۞ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)

قوله تعالى : ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة ) يعني : آدم ، ( وجعل ) وخلق ( منها زوجها ) يعني : حواء ، ( ليسكن إليها ) ليأنس بها ويأوي إليها ( فلما تغشاها ) أي : واقعها وجامعها ( حملت حملا خفيفا ) وهو أول ما تحمل المرأة من النطفة يكون خفيفا عليها ، ( فمرت به ) أي : استمرت به وقامت وقعدت به ، لم يثقلها ، ( فلما أثقلت ) أي : كبر الولد في بطنها وصارت ذات ثقل بحملها ودنت ولادتها ، ( دعوا الله ربهما ) يعني آدم وحواء ، ( لئن آتيتنا ) يا ربنا ( صالحا ) أي : بشرا سويا مثلنا ، ( لنكونن من الشاكرين ) قال المفسرون : فلما حملت حواء أتاها إبليس في صورة رجل ، فقال لها : ما الذي في بطنك؟ قالت : ما أدري . قال : إني أخاف أن يكون بهيمة ، أو كلبا ، أو خنزيرا ، وما يدريك من أين يخرج؟ من دبرك فيقتلك ، أو من قبلك وينشق بطنك ، فخافت حواء من ذلك ، وذكرت ذلك لآدم عليه السلام فلم يزالا في هم من ذلك ، ثم عاد إليها فقال : إني من الله بمنزلة ، فإن دعوت الله أن يجعله خلقا سويا مثلك ويسهل عليك خروجه تسميه عبد الحارث؟ - وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث - فذكرت ذلك لآدم ، فقال : لعله صاحبنا الذي قد علمت ، فعاودها إبليس ، فلم يزل بهما حتى غرهما ، فلما ولدت سمياه عبد الحارث .
قال الكلبي : قال إبليس لها : إن دعوت الله فولدت إنسانا أتسمينه بي؟ قالت : نعم ، فلما ولدت قال سميه بي ، قالت : وما اسمك قال الحارث ، ولو سمى لها نفسه لعرفته فسمته عبد الحارث .
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت حواء تلد لآدم فيسميه عبد الله ، وعبيد الله وعبد الرحمن ، فيصيبهم الموت ، فأتاهما إبليس وقال : إن سركما أن يعيش لكما ولد فسمياه عبد الحارث ، فولدت فسمياه عبد الحارث فعاش . وجاء في الحديث : " خدعهما إبليس مرتين مرة في الجنة ومرة في الأرض " .
وقال ابن زيد : ولد لآدم ولد فسماه عبد الله فأتاهما إبليس فقال لهما : ما سميتما ابنكما؟ قالا عبد الله - وكان قد ولد لهما قبل ذلك ولد فسمياه عبد الله فمات - فقال إبليس : أتظنان أن الله تارك عبده عندكما ، لا والله ليذهبن به كما ذهب بالآخر ، ولكن أدلكم على اسم يبقى لكما ما بقيتما ، فسمياه عبد شمس . والأول أصح ، فذلك قوله : ( فلما آتاهما صالحا )
۞ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)

ينبه تعالى على أنه خلق جميع الناس من آدم ، عليه السلام ، وأنه خلق منه زوجه حواء ، ثم انتشر الناس منهما ، كما قال تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) [ الحجرات : 13 ] وقال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها [ وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ] ) الآية [ النساء : 1 ] .
وقال في هذه الآية الكريمة : ( وجعل منها زوجها ليسكن إليها ) أي : ليألفها ويسكن بها ، كما قال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) [ الروم : 21 ] فلا ألفة بين زوجين أعظم مما بين الزوجين ; ولهذا ذكر تعالى أن الساحر ربما توصل بكيده إلى التفرقة بين المرء وزوجه .
( فلما تغشاها ) أي : وطئها ( حملت حملا خفيفا ) وذلك أول الحمل ، لا تجد المرأة له ألما ، إنما هي النطفة ، ثم العلقة ، ثم المضغة .
وقوله : ( فمرت به ) قال مجاهد : استمرت بحمله . وروي عن الحسن ، وإبراهيم النخعي ، والسدي ، نحوه .
وقال ميمون بن مهران : عن أبيه استخفته .
وقال أيوب : سألت الحسن عن قوله : ( فمرت به ) قال : لو كنت رجلا عربيا لعرفت ما هي . إنما هي : فاستمرت به .
وقال قتادة : ( فمرت به ) واستبان حملها .
وقال ابن جرير : [ معناه ] استمرت بالماء ، قامت به وقعدت .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : استمرت به ، فشكت : أحملت أم لا .
( فلما أثقلت ) أي : صارت ذات ثقل بحملها .
وقال السدي : كبر الولد في بطنها .
( دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا ) أي : بشرا سويا ، كما قال الضحاك ، عن ابن عباس : أشفقا أن يكون بهيمة .
وكذلك قال أبو البختري وأبو مالك : أشفقا ألا يكون إنسانا .
وقال الحسن البصري : لئن آتيتنا غلاما .
( لنكونن من الشاكرين .
۞ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)

: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ أيها الرجال والنساء، المنتشرون في الأرض على كثرتكم وتفرقكم. مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وهو آدم أبو البشر صلى الله عليه وسلم. وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا أي: خلق من آدم زوجته حواء لأجل أن يسكن إليها لأنها إذا كانت منه حصل بينهما من المناسبة والموافقة ما يقتضي سكون أحدهما إلى الآخر، فانقاد كل منهما إلى صاحبه بزمام الشهوة. فَلَمَّا تَغَشَّاهَا أي: تجللها مجامعا لها قدَّر الباري أن يوجد من تلك الشهوة وذلك الجماع النسل، [وحينئذ] حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا، وذلك في ابتداء الحمل، لا تحس به الأنثى، ولا يثقلها. فَلَمَّا استمرت به و أَثْقَلَتْ به حين كبر في بطنها، فحينئذ صار في قلوبهما الشفقة على الولد، وعلى خروجه حيا، صحيحا، سالما لا آفة فيه [كذلك] فدعوا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا ولدا صَالِحًا أي: صالح الخلقة تامها، لا نقص فيه لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features