتب الله الجهاد على الناس غزوا أو قعودا فمن غزا فبها ونعمت ومن قعد فهو عدة إن استعين به أعان وإن استنفر نفر ، وإن استغني عنه قعد .
قوله تعالى : ( وهو كره لكم ) أي شاق عليكم ، قال بعض أهل المعاني : هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه لما فيه من مؤنة المال ومشقة النفس وخطر الروح لا أنهم كرهوا أمر الله تعالى وقال عكرمة نسخها قوله تعالى : ( سمعنا وأطعنا ) يعني أنهم كرهوه ثم أحبوه فقالوا ( سمعنا وأطعنا ) . قال الله تعالى : ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) لأن في الغزو إحدى الحسنيين إما الظفر والغنيمة وإما الشهادة والجنة ( وعسى أن تحبوا شيئا ) يعني القعود عن الغزو ( وهو شر لكم ) لما فيه من فوات الغنيمة والأجر ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) .
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)

هذا إيجاب من الله تعالى للجهاد على المسلمين : أن يكفوا شر الأعداء عن حوزة الإسلام .
وقال الزهري : الجهاد واجب على كل أحد ، غزا أو قعد ; فالقاعد عليه إذا استعين أن يعين ، وإذا استغيث أن يغيث ، وإذا استنفر أن ينفر ، وإن لم يحتج إليه قعد .
قلت : ولهذا ثبت في الصحيح " من مات ولم يغز ، ولم يحدث نفسه بغزو مات ميتة جاهلية " . وقال عليه السلام يوم الفتح : " لا هجرة ، ولكن جهاد ونية ، إذا استنفرتم فانفروا " .
وقوله : ( وهو كره لكم ) أي : شديد عليكم ومشقة . وهو كذلك ، فإنه إما أن يقتل أو يجرح مع مشقة السفر ومجالدة الأعداء .
ثم قال تعالى : ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) أي : لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء ، والاستيلاء على بلادهم ، وأموالهم ، وذراريهم ، وأولادهم .
( وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ) وهذا عام في الأمور كلها ، قد يحب المرء شيئا ، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة . ومن ذلك القعود عن القتال ، قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم .
ثم قال تعالى : ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) أي : هو أعلم بعواقب الأمور منكم ، وأخبر بما فيه صلاحكم في دنياكم وأخراكم ; فاستجيبوا له ، وانقادوا لأمره ، لعلكم ترشدون .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features