أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)
يقول تعالى ذكره: أخلق هؤلاء المشركون من غير شيء, أي من غير آباء ولا أمَّهات, فهم كالجماد, لا يعقلون ولا يفهمون لله حجة, ولا يعتبرون له بعبرة, ولا يتعظون بموعظة. وقد قيل: إن معنى ذلك: أم خلقوا لغير شيء, كقول القائل: فعلت كذا وكذا من غير شيء, بمعنى: لغير شيء.
وقوله: ( أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) يقول: أم هم الخالقون هذا الخلق, فهم لذلك لا يأتمرون لأمر الله, ولا ينتهون عما نهاهم عنه, لأن للخالق الأمر والنهي .
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)

{ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } وهذا استدلال عليهم، بأمر لا يمكنهم فيه إلا التسليم للحق، أو الخروج عن موجب العقل والدين، وبيان ذلك: أنهم منكرون لتوحيد الله، مكذبون لرسوله، وذلك مستلزم لإنكار أن الله خلقهم.
وقد تقرر في العقل مع الشرع، أن الأمر لا يخلو من أحد ثلاثة أمور:
إما أنهم خلقوا من غير شيء أي: لا خالق خلقهم، بل وجدوا من غير إيجاد ولا موجد، وهذا عين المحال.
أم هم الخالقون لأنفسهم، وهذا أيضا محال، فإنه لا يتصور أن يوجدوا أنفسهم
فإذا بطل [هذان] الأمران، وبان استحالتهما، تعين [القسم الثالث] أن الله الذي خلقهم، وإذا تعين ذلك، علم أن الله تعالى هو المعبود وحده، الذي لا تنبغي العبادة ولا تصلح إلا له تعالى.
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)

( أم خلقوا من غير شيء ) قال ابن عباس : من غير رب ، ومعناه : أخلقوا من غير شيء خلقهم فوجدوا بلا خالق ؟ وذلك مما لا يجوز أن يكون ، لأن تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الاسم ، فإن أنكروا الخالق لم يجز أن يوجدوا بلا خالق ( أم هم الخالقون ) لأنفسهم وذلك في البطلان أشد ، لأن ما لا وجود له كيف يخلق ؟
فإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقا فليؤمنوا به ، ذكر هذا المعنى أبو سليمان الخطابي .
وقال الزجاج : معناه : أخلقوا باطلا لا يحاسبون ولا يؤمرون ؟ وقال ابن كيسان : أخلقوا عبثا وتركوا سدى لا يؤمرون ولا ينهون ، فهو كقول القائل : فعلت كذا وكذا من غير شيء أي : لغير شيء ، أم هم الخالقون لأنفسهم فلا يجب عليهم لله أمر ؟
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features