كَلَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17)

فرد الله على من ظن أن سعة الرزق إكرام وأن الفقر إهانة ، فقال ( كلا ) لم أبتله بالغنى لكرامته ، ولم أبتله بالفقر لهوانه ، فأخبر أن الإكرام والإهانة لا تدور على المال وسعة الرزق ، ولكن الفقر والغنى بتقديره ، فيوسع على الكافر لا لكرامته ، ويقدر على المؤمن لا لهوانه ، إنما يكرم المرء بطاعته ويهينه بمعصيته .
قرأ أهل الحجاز والبصرة " أكرمني وأهانني " بإثبات الياء في الوصل ، ويقف ابن كثير ويعقوب بالياء أيضا ، والآخرون يحذفونها وصلا ووقفا .
( بل لا تكرمون اليتيم ) قرأ أهل البصرة : " يكرمون ، ويحضون ، ويأكلون ، ويحبون " بالياء فيهن ، وقرأ الآخرون بالتاء ، " لا تكرمون اليتيم " لا تحسنون إليه . وقيل : لا تعطونه حقه .
قال مقاتل : كان قدامة بن مظعون يتيما في حجر أمية بن خلف وكان يدفعه عن حقه .
كَلَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17)

قال الله : ( كلا ) أي : ليس الأمر كما زعم ، لا في هذا ولا في هذا ، فإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب ، ويضيق على من يحب ومن لا يحب ، وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين ، إذا كان غنيا بأن يشكر الله على ذلك ، وإذا كان فقيرا بأن يصبر .
وقوله : ( بل لا تكرمون اليتيم ) فيه أمر بالإكرام له ، كما جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن المبارك ، عن سعيد بن أبي أيوب ، عن يحيى بن سليمان ، عن زيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه ، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه " ثم قال بأصبعه : " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " .
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان ، أخبرنا عبد العزيز - يعني ابن أبي حازم - حدثني أبي ، عن سهل - يعني ابن سعد - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة " . وقرن بين إصبعيه : الوسطى والتي تلي الإبهام .
كَلَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17)

قوله تعالى : كلا رد ، أي ليس الأمر كما يظن ، فليس الغنى لفضله ، ولا الفقر لهوانه ، وإنما الفقر والغنى من تقديري وقضائي . وقال الفراء : كلا في هذا الموضع بمعنى لم يكن ينبغي للعبد أن يكون هكذا ، ولكن يحمد الله - عز وجل - على الغنى والفقر . وفي الحديث : " يقول الله - عز وجل - : كلا إني لا أكرم من أكرمت بكثرة الدنيا ، ولا أهين من أهنت بقلتها ، إنما أكرم من أكرمت بطاعتي ، وأهين من أهنت بمعصيتي " .
قوله تعالى : بل لا تكرمون اليتيم إخبار عن ما كانوا يصنعونه من منع اليتيم الميراث ، وأكل ماله إسرافا وبدارا أن يكبروا . وقرأ أبو عمرو ويعقوب يكرمون ، ويحضون ويأكلون ، ويحبون بالياء ; لأنه تقدم ذكر الإنسان ، والمراد به الجنس ، فعبر عنه بلفظ الجمع . الباقون بالتاء في الأربعة ، على الخطاب والمواجهة كأنه قال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا . وترك إكرام اليتيم بدفعه عن حقه ، وأكل ماله كما ذكرنا . قال مقاتل : نزلت في قدامة بن مظعون وكان يتيما في حجر أمية بن خلف .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features