نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73)

{ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً } للعباد بنعمة ربهم، وتذكرة بنار جهنم التي أعدها الله للعاصين، وجعلها سوطا يسوق به عباده إلى دار النعيم، { وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } أي: [المنتفعين أو] المسافرين وخص الله المسافرين لأن نفع المسافر بذلك أعظم من غيره، ولعل السبب في ذلك، لأن الدنيا كلها دار سفر، والعبد من حين ولد فهو مسافر إلى ربه، فهذه النار، جعلها الله متاعا للمسافرين في هذه الدار، وتذكرة لهم بدار القرار، فلما بين من نعمه ما يوجب الثناء عليه من عباده وشكره وعبادته،
نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73)

قوله تعالى : نحن جعلناها تذكرة يعني نار الدنيا موعظة للنار الكبرى ؛ قاله قتادة . ومجاهد : تبصرة للناس من الظلام . وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم فقالوا : يا رسول الله : إن كانت لكافية ، قال : فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها .
ومتاعا للمقوين قال الضحاك : أي : منفعة للمسافرين ، سموا بذلك لنزولهم القوى وهو القفر . الفراء : إنما يقال للمسافرين : مقوين إذا نزلوا القي وهي الأرض القفر التي لا شيء فيها . وكذلك القوى والقواء بالمد والقصر ، ومنزل قواء لا أنيس به ، يقال : أقوت الدار وقويت أيضا أي : خلت من سكانها ، قال النابغة :
يا دار مية بالعلياء فالسند أقوت وطال عليها سالف الأمد
وقال عنترة :
حييت من طلل تقادم عهده أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
ويقال : أقوى أي : قوي وقوي أصحابه ، وأقوى إذا سافر أي : نزل القواء والقي . وقال مجاهد : للمقوين المستمتعين بها من الناس أجمعين في الطبخ والخبز والاصطلاء والاستضاءة ، ويتذكر بها نار جهنم فيستجار بالله منها . وقال ابن زيد : للجائعين في إصلاح طعامهم . يقال : أقويت منذ كذا وكذا ، أي : ما أكلت شيئا ، وبات فلان القواء وبات القفر ، إذا بات جائعا على غير طعم ، قال الشاعر :
وإني لأختار القوى طاوي الحشى محافظة من أن يقال لئيم
وقال الربيع والسدي : المقوين المنزلين الذين لا زناد معهم ، يعني نارا يوقدون فيختبزون بها ؟ ورواه العوفي عن ابن عباس . وقال قطرب : المقوي من الأضداد يكون بمعنى الفقير ويكون بمعنى الغني ، يقال : أقوى الرجل ، إذا لم يكن معه زاد ، وأقوى إذا قويت دوابه وكثر ماله . المهدوي : والآية تصلح للجميع ، لأن النار يحتاج إليها المسافر والمقيم والغني والفقير . وحكى الثعلبي أن أكثر المفسرين على القول الأول . القشيري : وخص المسافر بالانتفاع بها لأن انتفاعه بها أكثر من منفعة المقيم ؛ لأن أهل البادية لا بد لهم من النار يوقدونها ليلا لتهرب منهم السباع ، وفي كثير من حوائجهم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features