وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ (2)

فشاهدوا أمرا ما رأوا مثله، بل ولم يسمعوا أنه جرى لأحد من المرسلين قبله نظيره، فانبهروا لذلك، ولم يدخل الإيمان في قلوبهم، ولم يرد الله بهم خيرا، ففزعوا إلى بهتهم وطغيانهم، وقالوا: سحرنا محمد، ولكن علامة ذلك أنكم تسألون من قدم إليكم من السفر، فإنه وإن قدر على سحركم، لا يقدر أن يسحر من ليس مشاهدا مثلكم، فسألوا كل من قدم، فأخبرهم بوقوع ذلك، فقالوا: { سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } سحرنا محمد وسحر غيرنا، وهذا من البهت، الذي لا يروج إلا على أسفه الخلق وأضلهم عن الهدى والعقل، وهذا ليس إنكارا منهم لهذه الآية وحدها، بل كل آية تأتيهم، فإنهم مستعدون لمقابلتها بالباطل والرد لها، ولهذا قال: { وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا } ولم يعد الضمير على انشقاق القمر فلم يقل: وإن يروها بل قال: { وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا } وليس قصدهم اتباع الحق والهدى، وإنما قصدهم اتباع الهوى،
وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ (2)

قوله تعالى : وإن يروا آية يعرضوا هذا يدل على أنهم رأوا انشقاق القمر . قال ابن عباس : اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : إن كنت صادقا فاشقق لنا القمر فرقتين ، نصف على أبي قبيس ونصف على قعيقعان ; فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن فعلت تؤمنون قالوا : نعم ؟ وكانت ليلة بدر ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يعطيه ما قالوا ; فانشق القمر فرقتين ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي المشركين : يا فلان يا فلان اشهدوا . وفي حديث ابن مسعود : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت قريش : هذا من سحر ابن أبي كبشة ; سحركم فاسألوا السفار ; فسألوهم فقالوا : قد رأينا القمر انشق فنزلت : اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا أي إن يروا آية تدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم أعرضوا عن الإيمان ويقولوا سحر مستمر أي ذاهب ; من قولهم : مر الشيء واستمر إذا ذهب ; قاله أنس وقتادة ومجاهد والفراء والكسائي وأبو عبيدة ، واختاره النحاس . وقال أبو العالية والضحاك : محكم قوي شديد ، وهو من المرة وهي القوة ; كما قال لقيط :
حتى استمرت على شزر مريرته مر العزيمة لا قحما ولا ضرعا
وقال الأخفش : هو مأخوذ من إمرار الحبل وهو شدة فتله . وقيل : معناه مر من المرارة . يقال : أمر الشيء صار مرا ، وكذلك مر الشيء يمر بالفتح مرارة فهو مر ، وأمره غيره ومره . وقال الربيع : مستمر نافذ . يمان : ماض . أبو عبيدة : باطل . وقيل : دائم . قال امرؤ القيس :
وليس على شيء قويم بمستمر
أي بدائم . وقيل : يشبه بعضه بعضا ; أي قد استمرت أفعال محمد على هذا الوجه فلا يأتي بشيء له حقيقة بل الجميع تخييلات . وقيل : معناه قد مر من الأرض إلى السماء .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features