فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ (22)

وقوله: ( فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) يقول تعالى ذكره: هو قرآن كريم مُثْبَت في لوح محفوظ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( مَحْفُوظٍ ) فقرأ ذلك مَن قرأه مِن أهل الحجاز أبو جعفر القارئ وابن كثير، ومن قرأه من قرّاء الكوفة عاصم والأعمش وحمزة &; 24-348 &; والكسائي، ومن البصريين أبو عمرو ( محفوظٍ ) خفضًا على معنى أن اللوح هو المنعوت بالحفظ. وإذا كان ذلك كذلك كان التأويل: في لوح محفوظ من الزيادة فيه والنقصان منه عما أثبته الله فيه. وقرأ ذلك من المكِّيين ابن مُحَيْصِن، ومن المدنيين نافع ( مَحْفُوظٌ ) رفعًا، ردًّا على القرآن، على أنه من نعته وصفته. وكان معنى ذلك على قراءتهما: ( بل هو قرآن مجيد ) محفوظ من التغيير والتبديل في لوح.
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان في قرأة الأمصار، صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وإذا كان ذلك كذلك، فبأيّ القراءتين قرأ القارئ، فتأويل القراءة التي يقرؤها على ما بيَّنا.
وقد حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان عن منصور، عن مجاهد ( فِي لَوْحٍ ) قال: في أمّ الكتاب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) عند الله.
وقال آخرون: إنما قيل محفوظ لأنه في جبهة إسرافيل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: سمعت قرة بن سليمان، قال: ثنا حرب بن سريج، قال: ثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، في قوله: ( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) قال: إن اللوح المحفوظ الذي ذكر الله، ( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) في جَبْهَة إسرافيل.
آخر تفسير سورة البروج
فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ (22)

في لوح محفوظ أي مكتوب في لوح . وهو محفوظ عند الله تعالى من وصول الشياطين إليه . وقيل : هو أم الكتاب ; ومنه انتسخ القرآن والكتب . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : " اللوح من ياقوتة حمراء ، أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر ملك يقال له ماطريون ، كتابه نور ، وقلمه نور ، ينظر الله - عز وجل - فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ; ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء ; يرفع وضيعا ، ويضع رفيعا ، ويغني فقيرا ، ويفقر غنيا ; يحيي ويميت ، ويفعل ما يشاء ; لا إله إلا هو " . وقال أنس بن مالك ومجاهد ، إن اللوح المحفوظ الذي ذكره الله تعالى في جبهة إسرافيل . وقال مقاتل : اللوح المحفوظ عن يمين العرش . وقيل : اللوح المحفوظ الذي فيه أصناف الخلق والخليقة ، وبيان أمورهم ، وهو أم الكتاب .
وقال ابن عباس : أول شيء كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ " إني أنا الله لا إله إلا أنا ، محمد رسولي ، من استسلم لقضائي ، وصبر على بلائي ، وشكر نعمائي ، كتبته صديقا وبعثته مع الصديقين ، ومن لم يستسلم لقضائي ولم يصبر على بلائي ، ولم يشكر نعمائي ، فليتخذ إلها سواي " .
وكتب الحجاج إلى محمد بن الحنفية - رضي الله عنه - يتوعده ; فكتب إليه ابن الحنفية : " بلغني أن لله تعالى في كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة في اللوح المحفوظ ; يعز ويذل ، ويبتلي ويفرح ، ويفعل ما يريد ; فلعل نظرة منها تشغلك بنفسك ، فتشتغل بها ولا تتفرغ " .
وقال بعض المفسرين : اللوح شيء يلوح للملائكة فيقرؤنه . وقرأ ابن السميقع وأبو حيوة قرآن مجيد على الإضافة ; أي قرآن رب مجيد . وقرأ نافع ( في لوح محفوظ ) بالرفع نعتا للقرآن ; أي بل هو قرآن مجيد محفوظ في لوح . الباقون ( بالجر ) نعتا ل " لوح " . والقراء متفقون على فتح اللام من ( لوح ) إلا ما روي عن يحيى بن يعمر ; فإنه قرأ " لوح " بضم اللام ، أي إنه يلوح ، وهو ذو نور وعلو وشرف . قال الزمخشري : واللوح الهواء ; يعني اللوح فوق السماء السابعة الذي فيه اللوح . وفي الصحاح : لاح الشيء يلوح لوحا أي لمح . ولاحه السفر : غيره . ولاح لوحا ولواحا : عطش ، والتاح مثله . واللوح : الكتف ، وكل عظم عريض . واللوح : الذي يكتب فيه . واللوح ( بالضم ) : الهواء بين السماء والأرض . والحمد لله .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features