وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ (66)

( وإن لكم في الأنعام لعبرة ) لعظة ، ( نسقيكم ) بفتح النون هاهنا وفي المؤمنين ، قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر ويعقوب والباقون بضمها وهما لغتان . ( مما في بطونه ) قال الفراء : رد الكناية إلى النعم ، والنعم والأنعام واحد .
ولفظ النعم مذكر ، قال أبو عبيدة ، والأخفش : النعم يذكر ويؤنث ، فمن أنث فلمعنى الجمع ، ومن ذكر فلحكم اللفظ .
قال الكسائي : رده إلى " ما " يعني في بطون ما ذكرنا .
وقال المؤرج : الكناية مردودة إلى البعض والجزء ، كأنه قال نسقيكم مما في بطونه اللبن ، إذ ليس لكلها لبن ، واللبن فيه مضمر .
( من بين فرث ) وهو ما في الكرش من الثقل ، فإذا خرج منه لا يسمى فرثا ، ( ودم لبنا خالصا ) من الدم والفرث ليس عليه لون دم ولا رائحة فرث .
( سائغا للشاربين ) هنيئا يجري على السهولة في الحلق .
وقيل : إنه لم يغص أحد باللبن قط .
قال ابن عباس : إذا أكلت الدابة العلف واستقر في كرشها وطحنته فكان أسفله فرثا ، وأوسطه اللبن ، وأعلاه الدم ، والكبد مسلطة عليها ، تقسمها بتقدير الله تعالى ، فيجري الدم في العروق ، واللبن في الضرع ، ويبقى الفرث كما هو .
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ (66)

يقول تعالى : ( وإن لكم ) أيها الناس ( في الأنعام ) وهي : الإبل والبقر والغنم ، ( لعبرة ) أي : لآية ودلالة على قدرة خالقها وحكمته ولطفه ورحمته ، ( نسقيكم مما في بطونه ) وأفرد هاهنا [ الضمير ] عودا على معنى النعم ، أو الضمير عائد على الحيوان ; فإن الأنعام حيوانات ، أي نسقيكم مما في بطن هذا الحيوان .
وفي الآية الأخرى : ( مما في بطونها ) [ المؤمنون : 21 ] ويجوز هذا وهذا ، كما في قوله تعالى : ( كلا إنه تذكرة فمن شاء ذكره ) [ المدثر : 54 ، 55 ] وفي قوله تعالى : ( وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون فلما جاء سليمان ) [ النمل : 35 ، 36 ] أي : المال .
وقوله : ( من بين فرث ودم لبنا خالصا ) أي : يتخلص الدم بياضه وطعمه وحلاوته من بين فرث ودم في باطن الحيوان ، فيسري كل إلى موطنه ، إذا نضج الغذاء في معدته تصرف منه دم إلى العروق ، ولبن إلى الضرع وبول إلى المثانة ، وروث إلى المخرج ، وكل منها لا يشوب الآخر ولا يمازجه بعد انفصاله عنه ، ولا يتغير به .
وقوله : ( لبنا خالصا سائغا للشاربين ) أي : لا يغص به أحد .
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ (66)

أي: { وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ } التي سخرها الله لمنافعكم { لَعِبْرَةً } تستدلون بها على كمال قدرة الله وسعة إحسانه حيث أسقاكم من بطونها المشتملة على الفرث والدم، فأخرج من بين ذلك لبنا خالصا من الكدر سائغا للشاربين للذته ولأنه يسقي ويغذي، فهل هذه إلا قدرة إلهية لا أمور طبيعية.
فأي شيء في الطبيعة يقلب العلف الذي تأكله البهيمة والشراب الذي تشربه من الماء العذب والملح لبنا خالصا سائغا للشاربين؟
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features