مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)

مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
أي بإرادته وقضائه .
وقال الفراء : يريد إلا بأمر الله .
وقيل : إلا بعلم الله .
وقيل : سبب نزولها أن الكفار قالوا : لو كان ما عليه المسلمون حقا لصانهم الله عن المصائب في الدنيا ; فبين الله تعالى أن ما أصاب من مصيبة في نفس أو مال أو قول أو فعل , يقتضي هما أو يوجب عقابا عاجلا أو آجلا فبعلم الله وقضائه .وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ
أي يصدق ويعلم أنه لا يصيبه مصيبة إلا بإذن الله .يَهْدِ قَلْبَهُ
للصبر والرضا .
وقيل : يثبته على الإيمان .
وقال أبو عثمان الجيزي : من صح إيمانه يهد الله قلبه لاتباع السنة .
وقيل : " ومن يؤمن بالله يهد قلبه " عند المصيبة فيقول : " إنا لله وإنا إليه راجعون " [ البقرة : 156 ] ; قاله ابن جبير .
وقال ابن عباس : هو أن يجعل الله في قلبه اليقين ليعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه , وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه .
وقال الكلبي : هو إذا ابتلي صبر , وإذا أنعم عليه شكر , وإذا ظلم غفر .
وقيل : يهد قلبه إلى نيل الثواب في الجنة .
وقراءة العامة " يهد " بفتح الياء وكسر الدال ; لذكر اسم الله أولا .
وقرأ السلمي وقتادة " يهد قلبه " بضم الياء وفتح الدال على الفعل المجهول ورفع الباء ; لأنه اسم فعل لم يسم فاعله .
وقرأ طلحة بن مصرف والأعرج " نهد " بنون على التعظيم " قلبه " بالنصب .
وقرأ عكرمة " يهدأ قلبه " بهمزة ساكنة ورفع الباء , أي يسكن ويطمئن .
وقرأ مثله مالك بن دينار , إلا أنه لين الهمزة .وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
لا يخفى عليه تسليم من انقاد وسلم لأمره , ولا كراهة من كرهه .
مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)

يقول تعالى ذكره: لم يصب أحدًا من الخلق مصيبة إلا بإذن الله، يقول: إلا بقضاء الله وتقدير ذلك عليه (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) يقول: ومن يصدّق بالله فيعلم أنه لا أحد تصيبه مصيبة إلا بإذن الله بذلك يهد قلبه: يقول: يوفِّق الله قلبه بالتسليم لأمره والرضا بقضائه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) يعني: يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
حدثني نصر بن عبد الرحمن الوشاء الأوديّ، قال: ثنا أحمد بن بشير، عن الأعمش، عن أَبي ظبيان قال: كنا عند علقمة، فقرئ عنده هذه الآية: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) فسُئل عن ذلك فقال: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيسلم ذلك ويرضى.
حدثني عيسى بن عثمان الرملي، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن أَبي ظبيان ، قال: كنت عند علقمة وهو يعرض المصاحف، فمرّ بهذه الآية: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) قال: هو الرجل... ثم ذكر نحوه.
حدثنا ابن بشر، قال: ثنا أَبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أَبي ظبيان، عن علقمة، في قوله: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) قال: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضَى.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني ابن مهدي، عن الثوري، عن الأعمش، عن أَبي ظبيان، عن علقمة مثله ؛ غير أنه قال في حديثه: فيعلم أنها من قضاء الله، فيرضى بها ويسلم.
وقوله: (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) يقول: والله بكل شيء ذو علم بما كان ويكون وما هو كائن من قبل أن يكون.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features