فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فإن لم تفعلوا "، إن لم تأتوا بسورة من مثله, فقد تظاهرتم أنتم وشركاؤكم عليه وأعوانكم (172) ، فتبين لكم بامتحانكم واختباركم عجزكم وعَجزُ جميع خلقي عنه, وعلمتم أنه من عندي, ثم أقمتم على التكذيب به.
وقوله: " ولن تفعلوا "، أي لن تأتوا بسورة من مثله أبدًا.
501- كما حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة: " فإن لم تفعلوا ولنْ تفعلوا "، أي لا تقدرون على ذلك ولا تطيقونه (173) .
502- حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا "، فقد بَين لكم الحق (174) .
القول في تأويل قوله تعالى: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله " فاتقوا النار "، يقول: فاتقوا أن تَصْلَوُا النار بتكذيبكم رسولي بما جاءكم به من عندي أنه من وحيي وتنـزيلي, بعدَ تبيُّنكم أنه كتابي ومن عندي, وقيام الحجة عليكم بأنه كلامي ووحيي, بعجزكم وعجز جميع خلقي عن أن يأتوا بمثله.
ثم وصف جل ثناؤه النارَ التي حَذرهم صِلِيَّها فأخبرهم أنّ الناس وَقودها, وأن الحجارة وَقُودها, فقال: " التي وَقودها الناس والحجارة "، يعني بقوله: " وَقُودُها " حَطبها, والعرب تَجعله مصدرًا وهو اسم، إذا فتحت الواو، بمنـزلة الحطب.
فإذا ضَمت الواو من " الوقود " كان مصدرًا من قول القائل: وَقدَت النارُ فهي تَقِد وُقودًا وقِدَة ووَقَدانًا وَوقْدًا, يراد بذلك أنها التهبتْ.
فإن قال قائل: وكيف خُصَّت الحجارة فقرنت بالناس، حتى جعلت لنار جهنم حَطبًا؟
ص[1-381 ]
قيل: إنها حجارةُ الكبريت, وهي أشد الحجارة -فيما بلغنا- حرًّا إذا أحميت.
503- كما حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا أبو معاوية, عن مسعر, عن عبد الملك بن مَيسرة الزرَّاد, عن عبد الرحمن بن سَابط, عن عمرو بن ميمون, عن عبد الله بن مسعود، في قوله: " وقُودها الناس والحجارة "، قال: هي حجارة من كبريت، خَلقها الله يومَ خلق السموات والأرض في السماء الدنيا، يُعدّها للكافرين.
504- حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أنبأنا عبد الرزّاق, قال: أنبأنا ابن عُيينة, عن مِسعر، عن عبد الملك الزرَّاد، عن عمرو بن ميمون, عن ابن مسعود في قوله: " وقودها الناسُ والحجارة "، قال: حجارة الكبريت، جعلها الله كما شاء (175) .
505- حدثني موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك, وعن أبي صالح, عن ابن عباس - وعن مُرَّة, عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: " اتقوا النار التي وَقودُها الناس والحجارة "، أما الحجارة، فهي حجارةٌ في النار من كَبريت أسْوَد، يُعذبون به مع النار (176) .
506- حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جُريج في قوله: " وقودها الناس والحجارة "، قال: حجارة من كبريت أسودَ في النار، قال: وقال لي عمرو بن دينار: حجارةٌ أصلب من هذه وأعظم (177) .
507- حدثنا سفيان بن وكيع, قال: حدثنا أبي، عن مسعر, عن عبد الملك بن مَيسرة, عن عبد الرحمن بن سابط, عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود, قال: حجارةٌ من الكبريت خَلقها الله عنده كيفَ شاء وكما شاء (178) .
* * *
القول في تأويل قوله: أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)
قد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا، على أن " الكافر " في كلام العرب، هو الساتر شيئًا بغطاء (179) ، وأن الله جل ثناؤه إنما سمى الكافر كافرا، لجحوده آلاءه عنده, وتغطيته نَعماءَه قِبَله.
فمعنى قوله إذًا: " أعدت للكافرين "، أعدّت النارُ للجاحدين أنّ الله رَبُّهم المتوحِّدُ بخلقهم وخلق الذين من قبلهم, الذي جَعل لهم الأرض فراشًا, والسماء بناءً, وأنـزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقًا لهم - المشركينَ معه في عبادته الأندادَ والآلهة (180) ، وهو المتفرد لهم بالإنشاء، والمتوحِّد بالأقوات والأرزاق (181) .
508- كما حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت, عن عكرمة, أو عن سعيد, عن ابن عباس: " أعدت للكافرين "، أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر (182) .
---------------
الهوامش :
(172) في المطبوعة : "وقد تظاهرتم" ، وما في المخطوطة أجود ، وسيأتي بعد قليل بيان ذلك .
(173) الأثر 501- ذكره السيوطي 1 : 35 بنحوه ، ونسبه لعبد بن حميد وابن جرير . وكتب فيه خطأ مطبعيًّا"ابن جريج" .
(174) الأثران 501 ، 502- في الدر المنثور 1 : 35 ، والشوكاني 1 : 40 . ولفظ الطبري في تفسير هذه الآية وفي التي تليها ، وما استدل به من الأثر الأخير ، يدل على أنه يرى أن جواب الشرط محذوف ، لأنه معلوم قد دل عليه السياق؛ وجواب الشرط"فقد بين لكم الحق ، وأقمتم على التكذيب به وبرسولي" ، ثم قال مستأنفًا : "فاتقوا أن تصلوا النار بتكذيبكم رسولي ، أنه جاءكم بوحيي وتنزيلي ، بعد أن تبين لكم أنه كتابي ومن عندي" .
ولم أجد من تنبه لهذا غير الزمخشري ، فإنه قال في تفسير الآية من كتابه"الكشاف" ما نصه : "فإن قلت : ما معنى اشتراطه في اتقاء النار ، انتفاء إتيانهم بسورة من مثله؟ قلت : إنهم إذا لم يأتوا بها ، وتبين عجزهم عن المعارضة ، صح عندهم صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإذا صح عندهم صدقه ، ثم لزموا العناد ولم ينقادوا ولم يشايعوا ، استوجبوا العقاب بالنار . فقيل لهم : إن استبنتم العجز فاتركوا العناد . فوضع"فاتقوا النار" موضعه ، لأن اتقاء النار لصيقه وضميمه ترك العناد ، من حيث إنه من نتائجه . لأن من اتقى النار ترك المعاندة . ونظيره أن يقول الملك لحشمه : "إن أردتم الكرامة عندي ، فاحذروا سخطي" . يريد : فأطيعوني واتبعوا أمري ، وافعلوا ما هو نتيجة حذر السخط . وهو من باب الكناية التي هي شعبة من شعب البلاغة . وفائدته : الإيجاز ، الذي هو حلية القرآن ، وتهويل شأن العناد ، بإنابة اتقاء النار منابه ، وإبرازه في صورته ، مشيعًا ذلك بتهويل صفة النار وتفظيع أمرها" .
فقد تبين بهذا مراد الطبري ، وأنه أراد أن يبين أن اتقاء النار غير داخل في الشرط ، ولا هو من جوابه ، ليخرج بذلك من أن يكون معنى الكلام : قصر اتقائهم النار ، على عجزهم عن الإتيان بمثله . وتفسير الآتي دال على هذا المعنى تمام الدلالة . وهو من دقيق نظر الطبري رحمه الله وغفر للزمخشري .
(175) الخبر 503 ، 504- مسعر ، بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملتين : هو ابن كدام - بكسر الكاف وتخفيف الدال ، وهو ثقة معروف ، أحد الأعلام . عبد الملك بن مَيسرة الهلالي الكوفي الزراد ، نسبة إلى عمل الزرود : ثقة كثير الحديث ، من صغار التابعين . عبد الرحمن بن سابط الجمحي المكي : تابعي ثقة . عمرو بن ميمون الأودي : من كبار التابعين المخضرمين ، كان مسلمًا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يره .
وهذا الخبر رواه الطبري بهذين الإسنادين وبالإسناد الآتي : 507 . وفي الأول والثالث أن عبد الملك ابن ميسرة يرويه عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون ، وفي الثاني : 504"عبد الملك الزراد عن عمرو بن ميمون" مباشرة ، بحذف"عبد الرحمن بن سابط" . ولو كان هذا الإسناد وحده لحمل على الاتصال ، لوجود المعاصرة ، فإن عبد الملك الزراد يروي عن ابن عمر المتوفى سنة 74 ، وعمرو بن ميمون مات سنة 74 أو 75 . ولكن هذين الإسنادين : 503 ، 504 دلا على أنه إنما رواه عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون .
والخبر رواه الحاكم في المستدرك 2 : 261 ، من طريق محمد بن عبيد عن مسعر عن عبد الملك الزراد عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود . فهذه طريق ثالثة تؤيد الطريقين اللذين فيهما زيادة عبد الرحمن في الإسناد . وقال الحاكم : "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي . وذكره ابن كثير 1 : 1101 - 111 من رواية الطبري ، ونسبه لابن أبي حاتم والحاكم ، ونقل تصحيحه إياه ولم يتعقبه . وذكره السيوطي 1 : 36 وزاد نسبته إلى : عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، والفريابي ، وهناد بن السري في كتاب الزهد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والطبراني في الكبير ، والبيهقي في الشعب .
(176) الخبر 505- ذكره ابن كثير 1 : 111 دون أن ينسبه ، والسيوطي 1 : 36 ، ونسبه لابن جرير وحده .
(177) الأثر 506- في ابن كثير 1 : 111 دون نسبة .
(178) الخبر 507- سبق تفصيل إخراجه مع 503 ، 504 .
(179) انظر ما مضى : 255 .
(180) قوله"المشركين" من صفة قوله آنفًا : "للجاحدين" .
(181) في المخطوطة : "بالأشياء" ، وهو خطأ .
(182) الخبر 508- في ابن كثير 1 : 111 ، والدر المنثور 1 : 36 ، والشوكاني 1 : 41 .
فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)

قوله تعالى : فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين
قوله تعالى : فإن لم تفعلوا يعني فيما مضى ولن تفعلوا أي تطيقوا ذلك فيما يأتي . والوقف على هذا على صادقين تام . وقال جماعة من المفسرين : معنى الآية وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ولن تفعلوا ، فإن لم تفعلوا فاتقوا النار ، فعلى هذا التفسير لا يتم الوقف على صادقين .
فإن قيل : كيف دخلت إن على لم ولا يدخل عامل على عامل ؟ فالجواب أن إن هاهنا غير عاملة في اللفظ ، فدخلت على لم كما تدخل على الماضي ; لأنها لا تعمل في لم كما لا تعمل في الماضي ، فمعنى إن لم تفعلوا إن تركتم الفعل .
قوله تعالى ولن تفعلوا نصب ب " لن " ، ومن العرب من يجزم بها ، ذكره أبو عبيدة ، ومنه بيت النابغة :
فلن أعرض أبيت اللعن بالصفد
وفي حديث ابن عمر حين ذهب به إلى النار في منامه : فقيل لي " لن ترع " . هذا على تلك اللغة . وفي قوله : " ولن تفعلوا " إثارة لهممهم ، وتحريك لنفوسهم ، ليكون عجزهم بعد ذلك أبدع ، وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها وقال ابن كيسان : ولن تفعلوا توقيفا لهم على أنه الحق ، وأنهم ليسوا صادقين فيما زعموا من أنه كذب ، وأنه مفترى وأنه سحر وأنه شعر ، وأنه أساطير الأولين ، وهم يدعون العلم ولا يأتون بسورة من مثله .
وقوله : فاتقوا النار جواب ( فإن لم تفعلوا ) أي اتقوا النار بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم وطاعة الله تعالى . وقد تقدم معنى التقوى فلا معنى لإعادتها . ويقال : إن لغة تميم وأسد " فتقوا النار " . وحكى سيبويه : تقى يتقي ، مثل قضى يقضي . " النار " مفعولة . ( التي ) من نعتها . وفيها ثلاث لغات : التي واللت ( بكسر التاء ) واللت ( بإسكانها ) . وهي اسم مبهم للمؤنث وهي معرفة ، ولا يجوز نزع الألف واللام منها للتنكير ، ولا تتم إلا بصلة ، وفي تثنيتها ثلاث لغات أيضا : اللتان واللتا ( بحذف النون ) واللتان ( بتشديد النون ) وفي جمعها خمس لغات : اللاتي ، وهي لغة القرآن . واللات ( بكسر التاء بلا ياء ) . واللواتي . واللوات ( بلا ياء ) ، وأنشد أبو عبيدة :
من اللواتي واللتي واللاتي زعمن أن قد كبرت لداتي
واللوا ( بإسقاط التاء ) ، هذا ما حكاه الجوهري وزاد ابن الشجري : اللائي ( بالهمز وإثبات الياء ) . واللاء ( بكسر الهمزة وحذف الياء ) . واللا ( بحذف الهمزة ) فإن جمعت الجمع قلت في اللاتي : اللواتي وفي اللائي : اللوائي . قال الجوهري : وتصغير التي اللتيا ( بالفتح والتشديد ) ، قال الراجز العجاج :
بعد اللتيا واللتيا والتي إذا علتها أنفس تردت
وبعض الشعراء أدخل على " التي " حرف النداء ، وحروف النداء لا تدخل على ما فيه الألف واللام إلا في قولنا : يا الله ، وحده . فكأنه شبهها به من حيث كانت الألف واللام غير مفارقتين لها ، وقال :
من أجلك يا التي تيمت قلبي وأنت بخيلة بالود عني
ويقال : وقع فلان في اللتيا والتي ، وهما اسمان من أسماء الداهية . والوقود ( بالفتح ) : الحطب . وبالضم : التوقد . والناس عموم ، ومعناه الخصوص فيمن سبق عليه القضاء أنه يكون حطبا لها ، أجارنا الله منها . والحجارة هي حجارة الكبريت الأسود - عن ابن مسعود والفراء - وخصت بذلك لأنها تزيد على جميع الأحجار بخمسة أنواع من العذاب : سرعة الاتقاد ، نتن الرائحة ، كثرة الدخان ، شدة الالتصاق بالأبدان ، قوة حرها إذا حميت . وليس في قوله تعالى : وقودها الناس والحجارة دليل على أن ليس فيها غير الناس والحجارة ، بدليل ما ذكره في غير موضع من كون الجن والشياطين فيها . وقيل : المراد بالحجارة الأصنام ، لقوله تعالى : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أي حطب جهنم . وعليه فتكون الحجارة والناس وقودا للنار وذكر ذلك تعظيما للنار أنها تحرق الحجارة مع إحراقها للناس . وعلى التأويل الأول يكونون معذبين بالنار والحجارة . وقد جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : كل مؤذ في النار . وفي تأويله وجهان : أحدهما - أن كل من آذى الناس في الدنيا عذبه الله في الآخرة بالنار . الثاني - أن كل ما يؤذي الناس في الدنيا من السباع والهوام وغيرها في النار معد لعقوبة أهل النار . وذهب بعض أهل التأويل إلى أن هذه النار المخصوصة بالحجارة هي نار الكافرين خاصة . والله أعلم . روى مسلم عن العباس بن عبد المطلب قال قلت : يا رسول الله ، إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك ، فهل نفعه ذلك ؟ قال : ( نعم وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح - في رواية - ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ) . وقودها مبتدأ . الناس خبره . والحجارة عطف عليهم . وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف : " وقودها " ( بضم الواو ) . وقرأ عبيد بن عمير : " وقيدها الناس " . قال الكسائي والأخفش : الوقود ( بفتح الواو ) : الحطب ، و ( بالضم ) : الفعل ، يقال : وقدت النار تقد وقودا ( بالضم ) ووقدا وقدة ووقيدا ووقدا ووقدانا ، أي توقدت . وأوقدتها أنا واستوقدتها أيضا . والاتقاد مثل التوقد ، والموضع موقد ، مثل مجلس ، والنار موقدة . والوقدة : شدة الحر ، وهي عشرة أيام أو نصف شهر . قال النحاس : يجب على هذا ألا يقرأ إلا " وقودها " بفتح الواو ; لأن المعنى حطبها ، إلا أن الأخفش قال : وحكي أن بعض العرب يجعل الوقود والوقود بمعنى الحطب والمصدر . قال النحاس : وذهب إلى أن الأول أكثر ، قال : كما أن الوضوء الماء ، والوضوء المصدر .
قوله تعالى : أعدت للكافرين ظاهره أن غير الكافرين لا يدخلها وليس كذلك ، بدليل ما ذكره في غير موضع من الوعيد للمذنبين وبالأحاديث الثابتة في الشفاعة ، على ما يأتي . وفيه دليل على ما يقوله أهل الحق من أن النار موجودة مخلوقة ، خلافا للمبتدعة في قولهم إنها لم تخلق حتى الآن . وهو القول الذي سقط فيه القاضي منذر بن سعيد البلوطي الأندلسي . روى مسلم عن عبد الله بن مسعود قال كنا مع رسول الله إذ سمع وجبة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تدرون ما هذا قال قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها . وروى البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتجت النار والجنة فقالت هذه : يدخلني الجبارون والمتكبرون وقالت هذه : يدخلني الضعفاء والمساكين فقال الله عز وجل لهذه : أنت عذابي أعذب بك من أشاء وقال لهذه : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها . وأخرجه مسلم بمعناه . يقال : احتجت بمعنى تحتج ، للحديث المتقدم حديث ابن مسعود ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أريهما في صلاة الكسوف ، ورآهما أيضا في إسرائه ودخل الجنة ، فلا معنى لما خالف ذلك . وبالله التوفيق . وأعدت يجوز أن يكون حالا للنار على معنى معدة ، وأضمرت معه قد ، كما قال : أو جاءوكم حصرت صدورهم فمعناه قد حصرت صدورهم ، فمع ( حصرت ) قد مضمرة لأن الماضي لا يكون حالا إلا مع قد ، فعلى هذا لا يتم الوقف على الحجارة . ويجوز أن يكون كلاما منقطعا عما قبله ، كما قال : " وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم " . وقال السجستاني : " أعدت للكافرين " من صلة " التي " كما قال في آل عمران : واتقوا النار التي أعدت للكافرين . ابن الأنباري : وهذا غلط ; لأن التي في سورة البقرة قد وصلت بقوله : وقودها الناس فلا يجوز أن توصل بصلة ثانية ، وفي آل عمران ليس لها صلة غير ( أعدت ) .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features