وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)

( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) : يقول: فاذكره.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن مجاهد، في قوله: ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) قال: بالنبوّة.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: ثنا سعيد بن إياس الجريريّ، عن أبى نضرة، قال: كان المسلمون يرون أن من شُكْرِ النعم أن يحدّثَ بها.
آخر تفسير سورة الضحى، ولله الحمد والشكر
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)

{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } [وهذا يشمل] النعم الدينية والدنيوية { فَحَدِّثْ } أي: أثن على الله بها، وخصصها بالذكر إن كان هناك مصلحة.
وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق، فإن التحدث بنعمة الله، داع لشكرها، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها، فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن.
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)

قوله تعالى : وأما بنعمة ربك فحدث أي انشر ما أنعم الله عليك بالشكر والثناء . والتحدث بنعم الله ، والاعتراف بها شكر . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد وأما بنعمة ربك قال بالقرآن . وعنه قال : بالنبوة أي بلغ ما أرسلت به . والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والحكم عام له ولغيره . وعن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - قال : إذا أصبت خيرا ، أو عملت خيرا ، فحدث به الثقة من إخوانك . وعن عمرو بن ميمون قال : إذا لقي الرجل من إخوانه من يثق به ، يقول له : رزق الله من الصلاة البارحة وكذا وكذا . وكان أبو فراس عبد الله بن غالب إذا أصبح يقول : لقد رزقني الله البارحة كذا ، قرأت كذا ، وصليت كذا ، وذكرت الله كذا ، وفعلت كذا . فقلنا له : يا أبا فراس ، إن مثلك لا يقول هذا قال يقول الله تعالى : وأما بنعمة ربك فحدث وتقولون أنتم : لا تحدث بنعمة الله ونحوه عن أيوب السختياني وأبي رجاء العطاردي - رضي الله عنهم - . وقال بكر بن عبد الله المزني قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من أعطي خيرا فلم ير عليه ، سمي بغيض الله ، معاديا لنعم الله " .
وروى الشعبي عن النعمان بن بشير قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : من لم يشكو القليل ، لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس ، لم يشكر الله ، والتحدث بالنعم شكر ، وتركه كفر ، والجماعة رحمة ، والفرقة عذاب . وروى النسائي عن مالك بن نضلة الجشمي قال : كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا ، فرآني رث الثياب فقال : " ألك مال ؟ " قلت : نعم ، يا رسول الله ، من كل المال . قال : " إذا آتاك الله مالا فلير أثره عليك " . وروى أبو سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إن الله جميل يحب الجمال ، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده .
فصل : يكبر القارئ في رواية البزي عن ابن كثير - وقد رواه مجاهد عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا بلغ آخر والضحى كبر بين كل سورة تكبيرة ، إلى أن يختم القرآن ، ولا يصل آخر السورة بتكبيره بل يفصل بينهما بسكتة . وكأن المعنى في ذلك أن الوحي تأخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أياما ، فقال ناس من المشركين : قد ودعه صاحبه وقلاه فنزلت هذه السورة فقال : " الله أكبر " . قال مجاهد : قرأت على ابن عباس ، فأمرني به ، وأخبرني به عن أبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يكبر في قراءة الباقين ; لأنها ذريعة إلى الزيادة في القرآن .
قلت : القرآن ثبت نقلا متواترا سوره وآياته وحروفه لا زيادة فيه ولا نقصان فالتكبير على هذا ليس بقرآن . فإذا كان بسم الله الرحمن الرحيم المكتوب في المصحف بخط المصحف ليس بقرآن ، فكيف بالتكبير الذي هو ليس بمكتوب . أما أنه ثبت سنة بنقل الآحاد ، فاستحبه ابن كثير ، لا أنه أوجبه فخطأ من تركه . ذكر الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ في كتاب ( المستدرك ) له على البخاري ومسلم : حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد ، المقرئ الإمام بمكة ، في المسجد الحرام ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغ ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزة : سمعت عكرمة بن سليمان يقول : قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين ، فلما بلغت والضحى قال لي كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم ، فإني قرأت على عبد الله بن كثير فلما بلغت والضحى قال : كبر حتى تختم . وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد ، وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك ، وأخبره ابن عباس أن أبي بن كعب أمره بذلك ، وأخبره أبي بن كعب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بذلك . هذا حديث صحيح ولم يخرجاه .
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)

( وأما بنعمة ربك فحدث ) قال مجاهد يعني النبوة ، روى عنه أبو بشر واختاره الزجاج وقال : أي بلغ ما أرسلت به ، وحدث بالنبوة التي آتاك [ الله ] .
وقال الليث عن مجاهد : يعني القرآن وهو قول الكلبي ، أمره أن [ يقرأ به ] .
وقال مقاتل : اشكر لما ذكر من النعمة عليك في هذه السورة من جبر اليتيم والهدى بعد الضلالة والإغناء بعد العيلة ، والتحدث بنعمة الله شكرا .
أخبرنا أبو سعيد بكر بن محمد بن محمد بن محمي البسطامي ، حدثنا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسين النصر أبادي ، [ حدثنا علي بن سعيد النسوي ] أخبرنا سعيد بن عفير ، حدثنا يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن شرحبيل مولى الأنصاري ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صنع إليه معروف فليجز به ، فإن لم يجد ما يجزي به فليثن عليه فإنه إذا أثنى عليه فقد شكره ، وإن كتمه فقد كفره ، ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبين من زور " .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين ، حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق ، حدثنا أبو القاسم بن منيع ، حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا وكيع عن أبي عبد الرحمن يعني القاسم بن الوليد ، عن الشعبي ، عن النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر : " من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله تعالى ، التحدث بنعمة الله شكر ، وتركه كفر ، والجماعة رحمة والفرقة عذاب " .
والسنة - في قراءة أهل مكة - أن يكبر من أول سورة " والضحى " على رأس كل سورة حتى يختم القرآن ; فيقول : الله أكبر .
قال الشيخ الإمام الأجل محيي السنة ناصر الحديث قدوة الأئمة ناشر الدين ركن الإسلام إمام الأئمة مفتي الشرق أبو محمد الحسين بن مسعود رحمه الله : كذلك قرأته على الإمام المقرئ أبي نصر محمد بن أحمد بن علي الحامدي بمرو ، قال : قرأت على أبي القاسم طاهر بن علي الصيرفي ، قال : قرأت على أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران ، قال : قرأت على أبي علي محمد بن أحمد بن حامد الصفار المقرئ ، قال : قرأت على أبي بكر محمد بن موسى الهاشمي ، قال : قرأت على أبي ربيعة والحسين بن محمد الحداد ، وهما قرآ على أبي الحسين بن أبي بزة وأخبرهما [ ابن أبي بزة ] أنه قرأ على عكرمة بن سليمان بن كثير المكي ، وأخبره عكرمة أنه قرأ على شبل بن عباد وإسماعيل بن قسطنطين ، وأخبراه أنهما قرآ على عبد الله بن كثير ، وأخبرهما عبد الله [ بن كثير - رضي الله عنهم أجمعين ] أنه قرأ على مجاهد ، وأخبره مجاهد أنه قرأ على ابن عباس ، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب .
وأخبرنا الإمام المقرئ أبو نصر محمد بن أحمد بن علي وقرأت عليه بمرو ، وقال : أنا الشريف أبو القاسم علي بن محمد الزيدي بالتكبير ، وقرأت عليه بثغر حران ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد الموصلي المعروف بالنقاش ، وقرأت عليه بمدينة السلام ، حدثنا أبو ربيعة محمد بن إسحاق الربعي ، وقرأت عليه بمكة قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي [ بزة ] ، وقرأت عليه قال لي : قرأته على عكرمة بن سليمان ، وأخبرني أنه قرأ على إسماعيل بن قسطنطين وشبل بن عباد قال فلما بلغت " والضحى " قالا لي : كبر حتى تختم ، مع خاتمة كل سورة ، فإنا قرأنا على ابن كثير فأمرنا بذلك ، وأخبرنا أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك ، وأخبره مجاهد أنه قرأ على ابن عباس [ فأمره بذلك ] ، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب فأمره بذلك وأخبره أبي أنه قرأ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره بذلك .
وكان سبب التكبير أن الوحي لما احتبس قال المشركون هجره شيطانه ، وودعه ، فاغتم النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك ، فلما نزل " والضحى " كبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرحا بنزول الوحي ، فاتخذوه سنة .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features