يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)

قوله تعالى : يقول الإنسان يومئذ أين المفر أي يقول ابن آدم ، ويقال : أبو جهل ; أي أين المهرب ؟ قال الشاعر :
أين المفر والكباش تنتطح وأي كبش حاد عنها يفتضح
الماوردي : ويحتمل وجهين : أحدهما : أين المفر من الله استحياء منه . الثاني : أين المفر من جهنم حذرا منها . ويحتمل هذا القول من الإنسان وجهين : أحدهما : أن يكون من الكافر خاصة في عرضة القيامة دون المؤمن ; لثقة المؤمن ببشرى ربه . الثاني : أن يكون من قول المؤمن والكافر عند قيام الساعة لهول ما شاهدوا منها . وقراءة العامة المفر بفتح الفاء واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم ; لأنه مصدر . وقرأ ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة بكسر الفاء مع فتح الميم ; قال الكسائي : هما لغتان مثل مدب ومدب ، ومصح ومصح . وعن الزهري بكسر الميم وفتح الفاء . المهدوي : من فتح الميم والفاء من ( المفر ) فهو مصدر بمعنى الفرار ، ومن فتح الميم وكسر الفاء فهو الموضع الذي يفر إليه . ومن كسر الميم وفتح الفاء فهو الإنسان الجيد الفرار ; فالمعنى أين الإنسان الجيد الفرار ولن ينجو مع ذلك .
قلت : ومنه قول امرئ القيس :
مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
يريد أنه حسن الكر والفر جيده .
يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)

وقوله : ( يقول الإنسان يومئذ أين المفر ) بفتح الفاء ، قرأ ذلك قراء الأمصار ، لأن العين في الفعل منه مكسورة ، وإذا كانت العين من يفعل مكسورة ، فإن العرب تفتحها في المصدر منه إذا نطقت به على مفعل ، فتقول : فر يفر مفرا ، يعني فرا ، كما قال الشاعر :
يا لبكر انشروا لي كليبا يا لبكر أين أين الفرار
[ ص: 58 ] إذا أريد هذا المعنى من مفعل قالوا : أين المفر بفتح الفاء ، وكذلك المدب من دب يدب ، كما قال بعضهم :
كأن بقايا الأثر فوق متونه مدب الدبى فوق النقا وهو سارح
وقد ينشد بكسر الدال ، والفتح فيها أكثر ، وقد تنطق العرب بذلك ، وهو مصدر بكسر العين . وزعم الفراء أنهما لغتان ، وأنه سمع : جاء على مدب السيل ، ومدب السيل ، وما في قميصه مصح ومصح . فأما البصريون فإنهم في المصدر يفتحون العين من مفعل إذا كان الفعل على يفعل ، وإنما يجيزون كسرها إذا أريد بالمفعل المكان الذي يفر إليه ، وكذلك المضرب : المكان الذي يضرب فيه إذا كسرت الراء . وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك بكسر الفاء ، ويقول : إنما المفر : مفر الدابة حيث تفر .
والقراءة التي لا أستجيز غيرها الفتح في الفاء من المفر ، لإجماع الحجة من القراء عليها ، وإنها اللغة المعروفة في العرب إذا أريد بها الفرار ، وهو في هذا الموضع الفرار . وتأويل الكلام : يقول الإنسان يوم يعاين أهوال يوم القيامة : أين المفر من هول هذا الذي قد نزل ، ولا فرار .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features