إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)

نزلت هذه الآيات الكريمة، في أناس من الأعراب، الذين وصفهم الله تعالى بالجفاء، وأنهم أجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، قدموا وافدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدوه في بيته وحجرات نسائه، فلم يصبروا ويتأدبوا حتى يخرج، بل نادوه: يا محمد يا محمد، [أي: اخرج إلينا]، فذمهم الله بعدم العقل، حيث لم يعقلوا عن الله الأدب مع رسوله واحترامه، كما أن من العقل وعلامته استعمال الأدب.
إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)

قوله تعالى : إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون .
قال مجاهد وغيره : نزلت في أعراب بني تميم ، قدم الوفد منهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فدخلوا المسجد ونادوا النبي - صلى الله عليه وسلم - من وراء حجرته أن اخرج إلينا ، فإن مدحنا زين وذمنا شين . وكانوا سبعين رجلا قدموا الفداء ذراري لهم ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - نام للقائلة . وروي أن الذي نادى الأقرع بن حابس ، وأنه القائل : إن مدحي زين وإن ذمي شين ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ذاك الله ) . ذكره الترمذي عن البراء بن عازب أيضا .
وروى زيد بن أرقم فقال : أتى أناس النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ، فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس باتباعه ، وإن يكن ملكا نعش في جنابه . فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعلوا ينادونه وهو في حجرته : يا محمد ، يا محمد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . قيل : إنهم كانوا من بني تميم . قال مقاتل كانوا تسعة عشر : قيس بن عاصم ، والزبرقان بن بدر ، والأقرع بن حابس ، وسويد بن هاشم ، وخالد بن مالك ، وعطاء بن حابس ، والقعقاع بن معبد ، ووكيع بن وكيع ، وعيينة بن حصن وهو الأحمق المطاع ، وكان من الجرارين يجر عشرة آلاف قناة ، أي : يتبعه ، وكان اسمه حذيفة وسمي عيينة لشتر كان في عينيه ذكر عبد الرزاق في عيينة هذا : أنه الذي نزل فيه ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا . وقد مضى في آخر ( الأعراف ) من قوله لعمر - رضي الله عنه - ما فيه كفاية ، ذكره البخاري .
وروي أنهم وفدوا وقت الظهيرة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - راقد ، فجعلوا ينادونه : يا محمد يا محمد ، اخرج إلينا ، فاستيقظ وخرج ، ونزلت . وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( هم جفاة بني تميم لولا أنهم من أشد الناس قتالا للأعور الدجال لدعوت الله عليهم أن يهلكهم ) . والحجرات جمع حجرة ، كالغرفات جمع غرفة ، والظلمات جمع ظلمة . وقيل : الحجرات جمع الحجر ، والحجر جمع حجرة ، فهو جمع الجمع . وفيه لغتان : ضم الجيم وفتحها . قال :
ولما رأونا باديا ركباتنا على موطن لا نخلط الجد بالهزل
والحجرة : الرقعة من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها . وحظيرة الإبل تسمى الحجرة ، وهي فعلة بمعنى مفعولة . وقرأ أبو جعفر بن القعقاع ( الحجرات ) بفتح الجيم استثقالا للضمتين . وقرئ ( الحجرات ) بسكون الجيم تخفيفا . وأصل الكلمة المنع . وكل ما منعت أن يوصل إليه فقد حجرت عليه . ثم يحتمل أن يكون المنادي بعضا من الجملة فلهذا قال : أكثرهم لا يعقلون أي إن الذين ينادونك من جملة قوم الغالب عليهم الجهل .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features