الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7)

وقوله: ( الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ ) يقول: الذي خلقك أيها الإنسان فسوّى خلقك ( فَعَدَلَكَ ) واختلفت القرَّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرَّاء المدينة ومكة والشام والبصرة ( فعدّلك ) بتشديد الدال، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بتخفيفها، وكأن من قرأ ذلك بالتشديد وجَّه معنى الكلام إلى أنه جعلك معتدلا معدّل الخلق مقوَّما، وكأن الذين قرءوه بالتخفيف، وجَّهوا معنى الكلام إلى صرفك وأمالك إلى أيّ صورة شاء، إما إلى صورة حسنة، وإما إلى صورة قبيحة، أو إلى صورة بعض قراباته.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن أعجبهما إليّ أن أقرأ به قراءة من قَرَأ ذلك بالتشديد، لأن دخول " في" للتعديل أحسن في العربية من دخولها للعدل، ألا ترى أنك تقول: عدّلتك في كذا، وصرفتك إليه، ولا تكاد تقول: عدلتك & &; إلى كذا وصرفتك فيه، فلذلك اخترت التشديد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك وذكرنا أن قارئي ذلك تأوّلوه، جاءت الرواية عن أهل التأويل أنهم قالوه.
ذكر الرواية بذلك:
الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7)

الذي خلقك أي قدر خلقك من نطفة فسواك في بطن أمك ، وجعل لك يدين ورجلين وعينين وسائر أعضائك فعدلك أي جعلك معتدلا سوي الخلق ; كما يقال : هذا شيء معدل . وهذه قراءة العامة وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم ; قال الفراء : وأبو عبيد : يدل عليه قوله تعالى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم . وقرأ الكوفيون : عاصم وحمزة والكسائي : فعدلك مخففا أي : أمالك وصرفك إلى أي صورة شاء ، إما حسنا وإما قبيحا ، وإما طويلا وإما قصيرا . وقال موسى بن علي بن أبي رباح اللخمي عن أبيه عن جده قال : قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم " .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features