بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81)

ثم ذكر تعالى حكما عاما لكل أحد, يدخل به بنو إسرائيل وغيرهم, وهو الحكم الذي لا حكم غيره, لا أمانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين، فقال: { بَلَى } أي: ليس الأمر كما ذكرتم, فإنه قول لا حقيقة له، ولكن { مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً } وهو نكرة في سياق الشرط, فيعم الشرك فما دونه، والمراد به هنا الشرك, بدليل قوله: { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ } أي: أحاطت بعاملها, فلم تدع له منفذا, وهذا لا يكون إلا الشرك, فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته. { فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية, وهي حجة عليهم كما ترى, فإنها ظاهرة في الشرك, وهكذا كل مبطل يحتج بآية, أو حديث صحيح على قوله الباطل فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه.
بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81)

قوله تعالى : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون
فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : بلى أي ليس الأمر كما ذكرتم . قال سيبويه : ليس " بلى " و " نعم " اسمين . وإنما هما حرفان مثل " بل " وغيره ، وهي رد لقولهم : لن تمسنا النار . وقال الكوفيون : أصلها بل التي للإضراب عن الأول ، زيدت عليها الياء ليحسن الوقف ، وضمنت الياء معنى الإيجاب والإنعام . ف " بل " تدل على رد الجحد ، والياء تدل على الإيجاب لما بعد . قالوا : ولو قال قائل : ألم تأخذ دينارا ؟ فقلت : نعم ، لكان المعنى لا ، لم آخذ ; لأنك حققت النفي وما بعده . فإذا قلت : بلى ، صار المعنى قد أخذت . قال الفراء : إذا قال الرجل لصاحبه : ما لك علي شيء ، فقال الآخر : نعم ، كان ذلك تصديقا ; لأن لا شيء له عليه ، ولو قال : بلى ، كان ردا لقوله ، وتقديره : بلى لي عليك . وفي التنزيل ألست بربكم قالوا بلى ولو قالوا نعم لكفروا .
الثانية : قوله : سيئة السيئة الشرك . قال ابن جريج قلت لعطاء : " من كسب سيئة " ؟ قال : الشرك ، وتلا ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار . وكذا قال الحسن وقتادة ، قالا : والخطيئة الكبيرة .
الثالثة : لما قال تعالى : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته دل على أن المعلق على شرطين لا يتم بأقلهما ، ومثله قوله تعالى : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ، وقوله عليه السلام لسفيان بن عبد الله الثقفي وقد قال له : يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك . قال : قل آمنت بالله ثم استقم . رواه مسلم . وقد مضى القول في هذا المعنى وما للعلماء فيه عند قوله تعالى لآدم وحواء : ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين . وقرأ نافع " خطيئاته " بالجمع ، الباقون بالإفراد ، والمعنى الكثرة ، مثل قوله تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features